تواصلت المعارك في مدينة تلعفر وقصفت الطائرات الامريكية احياءها السكنية لليوم الرابع بينما انتشرت الجثث في الشوارع لدفنها في مقابر جماعية ، في وقت يهيم فيه اكثر من 250 الف شخص من سكان تلعفر في البوادي دون ماء او غذاء تاركين منازلهم فيما تحدث كارثة انسانية حقيقية سببها الاحتلال . وفي وديان وعرة تحيط بمدينة تلعفر الواقعة على بعد 75 كيلو مترا من الحدود العراقية السورية غرب الموصل يسير آلاف الاطفال والنساء والشيوخ نازحين عن مدينتهم التي دمرها القصف الامريكي وقتل فيها ما لا يقل عن خمسين شخصا واصاب اكثر من مائة شخص بعد ان كانت واحدة من اهدأ مدن الشمال . قطع النازحون عشرات الكيلو مترات سيرا على الاقدام باتجاه القرى القريبة دون ان يأخذوا من بيوتهم شيئا سوى بعض الماء والطعام الذي نفد في الطريق ،في وقت منعت فيه قوات الحرس الوطني ايصال اية امدادات الى سكان المدينة المطوقة بواسطة القوات الامريكية او النازحين منها من الذين سلكوا الاودية والطرق الترابية الملتوية حيث اغلقت الدبابات الامريكية جميع مداخل المدينة بينما كانت الطائرات الحربية والمروحيات والدبابات تكثف قصفها على الاحياء السكنية دون ان تفرق بين بيت ومدرسة ومستوصف ودائرة مدنية تحت ذريعة مطاردة مسلحين مقاومين . الابادة الجماعية في تلعفر تزامنت مع الكارثة الانسانية المماثلة في شارع حيفا وسط بغداد يوم الاحد حيث نفذت القوات الامريكية مجزرة دامية تضاف الى سجله الدامي في العراق. وقد شهدت بغداد ومعظم مدن العراق يوم الاحد اسوأ ايامها حيث هزت اصوات الانفجارات مدنا عديدة وشهدت بغداد ابشع مجزرة ضد المدنيين في شارع حيفا ذهب ضحيتها اكثر من عشرين عراقيا وجرح ما لا يقل عن خمسين آخرين . فمع صباح الاحد تدفقت آليات عسكرية امريكية الى شارع حيفا بذريعة مطاردة مسلحين ثم تطور الحدث الى هجوم شنه المسلحون ضد احدى دباباتها التي احترقت وتجمهر الناس حولها من اطفال ونساء وشباب ومراسلين صحفيين كانوا يكتبون تقاريرهم من موقع الحدث بينما انتصبت عشرات الكاميرات لعدة فضائيات ، ولكن سرعان ما حلقت في سماء المنطقة مروحية امريكية وباشرت دون انذار باطلاق صاروخ على الدبابة المحترقة المحاطة بالمواطنين والصحفيين مما ادى الى مقتل اكثر من عشرين شخصا بينهم احد مراسلي قناة العربية مازن الطميزي واصابة مصور لوكالة رويترز بجروح خطيرة ، وفيما اصبح عدد الشهداء الصحفيين في العراق اكثر من ثلاثين منذ الحرب ضد العراق اصبح شهداء قناة العربية ثلاثة شهداء بعد مقتل مراسلين منهم قبل عدة اشهر . ورغم ان شارع حيفا الذي تسكنه اغلبية من المقيمين السوريين الذين منحهم صدام خلال فترة حكمه شققا سكنية في هذا الشارع فان الشارع يعد مركز بغداد ويحتفظ بأقدم مبانيه ، وتسكنه عائلات منذ اكثر من مائة عام ، وقد اصيب وقتل من هذه العائلات العشرات خلال حملات المداهمة التي كانت تقوم بها القوات الامريكية .