أصبحت جماهير دوري عبداللطيف جميل للمحترفين على موعد متوقع مع إقالة أي مدرب لأحد الأندية السعودية مع نهاية كل جولة هذا الموسم. حيث بلغ عدد المدربين المقالين حتى الجولة السادسة 8 مدربين، تنوعت جنسياتهم بين محلية وعربية وأوروبية، وعدد آخر مهدد بإقالة قريبة بسبب تكرار التعادلات والخسائر. الظاهرة ليست جديدة على الملاعب السعودية، لكنها ما زالت مبعثا للتساؤل حول تكرارها، وإدارات الأندية تضع نفسها في موقع الاتهام من التخبط الفني، الذي يحدث مسببا عدم الاستقرار في الفرق، فهل هي المسؤولة فعلا عن سوء اختياراتها؟ أم أن هناك أسبابا أخرى تتعلق بالمدربين أنفسهم؟ ويؤكد الخبير الفني خليل الزياني أن إقالة المدربين عرف سائد في المملكة، وأصبح أمرا غير مستغرب بين الأندية التي تتعرض لضغوط إعلامية وجماهيرية كبيرة بسبب تدهور النتائج وتكرار الخسائر تجعلها تضطر إلى الاستغناء عن المدربين. ويقول "الإقالات لا تتم إلا بعد التعرض لأسباب قهرية وجوهرية، مثل أن يكون المدرب متسلط ويفرض رأيه ويرفض أن يستعين برأي الآخرين من المساعدين له في الجهاز الفني، فتستمر النتائج السيئة وينهار الفريق وتنخفض معنويات اللاعبين، وهنا لا بد أن تتدخل الإدارة في اتخاذ قرار الإدارة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. وقد تحدث أسباب أخرى لا لوم فيها على المدرب كأن تتأخر الإدارة في استقطاب محترفين أجانب أو أن العناصر الموجودة في الفريق أجنبية أو محلية لا تساعد المدرب على تحقيق الانتصارات، ناهيك عن سوء الحظ الذي قد يلازم النادي". من جهته، أكد المدرب الوطني لفريق الحزم الأول لكرة القدم، علي كميخ أن الاستعجال في حصد النتائج وعدم وجود علاقة حميمة في منظومة العمل بين الإدارة والمدرب واللاعبين تخلق قرارات سريعة. وأضاف أن عدم الصبر على استراتيجية المدربين بحثا وراء تحقيق البطولات والنتائج الإيجابية بدون تأنٍ يعد سببا آخرا. ويشدد كميخ على أنه يفترض على اللاعبين أن يكونوا أكثر تمسكا بالمدربين حتى يحظوا بثقة المدربين القادمين إليهم لأن كثرة التغييرات تؤدي إلى فقدان ثقة المدرب القادم بالإدارة واللاعبين فلا يستطيع أن يطور الأداء لأنه يكون تحت ضغط وعدم تركيز. ويبين بأنه يجب الاستعانة بأخصائيين نفسيين واجتماعيين يعملون يدا بيد مع الإدارة والمدربين للدفاع عن الحق بين أضلاع المثلث فلا يبقى المدرب يغرد وحيدا. ويتابع كميخ بقوله "يجب أن تكون هناك توعية للجماهير الرياضية توضح أن الأسباب ليست كلها بسبب المدربين. نلاحظ أن الفتح ونجران قدما أداء جيدا ومع هذا تمت إقالة المدربين، مع أنه في دول أوروبا يخسر الفريق بخمسة وستة أهداف ولا يقال المدرب. ففي هذا الأمر تبذير وإهدار للأموال يتحمل مسؤوليته الإعلام والإدارات؛ حيث يجب عليهما توعية الشارع الرياضي". ويضيف "كثير من الإعلاميين الكبار يطالبون بإقالة مدرب النصرالإسباني كانيدا لعدم اللعب بمهاجمين مع أن فريق برشلونة الإسباني يلعب بهذه الطريقة، ورغم أن كانيدا حقق العلامة الكاملة في الدوري حتى الآن وأعطى بلمساته الفنية الفرص والحلول للاعبي الوسط بالتسجيل، ففي النصر يسجل السهلاوي وأدريانو والشهري وغالب". ويطالب كميخ الإعلام بتوعية الشارع الرياضي والوقوف ضد موجة إقالات المدربين لتتحقق ثلاث مكاسب أولها تعزيز الثقة في الخارج وإثبات أن الكرة السعودية جاذبة لا طاردة، وأن اللاعب السعودي لديه الثقافة والمهنية لحماية المدربين، وأخيرا أن نحافظ على أموالنا من الهدر. من جانبه، أوضح المدرب الوطني يوسف عنبر أن إقالة المدرب أمر مزعج لا يخدم الفريق ويتسبب في عدم الاستقرار، وهو قرار إداري في الأول والأخير، يتطلب دائما من الإدارة التأني والتروي في اختيار المدرب وفقا لإمكانياته العلمية والفنية ولا تركض خلف علاقاتها أو وكلاء المدربين. ويتابع "تعودنا على الإقالات ففي كل موسم نجد بين 11 إلى 24 مدربا يقال في دورياتنا المحلية وهذا عدد كبير يرجع لضعف الاستراتيجيات التي تسير عليها بعض إدارات الأندية في اختياراتها للمدربين؛ ذلك أن الأندية الكبيرة تهدف من خلال تعاقداتها إلى تحقيق البطولات، فيما تهدف أندية الوسط ومتذيلة الترتيب العام إلى مدربين للهروب من الهبوط، بينما ليس هناك اهتمام بالفئات السنية والتطوير". ويضيف "كانت الأندية الكبيرة تستقطب لاعبين من الأندية الصغيرة، لكن الآن الوضع تغير، وأصبحت الأخيرة هي من تستقطب لاعبين من فرق المقدمة، وهنا تحدث الكارثة حيث البعض من هؤلاء ينتقلون وهم لا يملكون روح الولاء ولعبهم يفتقد إلى الإخلاص، والأندية الصغيرة لا تعتمد على القاعدة وهذه من الأسباب التي تجعل من اختياراتها للمدربين ترتكز فقط على عدم الهبوط".