منذ أيام فتشت في أرشيفي، فوقعت بين يدي أعداد قديمة لبعض مجلات الشعر الشعبي، تصفحتها فوجدت الفرق الكبير بين ما كانت تطرحه في تلك الفترة وما تطرحه حالياً، ولفت نظري طريقة تعاملها مع الشعر والشعراء قبل طفرة الفضائيات الشعرية والمسابقات التلفزيونية والتي تتصدرها مسابقة شاعر المليون، حيث كانت المجلات تعتبر نفسها الموصل الأوحد للشاعر إلى الجمهور. كان جميع الشعراء يحرصون على الظهور من خلال تلك المجلات ويتحملون الكثير في سبيل تحقيق أحلامهم بالنشر كما أنها لا تتأخر في نشر تغطيات بعض المهرجانات الشعرية التي ترعاها الأسماء الكبيرة، وإخراج المناسبات الشعرية سواء الكبيرة أو الصغيرة وكأننا أمام حدث شعري كبير لا يقبل التأجيل، وشدني أيضاً ما كان يدور بين تلك المجلات من صراع كبير لإثبات الجدارة حتى لو كان بالإساءة المباشرة أو غير المباشرة لبعضهم البعض، ولغة التحدي التي كان يحرص عليها مسئولو تلك المجلات وكأنهم في حرب وليس في عمل صحفي يحرص على تقديم الشعرية المميزة للقارئ في وقت كان جميع الشعراء يحرصون على الظهور من خلال تلك المجلات ويتحملون الكثير في سبيل تحقيق أحلامهم بالنشر، ويصبرون على أعذار مسئولي تلك المجلات حتى لو كانت غير مقنعة. قارنت بين تلك الفترة وبين ما يحدث الآن من انفتاح إعلامي كبير يسمح للشاعر بنشر قصائده في أي مكان يريد، سواء عبر وسائل التواصل الاجتماعية والفضائيات الشعرية وقبل ذلك منتديات الانترنت الأدبية أو اختصار الوقت والظهور من خلال المسابقات الشعرية، فوجدت أن بعض تلك المجلات القليلة جداً التي ما زالت تصدر إلى الآن فقدت الكثير من بريقها ولم تعد تغري شعراء الساحة مثل السابق، وهذا يؤكد ما طرح سابقاً بأن مجلات الشعر الشعبي خسرت الكثير بل انتهت ولم يعد لها مكان في ساحة الشعر الشعبي، والقليل من أصحاب هذه المجلات من لحق نفسه ووفّر خسائره المادية وليس من لا يزال يصدر حتى.