تساءل مراقبون امس عن رضوخ الرئيس الامريكي لتشكيل لجنة مستقلة تحقق في معلومات المخابرات التي بنى على ضوئها قراره بغزو العراق. وانزلقت الامور بسرعة نحو الهاوية بعد اعلان رئيس فريق التفتيش الامريكي صراحة عدم وجود اسلحة دمار شامل في العراق وقال: لقد اخطأنا جميعا. وامس ابلغ زعماء المعارضة الديموقراطية في الكونغرس الامريكي في رسالة الى الرئيس جورج بوش ضرورة ان تكون لجنة التحقيق في الثغرات المتعلقة بالمعلومات عن اسلحة الدمار الشامل في العراق مستقلة فعلا. وطالبوا بان يقوم الكونجرس وليس البيت الابيض بتشكيل لجنة التحقيق وان تقدم تقريرها فى وقت مبكر وليس فى العام القادم كما يريد الجمهوريون. ويرى النواب الديمقراطيون ان تقديم اللجنة تقريرها العام القادم محاولة من بوش لابعاد هذه القضية عن الانتخابات الرئاسية التى ستجرى فى شهر نوفمبر من العام الحالي. وقال زعيم الاقلية الديموقراطية في مجلس الشيوخ توم داشل من المهم بالنسبة لنا ان تكون اللجنة التي ستحقق في مسألة اسلحة الدمار الشامل العراقية مستقلة فعليا. وعبر عن اسفه لان الرئيس بوش سيقوم على ما يبدو بتسمية اعضاء اللجنة وتحديد شكلها وحتى اطارها وشروط عملها. وكان بوش اكد الاثنين انه سيشكل لجنة مستقلة تضم اعضاء من الحزبين لتحليل الوضع وما يمكننا ان نفعله لمكافحة الارهاب بشكل افضل. وفي رسالتهم طلب القادة الديموقراطيون من بوش تسليم الكونغرس نص تشكيل لجنة مستقلة فعليا للبحث في جمع وتحليل وتوزيع المعلومات الاستخباراتية في العراق واستخدامها من قبل السياسيين. واضافوا: يجب ان نعرف ما اذا كان مسؤولون في الادارة خدعوا الكونغرس والشعب حول طبيعة التهديد العراقي، مؤكدين في الرسالة التي نشرت نسخة منها ان بوش سيرتكب خطأ كبيرا اذا شكل اللجنة بمرسوم رئاسي وقام شخصيا بتعيين اعضائها. وتابعت الرسالة ان لجنة يعينها البيت الابيض ويسيطر عليها لن تتمتع بالاستقلالية او المصداقية اللازمة للتحقيق. ووقع الرسالة داشل وجاي روكفلر اهم الاعضاء الديموقراطيين في لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ وجو ليبرمان نائب رئيس لجنة الاصلاحات الحكومية ونانسي بيلوسي زعيمة الاقلية الديموقراطية في مجلس النواب. واكد داشل ان هذه اللجنة يجب ان تكون مستقلة بالقدر الذي كانت عليه اللجنة التي شكلت حول اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر 2001. واضاف: يجب توضيح كل الامور ومن المهم ان تكون اللجنة مستقلة لتتمتع بالمصداقية والوضع اللذين سيتيحان لها القيام بعملها بشكل صحيح. وكان بوش الذي يطمح الى تجديد ولايته في البيت الابيض خلال الانتخابات التي ستجرى في الثاني من نوفمبر 2004، امهل اللجنة التي اعلن عن تشكيلها حتى 2005 لتقديم تقريرها، اي بعد الانتخابات الرئاسية. ويعد قرار تكوين اللجنة بمثابة تحول كبير بالنسبة لبوش الذي يواجه ضغوطا سياسية متزايدة بعد تعليقات الشهر الماضي لرئيس فريق مفتشي الاسلحة الامريكيين في العراق بأنه لا يعتقد أن العراق كان يحوز مخزونا من أسلحة الدمار الشامل حينما بدأت الحرب. وقال بوش: أريد أن أعرف كل الحقائق. وتسعى إدارة بوش منذ أسابيع إلى أساس أكثر أمنا فيما تتراجع عن اتهاماتها السابقة للحرب على العراق بأن نظام الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين لديه مخزون من الاسلحة البيولوجية وأنه استعد لاستخدامها وهي اتهامات استخدمتها لتبرير الحرب. وقال مسؤولون كبار وبينهم نائب الرئيس ديك تشيني ووزير الخارجية كولن باول إن الاستخبارات كانت مصدر نفس المعلومات التي استخدمتها إدارة الرئيس الامريكي السابق بيل كلينتون. وأشار بعض المسؤولين إلى أن وكالات استخباراتية لدول أخرى خلصت إلى نفس النتائج. لكن مثل هذه الاستراتيجية لا يبدو أنها مثمرة بينما أوضحت استطلاعات الرأي تراجع التأييد الشعبي لتعامل الرئيس بوش مع مسألة العراق وأن المتحدث باسم سكوت ماكليلان عادة ما يراوغ في الرد على أسئلة الصحفيين التي تتعلق بما إذا كان رئيسه يعتقد أن هناك أسلحة دمار شامل في العراق. وكانت إجابته المقتضبة أن فريق التفتيش في العراق سيواصل البحث. كما لم يكرر بوش هذه المزاعم حينما سئل الاسبوع الماضي عن تعليقات مفتش الاسلحة الامريكي ديفيد كاي. وبدلا من ذلك قال الرئيس إن صدام كان يمثل تهديدا للامن الامريكي ودافع عن قراره بغزو العراق. وحينما أدلى كاي بشهادته أمام الكونجرس الاسبوع الماضي بأن المخابرات الامريكية لم تكن دقيقة حيث قال "كلنا تقريبا كنا مخطئين" انضم أعضاء بالحزب الجمهوري الذي يتزعمه بوش في المطالبة بتحقيق مستقل. وحتى في وقت متأخر من الاسبوع الماضي كان بوش معارضا لكنه وافق في نهاية الاسبوع وأخبر الصحفيين صباح الاثنين بخططه لتعيين لجنة مستقلة من الحزبين الرئيسيين للبحث في المعلومات الاستخباراتية. وقال الرئيس مقللا من التركيز على العراق إن اللجنة ستفحص أيضا الجهود الامريكية لوقف انتشار الاسلحة في سياق أوسع وفي إطار الحرب على الارهاب. وقال: نريد أيضا أن ندقق في حربنا ضد منع انتشار الاسلحة وأسلحة الدمار الشامل.. ولذا سنشكل لجنة مستقلة من الحزبين لتحليل أين نقف وما الافضل لنا عمله بينما نخوض الحرب على الارهاب. ومن المقرر أن يحدد بوش في وقت لاحق من هذا الاسبوع أعضاء اللجنة والفترة الزمنية. ويتوقع أن لا يطلب بوش من اللجنة رفع تقريرها حتى عام 2005 أي بعد الانتخابات الرئاسية في 2 تشرين نوفمبر. لكن الديمقراطيين الذين دعوا إلى تحقيق مستقل لشهور لم يكتفوا بذلك قائلين إنه من خلال تحديد أسماء الاعضاء ونطاق المهمة، يمكن لبوش أن يؤثر على نتيجة التحقيق.