مما تجدر الاشارة اليه ان اسرائيل كانت اكثر استياء لنتيجة الانتخابات التركية فقد ابدت دوائر تل أبيب مخاوفها من اتجاه الحكومة الجديدة التي ستقوم في ظل الانتخابات هذه، نحو العالم العربي وخشيت على مصير الحلف العسكري الذي وقع عام 1996م. وقال تسفي البليج الذي كان سفيرا لاسرائيل في انقرة إبان ولاية ارباكان ان العلاقات بين تركيا (الاسلامية) واسرائيل ظلت وطيدة منذ ان اعترفت تركيا بدولة اسرائيل عند اقامتها عام 1948م، وتطورت حتى ان التبادل التجاري بينهما وصل الى مليار دولار في السنة، ناهيك عن الفوائد المالية التي تجنيها اسرائيل من وراء التعاون العسكري وهي فوائد تصل الى المليارات كل عام، هو يقصد بذلك تكاليف إجراء تعديلات في الطائرات والدبابات التركية في ورش ومصانع اسرائيل. وقد نقلت صحيفة جيروزليم بوست (بوق الدعاية الاسرائيلية باللغة الانجليزية) عن ألون لايل- الذي كان سفيرا لاسرائيل في انقرة في الماضي- قوله:(لقد اصبحت تركيا حجر الزاوية في علاقات اسرائيل مع دول - الطوق الخارجي- التي اتسع نطاقها لتشمل أيضا ايران - في عهد الشاه - واثيوبيا وذلك للتعويض عن مقاطعة دول - الطوق الداخلي - اي الدول العربية، وتقوم اسرائيل حاليا بمراودة بعض دول آسيا الوسطى وخاصة كازاخستان في إطار هذه الاستراتيجية السياسية فعلاقاتنا مع تركيا مهمة جدا لدرجة انك تجد مشقة في البحث عن دولة تأتي في الاهمية بعد الولاياتالمتحدة غير تركيا) - جيروزليم بوست 2002/10/31. أما السؤال الذي في جعبة لايل فهو ما إذا كانت تصريحات رجب اردوجان مجرد شعارات لاكتساب تأييد الجمهور أم هي نقلة حقيقية في العقيدة. هذا وقد عثر لايل وغيره من الحاقدين على تركيا على ما يمكن ان يكون عزاء لمخاوفهم، فأشار إلى تعذر وصول اردوجان الى رئاسة الحكومة لأنه سبق ان قضى في السجن أربعة اشهر عام 1999 كعقوبة على قصيدة تلاها واعتبرتها السلطات دعوة دينية وتنكرا للعلمانية اذ جاء في القصيدة: (المساجد ثكناتنا والقباب خوذاتنا والمآذن حرابنا والمؤمنون جنودنا). لكنه بعد ان خرج من السجن سافر الى الولاياتالمتحدة (ليوسع آفاقه ويتعلم الانجليزية) - كما يقول الكاتب التركي المعروف اورهان باموك. ويقول باموك أيضا ان رجب اردوجان او بالأحرى البرلمان الذي سيشكل بعد هذه المعركة الانتخابية لا ينقصه سوى أربعة نواب لتصبح له اغلبية الثلثين وهي الأغلبية التي تمكنه من تعديل الدستور وخاصة ذلك البند المتعلق بعلمانية تركيا وبدور الدين في المجتمع، لكنه يصر ويكرر أنه محافظ وليس إسلاميا اصوليا. ويضيف هذا الكاتب ان الناخبين الذين ايدوا حزب العدالة والتنمية لم يفعلوا ذلك لظنهم انه إسلامي وانما فقط لكي ينتقموا من الحكومة الائتلافية الأخيرة برئاسة اجاويد التي تسببت في اكبر ازمة اقتصادية في تاريخ تركيا الحديث فزادت حالة الفقر والبطالة سوءا وزادت حفنة الأغنياء غنى، ولذلك فان الشيء الوحيد الذي وحد الجمهور هو كراهية تلك الحكومة - حكومة أجاويد.