إلى عهد قريب كان العائق الكبير والحجرالذي يقف عثرة في وجه من كان يريد الزواج هو (المهر)، وذلك للمبالغات التي كانت تطال المجتمع بأسره في التباهي والتفاخر بالمهر الأكبر في كثير من مناطق المملكة. إلا انه وبمرور الزمن والوقت والتطور الكبيرالذي طال جميع مجالات الحياة ومنها الوعي الثقافي والحياتي والحضاري بأهمية تيسيرالزواج خاصة في جوانب المهور والتي أدت دورها بالفعل، حيث سنت معظم شرائح المجتمع مبالغ محددة للمهور. وبالرغم من ذلك التحديد والتقنين، إلا انه حدث تطور آخر في تكاليف الزواج غير المهور التي لم تعد معضلة كبرى، حيث حدت تماماً من إقبال الشباب على الزواج بالرغم من السقف المحدد للمهور، وتلك المشكلة تتمثل في (تكاليف الإعداد لحفل الزواج) وما يصاحبها من مظاهر الترف والإسراف في الكثير من الأمور التي أثقلت كاهل الزوج بمبالغ كبيرة وشرعت باب الاقتراض المالي من البنوك على أوسع أبوابه. ولذلك قامت "الرياض" بعمل التحقيق التالي لمناقشة تلك السلبية التي تقف عائقا أمام من يريد أن يطرق أبواب الزواج في الوقت الراهن. تكاليف مرهقة في البداية تحدث الشاب محمد حسين القحطاني معلم تربية رياضية فقال:لقد فكرت بالزواج من السنة الأولى لتعييني إلا أن ذلك يحتاج للكثير من المال مما اضطرني لتجميعه قرابة الثلاثة أعوام، حيث استطعت وبصعوبة بالغة جمع ما يقارب المائة ألف ريال وتقدمت للزواج ودفعت مبلغ أربعين ألف ريال، وكنت في غاية السعادة لظني أن المبلغ المتبقي يكفي للتكاليف الأخرى ومضت الأيام وظهرت لي بعض الأمورالمكلفة التي لم احسب لها حساباً وزوجتي لا تزال في بيت أهلها وجميعها ستنفق بلامردود. عصر المظاهر وتحدثت نورة الشهري -مقبلة على الزواج- فقالت:الحياة تطورت وتبدلت ونحن نعيش اليوم عصر المظاهر ولا بد للعريس أن يفي بكل هذه المتطلبات المعتادة في الإعداد والتجهيز للزواج، وعني كفتاة مقبلة على الزواج لا أسمح مطلقاً أن اظهر اقل من غيري من الفتيات في زواجي بل لابد من التفكير في الجديد المبهر للحاضرين حتى يظهر حفل الزواج بالشكل الذي أريده واحلم به. وحول زيادة التكاليف على الزوج قالت هذا من شانه وقد وعدني أنه يستطيع أن يتدبرأموره بنفسه ربما يأخذ قرضاً من أحد البنوك المهم أن نظهر أمام الناس بالشكل اللائق والمميز. وتحدث الشاب يحيى احمد الزيداني فقال: لقد بدأت العمل في الوظيفة قبل ثلاث سنوات والى اللحظة لم استطع جمع تكاليف الزواج واحتاج لسنتين أخريين لجمع مبالغ إضافية علها تفي ببعض المطالب، وحول تلك المبالغات قال هي ثقافة مجتمع ماذا أفعل أنا بمفردي لتغييرهذه الثقافة. نورة:لست أقل من غيري محمد:مصاريفنا بلا مردود الآثار السلبية وحول ذلك تحدث الباحث الاجتماعي علي عبدالله الفلاحي فقال: إن ظاهرة ارتفاع تكاليف الزواج تنتج آثاراً سلبية تنعكس سلباً على المجتمع بشكل عام وتؤثر في بطء تقدمه وتطوره ولعل أبرز المشكلات والآثار السلبية لهذه الظاهرة تتلخص في الإحجام عن الزواج أو تأخير الزواج لكل من الشاب والشابة ودخولهم في مرحلة العنوسة، وعدم الاستقرار النفسي للشباب، وعدم الاستقرارالاجتماعي الناتج من حرمان تكوين الأسرة، إلى جانب سلوك انحرافي في إشباع الغريزة الجنسية بأشكال محرمة، وعدم الاستقرار الوظيفي للشباب، فهناك شباب من الجنسين يرغبون في الزواج ولهم نفس القدر من المال ولكن الآباء وخاصة والد الفتاة أو أمها يقفان حائلاً أمام ذلك بطلباتهما التي لا تنتهي عند سقف محدد، وقد يؤدي ارتفاع تكاليف الزواج إلى الزواج من أجنبيات وخاصة عند المغتربين في الخارج من الطلاب وغيرهم، ومن أجل توفير مؤونة الزواج قد يضطر الشباب إلى ترك الدراسة والبحث عن العمل مبكرا بأي شكل كان، كذلك تؤدي تكاليف الزواج المرتفعة في التعرض إلى القروض والاستدانة من الآخرين ودخولهم في مشكلات وهموم لا تنتهي بسرعة. تيسير الزواج وحول ذلك تحدث الشيخ عبدالرزاق العمري، وقال لاشك أن أفضل أنواع الزيجات هي الأقل في التكاليف وفي الأمور المادية، لان ذلك من البركة والخير مصداقاً لقول رسول الله اقلهن مؤنة أفضلهن بركة وبعض الصحابة رضي الله عنهم تزوج بخاتم من فضة فقط، والبعض بما يحفظ من القرآن الكريم وما نراه اليوم من أمور المباهاة في تكاليف وأمور الزواج وما يحدث بها من إسراف عظيم لاشك أن ذلك من الأمور المحرمة شرعاً وتؤدي إلى عواقب مالية ودينية سلبية تؤثر على هذا الشاب في حياته، وإنني من هنا أناشد الجميع بتسهيل وتيسير التكاليف والاختصار والاقتصار على أهل العروسين وبتكاليف محدودة للغاية حتى نكسب رضا الله جل وعلا من جهة ونحد من هذه المرهقات المادية التي حطمت ودمرت الشباب ولتستقم حياة الشباب من أول يوم على الخير واليسر والبركة ولنساهم جميعاً في الحد من عزوف الشباب والشابات عن الزواج ولنكن قدوة تحتذى في مظاهرالخير واليسر والبركة في تكاليف الزواج. الحلول والمقترحات وقدم الباحث الفلاحي جملة من الحلول والمقترحات لتجاوز مشكلة تكاليف الزواج، ومن ذلك حث أفراد المجتمع على سبل وطرق تيسر الزواج سواء من خلال الإعلام أو حتى الخطب والمواعظ الدينية، والالتفات للقدوات الحسنة في المجتمع وعدم النظر والانسياق وراء الآخرين، إلى جانب الإشادة بمن يسر أمور الزواج إعلامياً ومجتمعياً. دقائق كوشة الفرح تكلف عشرات الآلاف وتظل ديناً لسنوات