كان منظراً غريباً القطط تغادر القرية تباعاً منذ عدة أيام فيما هو يراقب هذا المنظر عن بعد لم يشأ أن يسأل في بداية الأمر وأمام تنامي هذه الظاهرة الغريبة والنزوح الجماعي آثر أن يقترب من إحدى القطط ليسألها : لماذ هذا الخروج الجماعي لكم معشر القطط من قريتنا ؟ فردت عليه وهي تواصل المسير برفقة صويحباتها من القطط فيما تحمل على رأسها صرة من العظام : لقد آثرنا الرحيل لأن شيخ قريتكم يود أن يعود بنا إلى أزمان سحيقة . هو : ماذا يريد أن يفعل بكم ؟ القطة : يريدنا أن نعود لممارسة المواء هو : وكيف عرفتم بهذا الأمر من الذي قال لكم أن هذا ماسيحدث؟ القطة : لقد رأينا مافعله بكم فخشينا أن يصيبنا ما أصابكم وفضلنا الرحيل ؟ هو : وما الذي رأيتموه يفعله بنا؟ القطة: هل نسيت ماقام به في عيد هذا العام فقد أعادكم إلى أزمنة سحيقة وذلك عندما قام بإستخدام تقنية الألياف البصرية من أجل التأثير على جوالاتكم بحيث يجري أحدكم إتصالاً بأحد أقاربه ليهنئه بالعيد فيفاجأ بأن صوته يرتد إليه عبر سماعة هاتفه ويرسل رسالة نصية فيجدها قد عادت إلى صندوق الوارد في جواله وقام بإستخدام تقنية حظر المواقع في تعطيل الشبككة العنكبوتية وعدم القدرة على إستخدام الشبكة العنكبوتية .طيلة أيام العيد .. هو : ولكن هذا الذي قام به كان يهدف من خلاله إلى إجبار الناس على التواصل بالزيارات الحميمية التي تشعرنا بدفء المحبة وصدق المشاعربدلاً عن رسائل الجوال النصية ورسائل البريد الإلكتروني التي هي أحد اشكال التواصل ولكنها تواصل جاف . القطة : مهما كانت المبررات التي يسوقها ويروج لها فهي إعتداء على حق مشاع للجميع هو : ولكنه أعاد الروح وأشعل فتيل المحبة وأحيا الموروث في ذلك العيد . القطة : بل قل أعادكم لأزمان سحيقة قبل ظهور هذه الوسائل فكنتم أضحوكة يتندر بها العالم ونحن لانود أن نكون أضحوكة لقطط العالم المتقدم كما كنتم هذه الأيام هو : ولكن أي عيب في أن تعودوا للمواء فهذه هي السمة التي تميزكم عن بقية الحيوانات واللغة التي عرفناكم بها. القطة : بإستغراب ...... لم أكن أعلم أنه حجبكم حتى عن التغييرات التي طالت كل من حولكم منذ أزمان ليست بالريبة وقد كنت أحسب أنكم تعيشون الواقع الذي حولكم ولكنك بقولك هذا تجعلنا نصر على أن نغادر قريتكم التي تذكرنا بالرجعية والماضي البعيد والمواء .. ياعزيزي : عد إلى قريتك وكن نذي خير في قومك وأبحثوا عن عوالم جديدة تكون لكم فيها حرية ممارسة الحياة كما يحلو لكم . أقتنع بما قالته القطة وعزم على أن يقنع أهل القرية بوجهة نظر القطة . في الطريق نسي ماقالته القطة وبعد وصوله كان يهم بجمع أهل القرية فتذكر أنه نسي ماقالته القطة ولم يعد يتذكر كيف أقنعته فآثر أن يضع رأسه بين الرؤوس المطأطأة ولاذ بالصمت فقط لأنه يحمل وجهة نظر غيره لا وجهة نظره وهو لايجيد لغة الحوار التي تجيدها القطة فكان هذا كافياً لكي يفشل في المهمة التي حاول تبنيها