طرح تثبيت المحكمة الدستورية العليا في مصر لقانون الخلع مؤخرا تساؤلات حول أهمية وجدية هذا القانون الذي مازال المجتمع يسخر منه على الرغم من دفاع نسائي مستميت عنه باعتباره يخلص الزوجة من عقد الزواج مقابل تنازلها عن جميع حقوقها. ووفقا لاحصائيات رسمية فان عدد دعاوى الخلع منذ تطبيق القانون قبل عامين بلغ خمسة آلاف حالة تم اتخاذ حكم في 122 منها فقط كما أن عدد دعاوى الخلع كان مساويا تقريبا لدعاوى الطلاق وان اختلفت المبررات. وتوضح السجلات أن أهم أسباب دعاوى الخلع كانت اساءة معاملة الزوج أو التعدي بالضرب والسب والاهانة أو الزواج بأخرى أو العجز بالاضافة الى أسباب متنوعة منها عدم الشعور بالحب أو الاحساس بالكره أو أسباب أخرى تهكم عليها رسامو الكاريكاتير كثيرا في الصحف. غير ان المحكمة الدستورية العليا في مصر رفضت طعنا مقدما بعدم دستورية المادة(20) من قانون تبسيط إجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية بشأن الخلع بعد عامين من تطبيقه وهو ما اعتبر نصرا للداعمات لحقوق المرأة. وبهذه المناسبة أصدر مركز قضايا المرأة المصرية دراسة تناولت الأبعاد القانونية والاعلامية والاجتماعية للخلع وخلصت الى أن أول عيوب هذا القانون هو أنه ليس مصحوبا بمذكرة ايضاحية توضح القواعد والخطوات التي يجب أن يتبعها القاضي في مسألة تطبيق الخلع. واعتبرت الدراسة أن قانون الخلع ولد ولادة مبتسرة حيث خضعت التطبيقات الخاصة به لاجتهادات القضاء. من جانبها قالت أستاذ علم الاجتماع السياسي الدكتورة هدى زكريا في دراسة عنوانها (الحصاد: عامان من الخلع) تناولت الجانب الاجتماعي لتطبيق الخلع أن هذه الميزة متاحة في الاسلام والشرع منذ القدم لكن المشرعين تجاهلوها على اعتبار أن "النساء ناقصات عقل ودين"و"الرجال قوامون على النساء" وبالتالي صار العرف هو المصدر الثاني لتشريعات قوانين الأحوال الشخصية. وتساءلت في دراستها لماذا يرفض الشارع المصري الخلع رغم أنه يمثل ميزة للرجال ويشكل عبئا علي المرأة؟ وقالت اذا كان الخلع يفتح بابا شرعيا للمرأة التي فقدت الأمل في الإجراءات الطويلة للتطليق للضرر فان الرجل هو المستفيد الأول من الخلع حيث يحصل علي تعويض الزوجة ويتخلص من مؤخر الصداق والنفقة. ومازال كثير من المواطنين يرفضون الخلع ويتهكمون على المرأة التي تمارسه مع رسم صور كاريكاتورية للسيدة التي تطالب بالخلع كما تنشر أخبار الخلع في صفحة الحوادث الى جانب الجرائم باعتباره فضيحة اجتماعية. يشار الى ان أول طرح لقوانين الاحوال الشخصية الداعمة لحقوق المرأة كان في عام 1920عندما قدمت رئيسة الاتحاد النسائي آنذاك هدى شعراوي لأول مجلس نيابي مصري عريضة تحمل اسم (مطلب المرأة) تتضمن تعديل قوانين الأحوال الشخصية ووضع حواجز ضد الطلاق الذي يستخدمه الرجال بصورة غير لائقة كما طالبت بوضع ضوابط لتعدد الزوجات. وبالفعل صدر القانون رقم 25 عام 1920 من 13 مادة وتضمنت أحكامه النفقة والتطليق لعدم الإنفاق وقد استمر العمل بهذا القانون حتى عدلت أحكامه بالقانون 25 لعام 1929 حتى جاء قانون رقم44 لعام1979 وقد كان من سبع مواد تضمنت أحكام الطلاق والنفقة ونفقة المتعة وتوثيق اشهار الطلاق واعلان المطلقة بالطلاق. ثم صدر قانون3 لعام1985 بشأن الأحوال الشخصية وأهم ما جاء في هذا القانون حق الزوجة في طلب التطليق اذا اقترن زوجها بغيرها واذا لحقها ضرر مادي أو معنوي ثم جاء قانون الخلع في عام 2000 ليعطي الزوجة حق طلب الطلاق اذا كرهت الاستمرار في الحياة الزوجية مع رد كافة مستحقات الزوج له.