الصين التي منعت الصيادين الفلبينيين من ممارسة الصيد في مياه بحر الصين الجنوبي بعد ان ادعت بالقوة السيادة عليه سنة 2012 لم تتوان عن اصطياد دولة الفلبين كاملة بعد ان فرت من الشباك الأمريكية. فتحت تصفيق الكثيرين من المدعوين في (قاعة الشعب الكبرى) في العاصمة الصينيةبكين الأسبوع الماضي، دشن الرئيس الفلبيني (رودريجو دوتيريتي) ما يمثل قطيعة مع امريكا موليا وجهه صوب الصين، التي سيوطد تحالفه معها. قال دوتيريتي: «لقد خَسَرَت أمريكا، لن اذهب إلى هناك بعد الآن، لن نحصد من امريكا سوى الإهانة، آن الأوان أن نقول لأمريكا وداعا يا صديقي». في نفس اليوم تجمع خارج السفارة الأمريكية في مانيلا حوالي الألف متظاهر، مطالبين بإزالة القاعدة الأمريكية من جزيرة مندناو. الصينيون، وكما يجدر بصيادين مهرة بذلوا من الطعم ما يليق بالسمكة الكبيرة، فقدمت للضيف مستوى عاليا من البروتوكولات الرئاسية البراقة بما فيها؛ البساط الأحمر، وفرقة العازفين، واستقبل الرئيس في قاعة الشعب الكبرى، تلك التي لا يحظى بفرصة دخولها الكثيرون من زعماء العالم، التي لم يكن ليدخلها الرئيس الفلبيني لو لم يدرك الصينيون أنه سيلقي كلمة بمثل تلك الكلمة التي دشن بها نقض التحالف بين دولته والولاياتالمتحدة. وكان الرئيس الفلبيني الذي يناهز 71 من عمره قد بدأت علاقته تتوتر مع الولاياتالمتحدةالأمريكية على خلفية محاربته تجار المخدرات الذي تواصل الجهات الأمريكية اتهامه فيها بأنها قسوة غير مبررة وأن إجراءاته لمحاربة تجار المخدرات تقع ضمن (القتل خارج سلطة القانون). ووظفت الإدارة الأمريكية الكثير من المصطلحات التي تبدو براقة، لكنها انتقائية التي تجيد توجيهها الى الهدف المعني محاربته، ما حدا بالرئيس الفلبيني الذي لا تملك بلاده نفوذا في المؤسسات العالمية، ولا مصطلحات الإدارة الأمريكية، إلى التوجه بعبارات نابية للرئيس الأمريكي باراك اوباما فردت الإدارة الأمريكية بإلغاء لقاء كان مقررا بينه وبين الرئيس الأمريكي. قدمت الصين (طعما) اقتصاديا مهما بحوالي 13.5 بليون دولار عبارة عن صفقات اقتصادية، منها إعادة تصدير المواد الزراعية الفلبينية إلى الصين، ومساعدات للبنية التحتية الفلبينية، والأهم دعمها وتفهمها إجراءات حرب الرئيس الفلبيني ضد بارونات المخدرات الذي شكل عنصرا مهما في خلاف الفلبين مع أمريكا. في هذه الزيارة التي تعتبر حجر الزاوية في العلاقة مع الفلبين كما قال نائب الرئيس الصيني الذي استقبل دوتيريتي، لم يتطرق المسؤولون الصينيون الحريصون على السمكة الفلبينية إثارة قضية بحر الصين الجنوبي المتنازع عليه بين الدولتين، مؤجلة القضايا المختلف عليها حتى تستقر العلاقة بين البلدين. وكانت الصين قد ادعت السيادة على بحر الصين الجنوبي الغني بالطاقة الذي تمر عبره تجارة بما يقدر ب 5 تريليونات دولار مانعة الصيادين الفلبينيين من ممارسة الصيد في تلك المنطقة. الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد أمريكا، دولة كبيرة تنأى بنفسها عن الاستنزاف في مشاكل دول النزاع في العالم، إلا بدبلوماسية رفع العتب، تقتنص الفرص السياسية السانحة التي تنفلت من عقال شباك أمريكا المهترئة التي لم تعد تحوي قريبا سوى الأسماك الغبية. روائي وكاتب