مشاهد موائد إفطار رمضان انتقلت من المدن وخيام المساجد، إلى الخطوط والطرق السريعة الواصلة بين المدن الكبرى، وتتحول جنبات هذه الطرقات مع اختفاء آخر خيوط الشمس إلى مائدة إفطار على مد البصر، تتخذ خلالها السيارات العابرة قبيل الأذان بوقت قصير ركناً، استعدادا لتناول وجبة الإفطار وأداء الصلاة، فيما تبدأ الحركة بالتناقص إلا من بعض العابرين الذين قرروا إكمال الطريق نحو وجهتهم، والاكتفاء بتناول القليل من الطعام إلى حين الوصول للوجهة المحددة. وقبيل الغروب، تنتشر سيارات المسافرين على قارعة الطريق، لا يفصل إحداها عن الأخرى سوى أمتار قليلة، فيما تبدأ العائلات المسافرة بفرد الموائد على المساحات الرملية، ما يجعل الصورة أشبه بمائدة إفطار كبرى على مشارف الطريق السريع، وتشكل دلال القهوة وأطباق التمر العلامة المشتركة بين تلك الموائد، وتضع الأسر أصنافا من الطعام لا تختلف كثيرا في نوعيتها أو كميتها عن تلك التي يتناولونها في منازلهم، إلا في كونها تقدم في حافظات طعام بلاستيكية عوضا عن الأطباق الصدفية. ولا يختلف الحال كثيرا لدى العزاب، حيث يعمد البعض منهم إلى افتراش الطريق لتناول الطعام، وفي حالة السفر ضمن مجموعة أو مصادفة أحد المعارف أو الأصدقاء في الطريق، تتحول جمعة الإفطار إلى جلسة سمر، قد يطول فيها البقاء عن الحد الذي يحتاجه الإفطار، وكعادة من يعيش حياة "العزوبة"، يحرص العزاب على المساهمة في المائدة، بحيث يحضر كل فرد صنفا أو أكثر ليشارك به زملاءه، إضافة إلى حرصهم على قضاء وقت إضافي بعد تناول الإفطار، لتبادل الأحاديث وتناول الشاي والقهوة، وأداء الصلاة جماعة قبل إكمال مسيرهم نحو وجهتهم. ولم يترك أحد ملاك المزارع الواقعة على الطريق السريع فرصة اكتساب أجر إفطار صائم، حيث أقام مخيما بالقرب من المسجد المجاور لمزرعته خصصه لتفطير الصائمين، ويشاهد المسافر على بعد أقل من 100 كيلو متر غرب مدينة الدمام لوحة تنبه المارين بالطريق لوجود مخيم إفطار صائم على بعد 4 كيلو مترات، وغالبا يلجأ سائقو الشاحنات الذين يتحتم عليهم عملهم السفر باستمرار إلى المخيم لتناول وجبة الإفطار، قبل أن يعودوا لإكمال مهمتهم. ويلجأ المسافرون الأفراد إلى أكشاك بيع القهوة إذا حل عليهم وقت الإفطار وهم على الطريق، ليتناولوا بعض الأطعمة الخفيفة والشطائر، التي تشبع جوعهم بعد الصيام، عازمين على تناول وجبة عشاء دسمة تعويضا عن الإفطار الخفيف، في حين يشهد الطريق توقف الشاحانات المسافرة عبره ساعة الإفطار، ويحرص السائقون العاملون في شركة واحدة على الإفطار الجماعي، متخذين مساحة من الطريق، لتناول الإفطار الذي أحضروه معهم في حاويات معدنية، وأخذ قسط من الراحة قبل العودة للسفر.