أمين منطقة القصيم يلتقي مدير مكتب جمعية الوداد الخيرية بالمنطقة    أمانة الطائف تجهز سجادة زهور ضخمة بمنتزه الردف    الاتحاد يتغلّب على العروبة بثنائية في دوري روشن للمحترفين    شركة "لسان الميزان – محامون ومستشارون" تستقبل الدكتور محمد بادغيش في جازان    الجاسر ريادة المعرفة والتنوير في قلب الجزيرة العربية    مستشفى أحد رفيدة يُنفّذ فعالية "اليوم العالمي للصحة"    قطاع ومستشفى تنومة يُفعّل "التوعية بالقولون العصبي"    قطاع ومستشفى ظهران الجنوب يُفعّل "التوعية بالقولون العصبي"    الوحدة يكسب ضمك بهدف في دوري روشن للمحترفين    هيئة تقويم التعليم والتدريب تُتيح تقارير أداء المدارس لأكثر من مليوني ولي أمر    صندوق الاستثمارات العامة وفورمولا إي يعلنان عن شراكة عالمية ضمن برنامج Driving Force    أميركا: اجتماع السبت سيحدد مدى جدية إيران    المفوض العام لجناح المملكة في "إكسبو 2025 أوساكا" يتفقد الاستعدادات النهائية    ضبط 7 إثيوبيين في عسير لتهريبهم 180 كجم "قات"    نيوكاسل يتصدر منافسة شرسة على التأهل لدوري أبطال أوروبا    مكتبة الملك عبدالعزيز العامة وهيئة التراث توقعان مذكرة تفاهم    475 ألف غرفة مرخصة في المرافق السياحية بنهاية 2024    إعادة توطين 124 من طيور الحبارى النادرة في محمية الملك سلمان الملكية    4 متوفين دماغيا ينقذون حياة 8 مرضى    نمو قياسي في إنفاق السياحة الوافدة بمنطقة عسير خلال عامين    فليك: برشلونة قادر على التحسن أكثر    ضبط (4) وافدين لممارستهم أفعالًا تنافي الآداب العامة في أحد مراكز «المساج» بجدة    زيلينسكي يتهم روسيا بتجنيد مقاتلين صينيين بشكل "ممنهج"    وزير الخارجية يصل إلى تركيا    الدكتوراه الفخرية لحرم خادم الحرمين الشريفين من جامعة الأميرة نورة    الحياة الفطرية تُطلق 25 كائنًا فطريًا مهددًا بالانقراض في محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية    قصف في غزة واقتحامات في الضفة والأقصى    14 اكتشافا جديدا للنفط والغاز في السعودية    «حساب المواطن» يودع 3 مليارات ريال دعماً لمستفيدي أبريل    الإحصاء تنشر نتائج مؤشر الرقم القياسي للإنتاج الصناعي لشهر فبراير    90 دولة تشارك بمهرجان الثقافات والشعوب    محافظ أبو عريش: إنجاز الكواكب مشرف    محافظ الطوال يعزي أسرة المرحوم الشيخ عبدالرحمن بن حسين النجمي    محافظ بيش ينقل تعازي سمو أمير منطقة جازان وسمو نائبه لذوي الطالب معاذ شيبة    «السمان».. زائر موسمي للشمالية    كنوزنا المخبوءة    آل أبو نار وآل الشدوخي يتَلقون التعازي في فقيدهم علي    في ختام الجولة 28 من " يلو".. البكيرية لمواصلة الانتصارات.. والفيصلي للابتعاد عن" الهبوط"    اكتشاف كواكب تبعد عن الأرض 6 سنوات ضوئية    العراق يحدد 11 نوفمبر موعدا للانتخابات البرلمانية    ولادة أول ظبي رملي لموسم ربيع 2025 في السعودية    فيلم "إسعاف" ينطلق في السينما السعودية 17 أبريل    عبير تكرم الفائزين ب «الأقلام الواعدة»    ولادة ظبي رملي بمحمية الأمير محمد بن سلمان    سان جيرمان يعبر أستون فيلا بثلاثية ويضع قدمًا في نصف النهائي    أسرتا الصفيان والعديلي تحتفلان بزواج «محمد»    جمعية الإدارة الصحية بالشرقية تقيم «عيدنا أنتم 5»    حين يتصدع السقف    مملكة الخير وميلاد قطب جديد    الصبر على أذى الآخرين.. سمو النفس ورفعة الأخلاق    وكر الكوميديا    الحسد    "جوازك إلى العالم" يحتفي بالجالية السودانية في الخبر    الكوليرا تحصد الأرواح في جنوب السودان    الغارات الأمريكية مستمرة لإسقاط الحوثيين    سطوة المترهلين في الإدارة    أمير حائل يستقبل رئيس الهيئة العليا للحج والعمرة بجمهورية العراق ووزير الحج والعمرة    النقل الإسعافي يستقبل 5 آلاف بلاغ بالمدينة المنورة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عن الفقر ... والجدعنة
نشر في الحياة يوم 14 - 12 - 1999

الحمد لله على الفقر والجدعنة. هذا كان شعارنا عندما قررنا الزواج أنا وشريكة حياتي. أما الفقر فقد كان بالفعل هكذا، فأنا في ذلك الوقت كنت أعمل كرسام في مجلتي "روزاليوسف" و"صباح الخير"، وكانت مرتباتنا متواضعة بالنسبة لنظرائنا في الجرائد والمجلات الاخرى، وذلك لأن أمنا السيدة الجليلة فاطمة اليوسف - صاحبة الجريدة في ذلك الوقت - كانت ترى أن كثرة المال مفسدة لنا. وكان ابنها الاستاذ العزيز الراحل احسان عبدالقدوس، والذي كان يماثلنا في تواضع المرتب، يحاول أن يقنع نفسه ويقنعنا معه بأننا نحصّل في هذه الدار العريقة في النضال من الشهرة والمجد أضعاف ما يناله زملاؤنا في المؤسسات الاخرى. وانه "ليس بالخبز وحده يحيا الانسان". وكنا نقتنع...
هذا عن الفقر. أما الجدعنة فكان قرارنا أنا وبدر - وهو اسمها ووصفها ايضاً - أن نتزوج، على الرغم من عدم وجود فائض من المال لتنفيذ هذا القرار، ولكن بالاصرار، وبمباركة من حولنا من الأهل والاصدقاء تم لنا ما أردناه ببساطة ويسر، فالاعزاء احسان عبدالقدوس واحمد بهاء الدين تكفلا بأجر موثق عقد الزواج - المأذون - والدبل الذهبية - محابس الخطبة - والمهر أيضاً الذي كان خمسة وعشرين قرشاً. حتى صورة الزفاف، تكفل برسمها الفنان المبدع الصديق رجائي ونيس، بأسلوبه الكاريكاتوري العبقري.
أما الشقة... فعلى الرغم من توافر المعروض منها للايجار في تلك الأيام، فقد اخترنا شقة قريبة من مكان عملي، لأن بدر لم تكن قد اشتغلت بعد. والشقة بسيطة في تكوينها: غرفة للنوم، وصالة للمعيشة ولاستقبال الاحباء من اصدقائنا الذين هبوا لمساعدتنا في تأثيث هذا البيت الصغير. ولان الصديق الفنان المبدع عبدالغني أبو العينين كان له باب في مجلة "صباح الخير" تحت عنوان "نصف حياتك في المنزل" يعرض للقراء فيه أثاثاً من تصميمه يجمع فيه بين الأصالة والمعاصرة، ورخص اسعاره ايضا، فقد اخترنا ما نحتاجه منه ونفذنا بعضه - بالتقسيط المريح طبعاً - والباقي كان هدية من الأحبة الاصدقاء. وأذكر أننا - بدر وأنا - ظللنا اسابيع نستخدم صحناً واحداً نتبادله للاكل وملعقة وشوكة وسكينة حتى أحضر لنا صلاح جاهين طاقم الصحون والملاعق. أما جمال كامل فقد اضاف الى ابداعه الذي زين حوائطنا بابداع آخر، هو مفرش جميل للطاولة نفرش عليها ورق الجرائد اثناء الطعام، وبذلك اصبحت الطاولة تستخدم للأكل كسفرة وللرسم كمكتب لي ولبدر. وكحامل لماكينة الخياطة لتنفذ عليها ما صممته من عرائس. ومازال هذا المفرش محافظاً على رونقه يغطي الطاولة نفسها حتى الآن.
اتذكر أن في هذا البيت الصغير، وفي غرفة المعيشة البسيطة بالذات ولدت ابداعات كثيرة على اختلاف ألوان الابداع، ففصول عديدة من رواية "الجبل" الشهيرة للاديب الكبير فتحي غانم كتبت على طاولتنا المكسوة بمفرش جمال كامل. وعلى الكنبة الاستوديو التي صممها أبو العينين لحن الفنان ابن الشعب سيد مكاوي ما كان يكتبه صلاح جاهين في اوبريت "الليلة الكبيرة" العبقرية التي قدمها مسرح العرائس ومازالت تبهرنا صغاراً وكباراً حتى الآن. هذا الى جوار تصميمات بدر للعرائس سواء للمسرح او للاشتراك في المحافل والمعارض الدولية للعرائس التقليدية للشعوب، حيث فازت من خلالها بجوائز عالمية ومحلية. فإذا أضفنا الى هذا الابداع - مع الفارق - مجهود العبد لله المتواضع في الكاريكاتور أو في مجال الرسم للأطفال، فإن غرفة المعيشة البسيطة، بالمحبة والدفء قد تحولت الى قصر منيف موح للابداع في أشكاله كافة.
وحتى بعد أن انتقلنا الى شقة أوسع - بعض الشيء - بعد انجاب هشام ووليد، فمازال الدفء والمحبة يغمراننا الى الآن.
والآن... وبعد مرور ثلاثة وأربعين عاماً بالتمام والكمال، فالحمد لله أولاً وأخيراً على الفقر والجدعنة.
بهجت عثمان
فنان تشكيلي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.