هذه المشاهد الحقيقية ارويها لكم كما حصلت امامي مباشرة وبدون تعليق مني اتركها امامكم لكي تتأملوا فيها، ولعل فيها عبرة معينة نقرأ فيها سلوكيات الناس في مختلف طباعهم واجناسهم وعواطفهم.. على ان هذه المشاهد ارتسمت في ذهني وانطبعت في خاطري، وسألت نفسي اسئلة كثيرة لا اشغلكم بها. كنت في احد الفنادق القاهرية البعيدة عن وسط المدينة متطلعا للهدوء .. كان الوقت مساء والهواء معتدلا رخيا في حديقة الفندق الواسعة حيث تناثرت الطاولات تحت اعمدة النور الانيقة. اخذت طاولة صغيرة منزوية بجانب زاوية الحديقة ، وبجانبي طاولة كبيرة فيها اكثر من ثمانية كراسي.. طلبت عشاء خفيفا الحقته بالشاي وانسجمت في قراءة كتاب شيق. اقتربت مجموعة من الشابات المصريات من رجلين وجلسوا على الطاولة الكبيرة، وبينما هم يأكلون اطلت قطة صغيرة رمادية يبدو عليها جوع وترقب للاكل، وراحت تموء للفت انتباه من على الطاولة.. تطايرت عيون الفتيات وصاروا يتبادلون حديثا ناعما ضاحكا: ياه دي قطة تجنن.. تعالي هنا يا بسبوسة. على ان البسبوسة لم تقترب ومضت في موائها وثباتها في مكانها. بعد دقائق اقبلت مجموعة من السائحات الشابات الالمان وجلسن إلى الطاولة .. ولما جاء الاكل اقبلت القطة الرمادية تموء وهي مسمرة النظر على الجالسات.. كان المنظر الذي حدث بعد ذلك مثيرا للمشاهدة فقد تطاولت الرؤوس الشقراء . ثم صرن يتعالين على اكتاف بعضهن ويرقبن القطة التي اندهشت هي الاخرى من مجموعة المعجبات قامت فتاة وتقدمت الى القطة وجلست ثم ابعدت خصل الشعر الشقراء المتهدلة وراء اذنها، وحملت القطة على يدها وصارت تطعمها مباشرة وفجأة، تتابعت المشاهد سريعا رفعت عيني على الطاولة فاذا هي خالية تماما من شاغليها.. اين ذهبن؟ لقد تجمعت كل الفتيات وجلسن متجمعات مثل اكمام الزهرة يتسابقن في تدليع واطعام القطة.. ولم يغادرن الا وكل فتاة حرصت على توديع القطة بحب غامر، ويلتفتن بين الحين والحين اليها حتى اختفين. اقبلت بعد ذلك مجموعة من العرب الاقحاح اربع فتيات ورجلان وتكاثرت الصحون على الطاولة واقتربت القطة الرمادية آمنة بعد تدليع المجموعة السابقة واقتربت من الطاولة، فقامت بغتة فتاة من الكرسي واومأت بيدها بقوة للقطة: يالله كش!