تنتشر في جميع أنحاء المملكة في شهر "رمضان" مخيمات رمضانية لتفطير الصائمين، فلا يكاد يخلو مسجد من وجود مقر للإفطار، كما تنتشر سفر إطعام الصائمين على الطرق السريعة وفي بعض الاستراحات، حيث يتسابق أهل الخير والميسورون، إلى جانب الجمعيات الخيرية والمكاتب الدعوية في التكفل بإعداد مخيمات تفطير تشهد إقبالاً كبيراً من المقيمين من جنسيات مختلفة، في أجواء روحانية وأخوية متحابة في الله، وألفة كبيرة على الرغم من أن غالبيتهم لم يتعارف بعضهم على بعض إلاّ في مخيمات الإفطار. تجهيز المخيمات نال استحسان المقيمين ويحرص القائمون على مخيمات إفطار الصائمين على تجهيز المقر بشكل مناسب ولائق لاستقبال الصائمين من خلال تجهيزه بوسائل التكييف والفرش المناسب، إلى جانب الاهتمام بالنظافة، لإستيعاب أكبر عدد من الصائمين، فضلا عن إعداد سفرة الطعام بما لذ وطاب من أصناف الأكل والشرب، إذ لا تخلو موائد الإفطار من تمور وعصائر ومياه شرب، وألبان ومعجنات، إلى جانب حلويات وفواكة وشوربة، إضافة إلى الأرز والدجاج واللحم والقهوة والشاي، وغيرها من الأصناف. د.سعد الجريد ورصدت "الرياض" خلال جولتها التطور الذي تشهده مخيمات الإفطار المنتشرة في الأحياء والطرق من حيث التنظيم والترتيب لاستقبال الصائمين، وكذلك نوعية الوجبات المقدمة وتعددها، في وقت انتهجت العديد من المخيمات تقديم وجبة "الرز واللحم"، كوجبة أساسية. أنشطة دعوية وقال "عبدالعزيز الفيصل" - رئيس لجنة إفطار الصائم بجمعية البر بتمير - إن اللجنة تعمل قبل رمضان بعدة أسابيع من أجل تهيئة أماكن تفطير الصائمين بشكل مناسب ولائق من حيث الموقع والمساحة والخدمات الأساسية، مبيناً أن الجمعية جهزت هذا العام (14) موقعاً، أبرزها المخيم الواقع على الطريق السريع بالقرب من مخرج محافظة "تمير"، ويبلغ عدد المستفيدين من مخيمات الإفطار (1900) صائم بشكل يومي، مشيراً إلى أن تجمع الصائمين من المقيمين في مخيمات الإفطار يعد فرصة سانحة لإقامة محاضرات وأنشطة دعوية وتثقيفية تخاطبهم بلهجاتهم، مقدماً شكره لكل الداعمين والعاملين في مخيمات إفطار الصائمين، داعياً المولى القدير أن يجعل ذلك في موازين حسناتهم. عبدالعزيز الفيصل إعداد وتنظيم وأشار"عيسى العيسى" - متطوع في تنظيم مخيمات الإفطار - إلى أن دوره وزملائه المتطوعين يكمن في تهيئة المكان وإعداد سفر الإفطار واستقبال الصائمين، وتنظيم أماكن جلوسهم من دون تزاحم، إلى جانب إزالة الأطعمة بعد الإفطار وتوزيع الفائض على الراغبين، مبيناً أن هناك محاضرات ينفذها "مكتب الدعوة والإرشاد" لتبصير المقيمين في أمور دينهم، إضافة إلى توزيع كتيبات دينية وتوعوية ومسابقات. وقال "عبدالمجيد الحسين" - متطوع في تنظيم مخيمات الإفطار - ان أبرز الصعوبات التي يواجهونها، هي مشكلة تنظيم الأعداد الكبيرة التي تحضر يومياً إلى المخيم، ما قد ينتج عنه نقص بعض الوجبات عندما يحضر عدد أكثر من المتوقع، وفي أحيان أخرى يحدث العكس، فتفيض الوجبات على الحاجة، إلاّ أن الحالة الأولى تحدث أكثر. حسن تنظيم وعبّر المقيم "عامر سلام" - أحد المستفيدين من مخيم الإفطار - عن سعادته وسروره من ترحيب القائمين على المخيم بمرتاديه من دون تفرقة بين عربي وأعجمي، مشيداً بحسن التنظيم، وجودة الوجبات الغذائية المقدمة للصائمين. وأكد "عبدالفتاح محمود" - أحد المستفيدين من مخيم الإفطار - أن مخيمات الإفطار المنتشرة في معظم المساجد، تجسد كرم أهالي المملكة، وحبهم الخير، واصفاً المخيمات بالموقع المثالي للاجتماع مع الأصدقاء طوال شهر رمضان وتبادل أطراف الحديث. تكافل اجتماعي وبيّن "د. سعد بن عبدالرحمن الجريد" - الأستاذ المشارك في كلية الدعوة والإعلام بجامعة الإمام - أن مخيمات الإفطار في شهر "رمضان" تُعد من الظواهر الإيجابية؛ لاعتبارات شرعية واجتماعية ودعوية، حيث نصت النصوص الشرعية على فضل تفطير الصائمين، مستشهداً بما ورد عن "زيد بن خالد الجهني" - رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم - قال: "من فطر صائماً أو جهز غازياً فله مثل أجره". وقال: "كان السلف الصالح يتطلعون إلى هذا العمل الشريف ويعدونه من أجل القُربات، وأخبارهم في هذا مشهورة، فقد كان (حماد بن أبي سليمان) يُفطر كل ليلة في شهر (رمضان) 50 شخصاً، فإذا كان ليلة الفطر كساهم ثياباً، وجاء سائل إلى (الإمام أحمد) فدفع إليه رغيفين كان يعدهما لفطره ثم طوى وأصبح صائماً". وأضاف ان الاعتبارات الاجتماعية تتجلى في كون الإفطار الجماعي ملتقى لأشخاص من جنسيات مختلفة، ولغات متعددة، ما يعزز الوحدة، ويبرز معاني الرحمة والتكافل الاجتماعي في الإسلام، مبيناً أن إطعام الآخرين يجسد سمو الخلق، ويخلص البعض من الشح. وقال إن مخيمات الإفطار فرصة دعوية، لإيصال رسالة المملكة في تبليغ الدعوة ونشر العلم وتفقيه الناس بأمور دينهم، داعياً إلى تجنب الإسراف في المأكولات والمشروبات، احتراماً لشهر رمضان، منوهاً أن ترك الإسراف يعبر عن شخصية المجمتع الحضارية ووعيه الثقافي.