جلس طفل على الطاولة، ومشاعر السعادة تزيد جمال طفولته، لم يتعد العاشرة من عمره، كانت نظراته تفيض حبورا، قلت له: ألم تكن هنا بالأمس، رد بكل حماس: نعم لكني أريد أن أشارك في القصة التي ناقشتها بالأمس، هي قالت لي (يقصد الشابة المتدربة على التأليف) سيكون اسمي في القصة وأنا سأقرأ القصة مرة أخرى فهي أعجبتني جدا، قلت له: لكنك ستنتظر فترة، قال: سأنتظر. الطفل عبدالله علي الحارثي رد لي اعتبار الحقيقة لدي بعد التشكك الذي يعتريني دوما فيما أعمله، الحقيقة التي أوصلها لي بكل عفوية، تحقيق الهدف، الحقيقة التي طابقت الواقع. في مهرجان اليوم العالمي للطفل في مركز الملك فهد الثقافي، قمت بإعداد ورشة عمل تدريب شابات على كتابة أربع قصص للأطفال، وفي نفس الوقت يرى الأطفال كيفية صناعة القصة، فهي ليست تأليفا فقط بل تمر بمراحل متعددة، لذا أطلقت عليها: خطوات كتابة قصص الأطفال، وكتشجيع للأطفال الذين شاركوا في الورشة سنقوم بتدوين أسمائهم في القصص التي سيتم طباعتها بإذن الله. حين طُلب مني المشاركة في هذا المهرجان الذي يندرج تحت وزارة الثقافة والإعلام، كعادتي في كل عمل أقوم به يداخلني الشك، هل هذا الذي أقوم به من مجهود متواصل على مدار ثلاثة أيام ومن معي من المتدربات، سيخدم الهدف من اهتمامي بالطفل على المستوى العام، أم أنه سيذهب كما ذهبت أغلب ما قمت به من أعمال، كذلك الملف الذي دار على أكثر من جامعة "قيم " والذي وضعت فيه برنامجا تنفيذيا لتقريب المفهوم من الواقع، أو "المشروع الوطني للقراءة " والذي ولا أزال وفي نفس المهرجان حيث كان الزوار يبدون رأيهم في استبيانات تدور حول القراءة أبحث عن طريقة تندمج فيها سيكولوجية المواطن السعودي كمنفذ ينطلق منه شغف القراءة للأطفال، لإيماني أن كل شعب له مفاتيح تختلف عن غيره من الشعوب، وخلق بذرة محبة القراءة أو الكتابة للطفل السعودي ليس فقط في شراء الكتب والقصص ووضعها أمامه، إذا كان 60% من الآباء يعتقدون أن الكتابة موهبة، أو أنهم لا يستطيعون تقليص الوقت الذي يقضي فيه الطفل باللعب. الحارثي وغيره من الأطفال الذين رسموا ابتساماتهم في ذاكرتي، حتى بعد أن غابوا عن ناظري، مما جعلني أكرر اهتمامي بمشروع تحفيز القراءة والكتابة في المهرجان الدولي لذوي الإعاقة، في محاضرتي التي بدأت بها منذ خمس سنوات اهتمامي بالجزء التنفيذي لصنع الطفل الكاتب "كيف يصبح طفلك كاتبا" هناك من الآباء لم يكتفوا بأن يبتاعوا لأطفالهم القصص فقط، بل أن يقتنعوا بأهمية تعريض أطفالهم لكل ما يتناول فعل القراءة، وهناك استراتيجيات عدة تأخذ منحى احترافيا لمن يرغب في أن يكون طفله يقرأ الحياة بشكل مميز. تبدأ عملية القراءة في اقتناع الآباء والمربين أن القراءة أو الكتابة جزء كبير منها يعود للتدريب، وأن يكون لديهم القدرة على التخطيط لوقت أطفالهم الثمين، بتعريضهم لأساليب ترغبهم في القراءة وهي متعددة، منها التعود من الصغر، على اقتطاع وقت يومي لتفحص الكتاب يبدأ منذ السنوات الأولى، هذه أمثلة أطرحها باختصار. فالمشكلة في اقتناع الكبار أولا، ليبدأ الصغار في لمس وقلب الصفحات.