بعد لحظات من الصمت، انطلقنا أنا والعزيز أسامة لنقولها في نفس واحد: "قناديل عم يحيى". ثم انفجرنا ضاحكين، فقد عثرنا معاً على ضالتنا.
وأسامة هو المبدع الأديب أسامة فرج، وشريكي في التواصل مع الأطفال في مجلاتهم. هو بالكتابة وأنا بالرسم. والرسم لما يبدع (...)
السادة الأفاضل الأماجد الأعاظم الأشاوس، سكان الأدوار العليا في بنايتكم المسماة بالكرة الأرضية. وأنا أقول بنايتكم، على رغم علمي بأن الكرة الأرضية - أو الدنيا - كانت مشاعاً لنا منذ بدء الخليقة. بل على حد علمي أيضاً أننا نحن سكان الطوابق السفلية كنا من (...)
على رغم محبتي للسفر، بل عشقي الشديد له، لدرجة أن الزملاء أطلقوا عليّ اسم بهجتورز بدلا من بهجتوس، وهي الشخصية الكاريكاتورية التي ابتدعتها في كتابي "الديكتاتورية للمبتدئين". على رغم هذا العشق، إلا أنني ما زلت أحس بالتمزق العاطفي الشديد في كل مرة أنوي (...)
عشت عصرين مختلفين تمام الاختلاف، كلاهما على النقيض من الآخر، كأني انتقلت من عالم إلى عالم آخر.
العصر الأول نشأت فيه، وعشت في احضانه مراحل طفولتي وصباي وشبابي، وأيضاً مرحلة النضوج، أو كما يسميها البعض سن الرجولة. لذلك أعتقد أنني قد عرفت هذا العصر (...)
العزيز الغالي المبدع المناضل الشهيد غسان كنفاني.
لن أقول سلاماً وتحية لأنك ما زلت تسكن قلبي وقلوب محبيك، وما زلت ملء السمع والبصر في عيون من عرفوك عن قرب أو من يعيش ويتغذى من إبداعك الذي خطّه قلمك وريشتك.
حضرت منذ شهور مناقشة رسالة للباحثة (...)
أعترف مقدماً بأنه ليست لي صلة بالاقتصاد من قريب أو من بعيد، فقد نشأت في اسرة متوسطة الحال، أغلب أفرادها كانوا يشتغلون إما في التعليم، أو في وظائف حكومية بسيطة. وكذلك كانت قراءاتي - كفنان تشكيلي - محصورة في الأدب والفن والتاريخ والفلسفة وغيرها من (...)
هل يحق لي أن أعرض، في هذه الزاوية، بعض الاحلام الصغيرة للغاية والتي قد تبدو احلاماً شخصية تكاد تخصني وحدي، ومن يجاورني في الحي الذي اسكن فيه؟ هذا على رغم أنني عندما عرضتها على بعض الاصدقاء من العالم العربي، قاسموني هذا الحلم، لانه اصبح ظاهرة تكاد (...)
أدرت المذياع، وقبل أن أبحث عن إحدى المحطات التي تناسبني، اذا بصوت قوي جهير، يتحدث بثقة عن الفنون ودورها في الحياة. جلست استمع إليه باهتمام، فقال - لا فض فوه - ان الفنون هي من أهم علامات رقيّ الأمم وعنوان حضارتها. جميل - قلت في نفسي - لكنه استطرد (...)
منذ أن بدأت أعي ما حولي مبهوراً كنت أشاهد أبي يتعامل مع هذا الجهاز العجيب الذي قال - بعد سؤالي - إن اسمه "الفونوغراف" - ويبدأ تشغيله بلف ذراع الجهاز، فقد كان يدار باليد وليس بالكهرباء. ثم يختار من أحد الأدراج اسطوانة سوداء يخرجها من غلافها بحرص (...)
كان عنوان الحلقة السابقة في هذه الزاوية "وقد أكون مخطئاً"، وقلت إنني كنت أتمنى أن يكون هذا العنوان هو عنوان الزاوية الرئيسي بدلاً من "أحلام صغيرة". وما زالت هذه الخاطرة تلح على مخيلتي حتى الآن، لا عن عدم ثقة في النفس، ولا عن تواضع - لا سمح الله - (...)
اعتدت منذ زمن طويل على أن أتوقف لفترة من الوقت عن العمل - سواء كان كتابة أو رسماً - وحتى عن المطالعة، وكذلك مشاهدة الوسائل البصرية من مسرح وسينما وتلفزيون. أتوقف عن هذا كله، وأبدأ في وقفة مع النفس، مراجعة شاملة لكل ما قمت به من أعمال وأفعال خلال (...)
عندما بلغتُ سن الستين، أحالوني - كفنان تشكيلي - الى التقاعد. وهذا غريب بعض الشيء من وجهة نظري، فالفن بالذات ليست له سن للتقاعد. فعلى سبيل المثال نرى المبدعة العظيمة السيدة أمينة رزق، أطال الله في عمرها، تزداد تألقاً عاماً بعد عام، بل اصبحت مثلاً (...)
دائماً أكرر أنني فعلاً محظوظ في حياتي على مدى الأيام والسنين. بدأ الحظ منذ أن ولدت، عندما اختارت لي اسرتي اسماً فيه معنى البهجة، في زمن كان الأهل عادة يطلقون علي ابنائهم - خوفاً من الحسد - اسماء سخيفة مثل خيشة!! او شحتة!! اما البنات، فقد كانوا (...)
على رغم أن طبول الاحتفال باستقبال الألفية الثالثة مازالت تدوي في أسماعنا، بضجيج كاذب يكاد يصم الآذان، اذا بزفة أخرى تهل علينا من خلال أجهزة الاعلام، مقروءة ومسموعة ومرئية، بضجيج أعلى وأشد وبريق يكاد يعمي الأبصار، تؤكد لنا بشكل قاطع أننا مازلنا نعيش (...)
أجمل ما قرأتُ منذ نشأتي ودخولي الى عالم الإبداع الأدبي الرائع، وحتى الآن، وأزعم أنني قارئ نهم، رواية "الأمير الصغير" للأديب انطوان دو سانت اكزوبري فهي - من وجهة نظري - من أمتع ما قرأت الى الآن.
قرأتها طفلاً فانبهرت بها. وعندما أعدتُ قراءتها في شبابي (...)
على صدى دقات الطبول التي تكاد تصم الآذان، احتفاءً باستقبال الألفية الثالثة، انطلقت، وتناثرت ايضاً من اقلام الصحافيين، ومن أفواه المذيعين وضيوفهم من المتحدثين في بقية اجهزة الاعلام المسموعة والمرئية أصوات لها رنين الطبول - إن لم تكن أشد - تتحدث عن (...)
الحمد لله على الفقر والجدعنة. هذا كان شعارنا عندما قررنا الزواج أنا وشريكة حياتي. أما الفقر فقد كان بالفعل هكذا، فأنا في ذلك الوقت كنت أعمل كرسام في مجلتي "روزاليوسف" و"صباح الخير"، وكانت مرتباتنا متواضعة بالنسبة لنظرائنا في الجرائد والمجلات الاخرى، (...)
في وقفة مع النفس، تداعت ذكريات من الماضي واختلطت بما يحدث في هذه الأيام. وبالمقارنة أحسست بالهوة الشاسعة بين سلوك الناس في الماضي وسلوكهم الآن.
فعندما كنت صغيراً، كنا نقيم في حي شعبي عريق في القاهرة. وكانت لشهر رمضان المعظم تقاليد وطقوس متوارثة على (...)
من بين الكائنات التي تشاركنا الحياة على ظهر الأرض، أحس بإعزاز خاص ومودة خالصة للأشجار على اختلاف أنواعها. وأكاد أشعر أن الأشجار أيضاً تحمل لي المودة والإعزاز نفسيهما.
بدأت هذه المشاعر مبكرة منذ الطفولة مع شجرة توت كانت تجاور بيتنا. كانت متوسطة (...)
في غرفتي الصغيرة، التي يسميها بعض الأصدقاء "وكر الملذات" لا لشيء - لا سمح الله - إلا لأن بها مكتباتي الثلاث... مكتبة الكتب المعتادة والتي تحوي ما لذّ وطاب من أنواع الكتب رواية وشعراً وتاريخاً وفنوناً تشكيلية وخلافه. والى جانبها مكتبتي الموسيقية التي (...)
منذ بدء الخليقة، والانسان في سعي دائم لكي يجعل الحياة اسهل وأبسط وأجمل. وعلى جدران الكهوف التي سكنها الانسان الأول بدأ يعبر بالرسم عن آماله واحلامه وطموحه. صور الوحوش الكاسرة التي كانت تخيفه وتنغص عليه عيشته، حاربها وانتصر عليها في رسومه. ثم كان له (...)
جاءني أحد اصدقائي الشباب الذي تزوج حديثاً يشكو زوجته فقلت له على الفور: قبل أن تبدأ في الشكوى من زوجتك، وعلى الرغم من أنني لا أعرفها، أعتقد أنني سأكون في صفها.
فوجئ صديقي، وقال في مرارة: حتى انت يابروتس! لقد اخترتك بالذات لأنك أحد القلائل، بل قل (...)
تنهدت زوجتي بعمق وهي تقول لنفسها: "دليلي احتار وحيرني". ولما كانت هذه الكلمات هي مطلع أغنية للسيدة أم كلثوم، فقد صحتُ مهللاً: الله يا ست... أعد... أعد، ولكني اكتشفت من نظرتها المؤنبة أنها لم تكن تستعد للغناء، وإنما كانت تقصد الشكوى لله - باعتبار أن (...)
طلبت مني إحدى دور النشر اعداد كتاب للتلوين، أي أن تكون في الكتاب صفحة مرسومة وملونة، وفي الصفحة المقابلة الرسم نفسه من دون ألوان، ليلونه الأطفال. وأنا شخصياً لا أحبذ هذا النوع من الكتب، لأنه قد يعلم الاطفال المهارة في استخدام الألوان المطلوبة (...)
كوكب الشرق، السيدة أم كلثوم، التي أجبرت بشدوها كل الرؤساء والزعماء والحّكام العرب - على غير عادتهم - على السكوت والانصات لصوتها...! ناهيك عن أبناء الشعب الذين تعودوا على ذلك منذ القدم...! هذه السيدة المعجزة في ابداعها كانت تحكي عن طفولتها حين كان (...)