تجربة ثرية أشرقت بنور الإيمان، ونية صادقة في تعظيم القرآن، رافقتهما هِمة نابعة من الوجدان، تظافرت جميعُها بتوفيق الله على نجاح وإتمام كتابة المصحف الشريف بخط يده المتناسق، والمُتقن. وظف التربوي والباحث «عوض بن سعيد آل شايع القحطاني» موهبته الفريدة في كتابة المصحف بخط حميل، وانتهى منه بتوفيق الله، وهو يعبر السبعين من عمره. رحلة مثيرة حملت ساعات أيامها ولياليها سماتًا روحية، وأهدافًا سامية، وقيمًا رفيعة، تقاسم معها نصف عمره، بالعزم، الجهد، الصبر، الفرح، التدقيق، المراجعة المستمرة من أهل الاختصاص، حتى تيقن من صحة ما خطه من مفرداته وكلمات كتاب الله، ودقة ضبطه، وتشكيله، ليصبح أمامه مُصحفًا مكتملاً يحمل التعظيم، ويُقرأ منه، وفق رسم مصحف المدينة النبوي. ومن يطلع على هذا الإنجاز المبهر، يلمس العمل الصالح، والقيمة الثقافية، والأثر الباقي، إلى جانب الموهبة النادرة في روعة وجمال الخط "النسخ"، الأمر الذي يجعله قدوة حسنة للأجيال، في كيفية استغلال المواهب، والقدرات وفضائل الأوقات. وفي مناسبة حفل الإفطار السنوي لمؤسسة «قدوات عطاء ووفاء للوطن»، الذي دعا إليه في شهر رمضان الماضي رئيس مجلس إدارتها، ناصر بن عبدالله العواد التقيت بآل شايع، وهو يتقبل سيلاً من التهاني على إنجاز مشروعه الجليل. وتناول الحديث بدايات فكرة كتابته المصحف في مرحلة عمرية مبكرة جدًا فقال: دفعتني محبتي للقرآن الكريم لأتعلم الخط على يد صديق يتقنه بطريقة تُثير الإعجاب، ووقف معي بعد أن تأكد من هوايتي، ورغبتي الملحة، وحين أصبحت بفضل الله أُجيده بأنواعه، شرعت في كتابة عشرة أجزاء من المصحف استغرقت عشرة أعوام، وتوقفت بسبب ارتباطات الوظيفة في التعليم، وبعد عشرين عامًا، استعنت بالله، ثم بعزيمة قوية، وعمل متواصل معظم ساعات اليوم حتى أنجزت هذا العمل المحبب إلى نفسي. ولفت إلى أنه رغم تأليفه بعض الكتب وتنفيذه أطلسًا اليكترونيًا جرى توزيعه على طلاب المدارس إلا أن انتهائه من كتابة المصحف بيده، ومراجعته النهائية كان وسيبقى نقطة فارقة في حياته، ومن أفضل الأعمال وأقربها إلى نفسه. مشيرًا إلى أنه يبتغي من الله القبول فيما أنجزه، وقد نوى بأجره عند الله الكريم لأسرته، ولمن وقف معه، وشجعه، ولكل مسلم أشاد بهذا العمل، وسعى إلى إهدائه. وقفة: "على قدر أهل العزم تأتي العزائم وتأتي على قدر الكرام المكارمُ".