استقرار أسعار الذهب عند 2917.90 دولارًا للأوقية    وزارة التعليم و"موهبة".. تعلنان عن اكتشاف 29 ألف موهوب في المملكة    هجوم إسرائيلي على فيلم وثائقي فاز بجائزة الأوسكار صنعه فلسطينيون و اسرائيليين    انطلاق مؤتمر بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية في نسخته الثانية تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين    جمعية البر الخيرية بالنويعمة توزع أكثر من 800 سلة غذائية على مستفيديها    سمو أمير منطقة تبوك يستقبل عضو مجلس الشورى احمد الحجيلي    الاحتلال يقضم أراضي الضفة.. وفلسطين تطالب بتدخل دولي    في الجولة ال 24 من دوري روشن.. الاتحاد في اختبار القادسية.. وديربي العاصمة يجمع النصر والشباب    في ذهاب ثمن نهائي يوروبا ليغ.. مانشستر يونايتد في ضيافة سوسيداد.. وتوتنهام يواجه ألكمار    ولي العهد يهنئ شتوكر بأدائه اليمين مستشاراً اتحادياً للنمسا    نائب أمير منطقة مكة يرأس اجتماع لجنة الحج المركزية    محافظ الطائف يشارك فرع وزارة الصحة حفل الإفطار الرمضاني    أفراح البراهيم والعايش بزفاف محمد    بيئة عسير تقيم مبادرة إفطار صائم    حرم فؤاد الطويل في ذمة الله    17.6 مليار ريال إنفاق أسبوع.. والأطعمة تتصدر    الزهراني يحصد جائز التميز    ابنها الحقيقي ظهر بمسلسل رمضاني.. فنانة تفاجئ جمهورها    تفاصيل مهرجان أفلام السعودية ب"غبقة الإعلاميين"    مشروع الأمير محمد بن سلمان يجدد مسجد الحزيمي بالأفلاج    تحذيرات أممية من شح الغذاء في القطاع.. وجنوب إفريقيا: إسرائيل تستخدم التجويع سلاحاً للإبادة الجماعية    نائب أمير منطقة مكة يشارك الجهات و رجال الامن طعام الإفطار ‏في المسجد الحرام    جمعية التنمية الأهلية بأبها تطلق برنامجي "أفق الرمضاني" و"بساتين القيم"    همزة الوصل بين مختلف الجهات المعنية بخدمة ضيوف الرحمن.. مركز عمليات المسجد الحرام.. عين الأمن والتنظيم في رمضان    8 فحوصات مجانية بمراكز الرعاية الصحية.. تجمع مكة الصحي يفعل حملة «صم بصحة»    طبيبة تستخرج هاتفًا من معدة سجين    تعليم جازان يطلق جائزة "متوهجون"    فوز برشلونة وليفربول وبايرن ميونخ في ذهاب الدور ثمن النهائي في دوري أبطال أوروبا    الاتفاق يتعثر أمام دهوك العراقي في ذهاب نصف نهائي أبطال الخليج    14 تقنية مبتكرة في البيئات الصناعية بالسعودية    أمين الجامعة العربية: السلام خيار العرب الإستراتيجي    المملكة تؤكد التزامها بأحكام اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية    مشروع "ورث مصحفًا" يستهدف ضيوف الرحمن بمكة بثمان وعشرين لغة    2.8% انخفاض استهلاك الفرد للبنزين    تركي آل الشيخ وTKO يعلنان عن إطلاق منظمة جديدة للملاكمة بالشراكة مع "صلة"    "تعليم الطائف":غداً إيداع أكثر من 4 ملايين ريال في حسابات مديري المدارس    «سلمان للإغاثة» يوزّع 48 سماعة أذن للطلاب ذوي الإعاقة السمعية في محافظة المهرة    أهالي الدوادمي يشاركون في تسمية إحدى الحدائق العامة    نخيل العلا.. واحات غنية تنتج 116 ألف طن من التمور سنويًا    أمير حائل يشهد حفل تكريم الفائزين بمسابقة جزاع بن محمد الرضيمان    الاتحاد أكمل تحضيراته    غونزاليس: ندرك قوة الاتحاد    الصين تصعّد سباق التسلح لمواجهة التفوق الأمريكي في آسيا    أوروبا تبحث تعزيز قدراتها الدفاعية بعد تعليق الدعم الأمريكي لأوكرانيا    لغة الفن السعودي تجسد روحانية رمضان    ترمب وكارتلات المخدرات المكسيكية في معركة طويلة الأمد    محافظ جدة يُشارك أبناءَه الأيتام مأدبة الإفطار    40 جولة لتعطير وتطييب المسجد النبوي    كيف نتناول الأدوية في رمضان؟    محافظ الخرج يشارك رجال الأمن الإفطار في الميدان    "مشروع الأمير محمد بن سلمان" يجدد مسجد القلعة    وزير الدفاع ونظيره السلوفاكي يناقشان المستجدات الدولية    5 نصائح لضبط أعصابك في العمل    أمير جازان يستقبل منسوبي الأمارة المهنئين بشهر رمضان    التسامح.. سمة سعودية !    4 ملايين فحص لنقل الدم بالمناطق    وزير الدفاع يبحث مع نظيره السلوفاكي المستجدات    محافظ الطائف يشارك قادة ومنسوبي القطاعات الأمنية بالمحافظة الإفطار الرمضاني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



... فهذه قضية أخرى!
نشر في الحياة يوم 21 - 03 - 2000

عندما بلغتُ سن الستين، أحالوني - كفنان تشكيلي - الى التقاعد. وهذا غريب بعض الشيء من وجهة نظري، فالفن بالذات ليست له سن للتقاعد. فعلى سبيل المثال نرى المبدعة العظيمة السيدة أمينة رزق، أطال الله في عمرها، تزداد تألقاً عاماً بعد عام، بل اصبحت مثلاً يحتذى به في الجدية والالتزام والإبهار الشديد في ابداعها المستمر. هذا في مجال فن التمثيل الذي يحتاج الى امكانات خاصة قد لا يحتاجها مجال الابداعات الاخرى. والشاعر القدير - الغائب الحاضر - نزار قباني، مازالت قصائده العاطفية التي أبدعها، وقد تخطى سن السبعين، يشدوا بها العديد من المطربات، والمطربين، فنحس بصدقيتها العالية، وكأنها تنبع من اعماق احاسيس هؤلاء الشباب. وهذا الحضور لا يحجب ابداً دور الاجيال الجديدة من المبدعين الشبان في التعبير عن انفسهم، بل يثيرها، لأن الفن - في تصوري - يزداد تألقاً وجمالاً بتواصل الاجيال.
ولكن، تلك قضية أخرى. فقد كنت اتحدث عن تقاعدي وعدم خروجي بالتالي لمكان العمل، وبذلك اصبح منزلي هو نفسه مقر عملي. فقلّت حركتي، وكان من المهم أن أزاول رياضة المشي لتحريك عضلات الجسم وتنشيط الدورة الدموية. وعلى رغم أنني اسكن في حي هو جزيرة في نيل القاهرة، تحيطه مياهه من كل جانب، لذا كان الحي مكاناً مثالياً لممارسة رياضة المشي والتريض. هذا في الاعوام السابقة حين كنا نأخذ ابناءنا لنقضي عطلة الاسبوع على ضفافه مستمتعين بشمس الشتاء الدافئة او بعد غروبها صيفاً.
الآن، وعندما بدأت أحاول أن أمارس حقي كمواطن في استمتاعي برؤية النيل السعيد والسير للتريض على ضفافه، اكتشفت أن النيل اختفى!!. فقد احيط في اغلب نواحي الجزيرة بأبنية أو بأسوار عالية مختلفة الاشكال والألوان، قبيحة الشكل والمنظر، بعضها لمطاعم او كازينوهات وفنادق - ذات الخمس نجوم على الاقل - أما البعض الآخر فقد كان لنوادٍ خاصة لبعض الفئات المتميزة في المجتمع، وبذلك اصبح الاستمتاع برؤية النيل حكراً على الفئة القادرة من المجتمع فقط، أو للسياح.
أما الناحية الأخرى من الجزيرة، والتي كانت تطل على الفرع الاضيق من مجرى النيل فقد اصبحت أدهى وأمر، صارت مقلباً لنفايات اهل الحي. وتساءلت في فزع، هل ما حدث سببه الفردية، وعدم الاحساس بالمسؤولية الجماعية؟ أم هو إهمال مجلس الحي؟ أم كلاهما معاً؟
ولكن، تلك ايضا قضية اخرى...
المهم انني اضطررتُ اخيراً ان امارس رياضة المشي في شارع الحي العمومي، متنازلاً عن بقية حقي كمواطن من ابناء النيل في رؤية أبي - أقصد النيل طبعاً - أما شارع الحي العمومي، فقد وجدته صورة صارخة للقرن الواحد والعشرين، عوادم التكنولوجيا - اقصد السيارات - تكاد تخنقنا، وثورة الاتصالات، بأصوات اجهزة الراديو والتلفزيون مع اصوات المتحدثين على طول الطريق في اجهزة المحمول، مختلطة بأصوات الباعة الجائلين معلنين عن بضائعهم، على انغام سارينات وأبواق الحافلات والشاحنات تكاد تصم الآذان وتصيبنا بتلوث سمعي يخجل من وقعه التلوث البيئي.
أما العولمة على الطريقة العربية فحدّث ولا تخف. فالاسماء العربية اختفت من على واجهات المحلات والمتاجر واستبدل اغلبها بأسماء كتبت بلغة أجنبية. فبقالة الاخلاص اصبح اسمها سوبر ماركت هاي لايف! وخردواتي الامانة صار اسمه بوتيك لورا، حتى بائع الفول والفلافل - أكلتنا الشعبية العريقة - فقد كتب على دكانه بحروف لاتينية "فولي جود!!"
استوقفتني صبية صغيرة تحمل حذاء بينما كنت سائراً في شارع القرن الواحد والعشرين لتسألني عن المحل الذي يصلحون فيه ال Shoes !! أي والله.. الشوز.
ماذا أقول؟ وماذا أفعل؟ فقط أحلم أن أبحث عن "الصرماتي" الذي كان يصلح لنا "الصرمايات" قبل ان نسميها أحذية... وأخيراً Shoes!!.
ولا تسألوني لماذا أحلم بالصرماتي، فهذه قضية أخرى.
بهجت عثمان


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.