أمير القصيم ييتفقد المرافق البلدية والخدمية شمال مدينة بريدة    عاصفة ثلجية تضرب ولايات الساحل الشرقي الأمريكي    60 شاحنة أولى طلائع الجسر البري الإغاثي السعودي لمساعدة الشعب السوري الشقيق    الأمير محمد بن سلمان يهنئ ملك البحرين وأمير وولي عهد الكويت    جمعية المساجد بالزلفي تُحدث نقلة نوعية في مشاريع بناء المساجد بتطبيق كود البناء السعودي    جمعية تحفيظ القرآن الكريم بشقراء تكرم الفائزين بجائزة الجميح بأكثر من 100 ألف ريال    مجمع الملك عبدالله الطبي بجدة يُنقذ خمسيني بإعادة بناء جدار القفص الصدري الأمامي    انطلاق «المسار البرتقالي» لمترو الرياض.. واكتمال تشغيل المسارات ال 6    اضطرابات في حركة الطيران بألمانيا نتيجة سوء الأحوال الجوية والثلوج    أمانة الشرقية تنهي سلسلة من المشاريع التطويرية في 2024    سعود بن نايف يستقبل سفير جمهورية السودان ومدير جوازات المنطقة الشرقية    رئيس وأعضاء لجنة أهالي البكيرية يشكرون أمير القصيم على رعايته "يوم الوفاء السابع"    المرور : استخدام "الجوال" يتصدّر مسببات الحوادث المرورية في الجوف    هيئة التأمين ُتبين منافع وثيقة التأمين على العيوب الخفية لحماية المشاريع الإنشائية وضمان جودتها    «الإحصاء»: انخفاض استهلاك المياه الجوفية غير المتجددة بمقدار 7% في عام 2023    مهرجان الحمضيات التاسع يسجّل رقمًا قياسياً بحضور أكثر من 70 ألف زائر    قوات الاحتلال الإسرائيلي تعتقل شابين وتداهم منازل في الخليل    بعد إغلاق «الهدا».. متى يتحرك طريق السيل ؟    بقايا طريق أحد القنفذة يهدد الأرواح.. وجهات تتقاذف المسؤولية    مستشفى الشرائع في انتظار التشغيل.. المبنى جاهز    هل تصبح خطوط موضة أزياء المرأة تقنية ؟    5 تصرفات يومية قد تتلف قلبك    البحرين بطلاً لكأس «خليجي 26»    «عون الحرم».. 46 ألف مستفيد من ذوي الإعاقة    إسطبل أبناء الملك عبدالله يتزعم الأبطال بثلاث كؤوس    فاتح ينطلق مع الشباب بمواجهتي الفيحاء والأهلي    أرض العُلا    رضيع بدوام يجني 108 آلاف دولار في 6 شهور    «تليغرام» يتيح التحقق من الحسابات بتحديث جديد    وصول الطائرة الإغاثية السعودية الخامسة إلى مطار دمشق الدولي    الداخلية أكدت العقوبات المشددة.. ضبط 19541 مخالفًا لأنظمة الإقامة وأمن الحدود    جمعية «صواب» بجازان تسيّر أولى رحلات العمرة ل«40» متعافياً من الإدمان    4,494 حقيبة إيوائية لقطاع غزة    «911» تلقى 2,606,195 اتصالاً في 12 شهراً    وفاة والدة الأمير الوليد بن طلال بن عبدالعزيز آل سعود    المهرجانات الشتوية.. إقبال متزايد على الفعاليات المتنوعة    الصندوق الثقافي يعزز قدرات رواد الأعمال في قطاع الأزياء    القيادة تعزي الرئيس الأمريكي في ضحايا الحادث الإرهابي الذي وقع في مدينة نيو أورليانز    ما مصير قوة الدولار في 2025 ؟    انطلاق ملتقى دعاة «الشؤون الإسلامية» في نيجيريا    الكذب على النفس    في الجولة 15 من دوري" يلو".. العربي في مواجهة الصفا.. والباطن في ضيافة العدالة    زيارة وفد الإدارة الجديدة للرياض.. تقدير مكانة المملكة ودعمها لاستقرار سوريا وتطلعات شعبها    استشاري ل«عكاظ»: 5 نقاط مهمة في كلاسيكو كأس الملك    مخلفات العنب تعزز علاجات السرطان    الإنسان الواقعي في العالم الافتراضي    مشكلات بعض القضاة ما زالت حاضرة    الفاشية.. إرهاب سياسي كبير !    المرأة السعودية من التعليم إلى التمكين    ماريسكا: على تشيلسي أن يكون أكثر حسما    تأخر المرأة في الزواج.. هل هو مشكلة !    القيادة التربوية نحو التمكين    البرد لم يمنع نانسي ورامي من رومانسية البوب    ظلموه.. فمن ينصفه؟    حركية المجتمع بحركية القرار    كيف تُخمد الشائعات؟    2.6 مليون اتصال للطوارئ الموحد    الكلية الأمنية تنظّم مشروع «السير الطويل» بمعهد التدريب النسائي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قناديل عم يحيى
نشر في الحياة يوم 03 - 10 - 2000

بعد لحظات من الصمت، انطلقنا أنا والعزيز أسامة لنقولها في نفس واحد: "قناديل عم يحيى". ثم انفجرنا ضاحكين، فقد عثرنا معاً على ضالتنا.
وأسامة هو المبدع الأديب أسامة فرج، وشريكي في التواصل مع الأطفال في مجلاتهم. هو بالكتابة وأنا بالرسم. والرسم لما يبدع الكتاب - في وجهة نظري - لا يكون مجرد زينة، ولا يكون أيضا رسماً توضيحياً لما يكتب، بل يجب أن يكون الرسم متوازياً ومكملاً للكتابة. لهذا توازينا - أسامة وأنا - وتكاملنا حتى اننا عندما قررنا أن نختار عنواناً لمجموعة من الأعمال للأديب الكبير يحيى حقي، انطلقنا لنقول في نفس واحد: "قناديل عم يحيى"!
وعلى رغم أن أسامة من جيل غير جيلي، فهو أصغر مني كثيراً، إلا أنني أحس أنه يعبر بالكلمات عن نفس ما أحب أن أعبر عنه بالريشة والألوان. ولهذا كانت لنا أعمال مشتركة كثيرة، منها كتاب "أشياء" الذي أعتقد أنه أسعد الأطفال كثيراً، فهو يتحدث عن تاريخ أشياء مثل القلم والكرسي والحبل والورقة والحجر والعصا والحذاء وغيرها. وهي ليست مجرد تأريخ جاف لهذه الأشياء، بل هي وجبة شهية من المعلومات العامة تحمل الكثير من المتعة والمعرفة. ففي حديثه عن الحذاء مثلاً يحكي لنا تاريخ ما يلبس وأشكاله وأنواعه منذ بدء الخليقة حتى الآن. وكيف أن أغلى حذاء كلف خمسة وثمانين ألف دولار، لأنه كان مرصعاً باللؤلؤ لطاغية افريقيا الوسطى الامبراطور بوكاسا، آكل لحوم البشر، الذي ألقي هو وحذاؤه في مزبلة التاريخ! ولا ينسى أن يحكي لنا عن "شجرة الدر" التي حكمت مصر في قديم الزمان وكيف ماتت ضرباً "بالقباقيب"، والقبقاب هو الحذاء الخشبي الذي يستخدم في الحمام. ثم يصل الى الحذاء التاريخي الذي خلعه خروتشوف من قدمه ليهدد به في الأمم المتحدة!
أعتقد أنني استمتعت كثيراً بقراءته قبل استمتاعي برسمه. وهذا في رأيي هو الأسلوب المثالي للكتابة والتواصل مع الأطفال، حين يستمتع الصغار والكبار على السواء.
ونعود إلى قناديل عم يحيى، حيث كنا - اسامة وأنا - نقدم أعمال كبار المبدعين من الأدباء والشعراء العرب لأبنائنا من الأطفال. وقمنا بالفعل بتقديم مختارات من رائعة من روائع الأديب العالمي نجيب محفوظ - صاحب نوبل - هي رواية "حكايات حارتنا" التي تحمل في جنباتها شيئاً من السيرة الذاتية للكاتب. وقد قدمناها كما هي بأسلوب الكاتب الكبير نفسه من دون تبسيط حتى يتذوق الفتيان اسلوبه في الكتابة. وكان اسامة يكتب ملحوظة في آخر كل فصل يشرح فيها ما قد يصعب على القارئ الطفل استيعابه. وكانت رسومي تتكامل مع ملحوظات اسامة. وقد نجحت الفكرة، وجمعت في كتاب بعد نشرها مسلسلة في المجلة وأعجبت عمنا الكبير نجيب محفوظ أيضاً.
كذلك قدمنا أيضاً بعض إبداعات الشاعر الشعبي الكبير فؤاد حداد، تحت عنوان "المسحراتي" في شهر رمضان المعظم. وعلى رغم ان الفنان سيد مكاوي سبق أن لحنها وغناها بصوته في الإذاعة والتلفزيون إلا أنها كان لها وقع آخر عن القارئ مكتوبة ومرسومة.
لهذا فكرنا - أسامة وأنا - أيضاً أن نقدم لعمنا الأديب الكبير يحيى حقي بعضاً من روائعه، واخترنا معا عنوان "قناديل عم يحيى" لعدة أسباب، أولها أن عم يحيى هو صاحب الرواية الذائعة الصيت "قنديل أم هاشم" وآخرها هي أن كتابات عم يحيى كانت قناديل أنارت لنا طريقنا نحن أبناء الأجيال السابقة. لذلك أحببنا أن نهديها بالتالي إلى جيل المستقبل، رغبة منا وايماناً بضرورة تواصل الأجيال. ولأن عمنا يحيى له باع كبير في مجال الرواية والقصة القصيرة. حتى مقالاته التي اعتاد أن ينشرها في صحف ومجلات غير ذائعة الصيت، كانت إبداعاً خالصاً.
ولكتاباته في أماكن غير ذائعة الصيت بالذات حكاية. فعندما قامت ثورة تموز يوليو 1952 في مصر، عين عمنا يحيى مديراً لمصلحة الفنون التي كانت تمثل وتقوم مقام وزارة الثقافة في تلك الأيام. وعادة عندما يحدث تغيير في شكل المجتمعات عموماً، سرعان ما يسعى المتسلقون من أصحاب المواهب المتواضعة والنفوس الضعيفة. أو من سميناهم في ذلك الوقت بالإنتهازية الوطنية!! سرعان ما يقفز هؤلاء في محاولة للتقرب من السلطة بإزاحة من حولها من أصحاب الكفاءات الحقيقية. وقد نجحوا بالفعل مع المبدع الكبير المسالم الوديع عم يحيى. وخرج من مصلحة الفنون مغضوباً عليه من السلطة بعد أن وضع في أثناء توليه العمل أغلب لبنات الانجازات الثقافية التي تمت في ما بعد. وانزوى عمنا الكبير.
ولأنه مبدع عظيم يحمل بين جنباته الرغبة العارمة في تغيير الدنيا للأحسن، إن لم يكن عاجلاً فآجلا، قرر عم يحيى أن يستمر في الإبداع حتى لو نشر في الظل، فسيأتي اليوم لترى إبداعاته النور، ولتصبح قنديلاً ينير لنا طريقنا. وقد كان لأنه لا يصح إلا الصحيح، ولا يبقى إلا الأصح.
فقد قام الأديب والناقد الكبير فؤاد دواره بجمع دُرَر عم يحيى المطمورة في صدفات الجرائد والمجلات وصنفها وأعاد إليها بريقها، فكانت نبراساً لنا، مثل "عطر الأحباب" و"خليها على الله" و"صح النوم" و"من فيض الكريم" و"تراب الميري" و"يا ليل يا عين" و"كناسة الدكان" وغيرها وغيرها.
وها نحن أيضاً - أسامة وأنا - نحاول أن نمد بعضاً من ضياء قناديل عم يحيى إيماناً راسخاً بضرورة تواصل إبداع الأجيال في مواجهة ما يسمى بالعولمة! وحتشى لا نفقد هويتنا في هذا الزمن الوغد. وحتى لا نندثر وتندثر حضارتنا وتراثنا معنا.
ترى هل ننجح جميعاً في التصدي لزوبعة العولمة الهوجاء؟
أحلم بذلك.
بهجت عثمان
فنان تشكيلي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.