لدى الهنود قصة معبرة عن شخص عظيم، كان محاطاً بالأتباع المخلصين، وكان وأتباعه يمضون ساعات كل يوم في التأمل، ولكن ثمة مشكلة وحيدة، فلدى ذلك الشخص قطة صغيرة مزعجة، لا تفتأ تتجول في المعبد وهي تموء وتزعج الجميع في أثناء التأمل، فأمر بحكمته العملية البالغة، بتقييد القطة إلى عامود في الخارج لبضع ساعات في اليوم في أثناء جلسة التأمل فقط، لكي لا تزعج أحداً. فتحول الأمر إلى عادة تقييد القطة ثم التأمل، ولكن مع مرور السنوات، تحجرت العادة إلى طقس ديني، فلم يعد أحد يتأمل من دون أن يربط القطة إلى العامود أولاً، وفي أحد الأيام ماتت القطة، فأصيب الأتباع بالذعر وعانوا من أزمة خطيرة كيف يمكن لهم أن يمارسوا التأمل الآن من دون قطة يربطونها إلى العامود؟ كيف سيصِلون إلى الحالة التأملية القصوى في عقولهم، أصبحت القطة هي الوسيلة. من يتأمل هذه القصة الطريفة يتذكر على الفور كم في حياتنا من قصص كثيرة، ضاع جوهرها وصار الهامش والهش هو صلبها وقوامها. كم من موظف ومن سياسي ومن معلم ومن فقيه جعله طريق الاتباع والتقليد أعمى عن الهدف الأساسي لا يهتدي للقيم الإنسانية العليا، التي ترتقي بعمل الإنسان ليصبح إنساناً. لن أتحدث عن قصص السرقات لأموال اليتامى ولا الفجور والانحرافات الشاذة في طريق سمي بطريق الجهاد جهلاً، مرة شاهدت سيدة تتوضأ في دورة مياة إحدى الأسواق، والعاملة تكل يدها من مسح الماء المنساب على الأرض خوفاً أن تزل به قدم طفلة أو سيدة، وتحاول العاملة أن ترشد السيدة إلى أن مكان الوضوء في الناحية الأخرى لكنها تجاهلتها وكأنها لا تفهم. كم إنساناً مشى في الطريق إلى الله، وحرص على ربط القطة حتى ولو لم تزعجه. وفي طريقه لربط القطة، داس على حقوق الناس، وأكل مالهم بغير وجه حق، وخرب الممتلكات العامة، وهو يظن أن هذا هو الطريق الوحيد إلى الله. [email protected]