تبقى «سفرة إفطار الصائم» التي تجمع المسلمين داخل الحرم المكي الشريف، شاهدا على ما يحدثه الصيام من إشاعة للمحبة بين المسلمين، كما أنها تمثل فرصة لأهل العاصمة المقدسة كي يتسابقوا بحثا عن المثوبة. وتجمع السفرة مسلمين من كل الأجناس، وخلالها يتم توزيع المأكولات والمشروبات، ليجلس عليها الصائمون لتناول إفطارهم بشكل منظم، ورغم الزحام إلا أنك تتفاجأ بأن بقايا السفرة تزال خلال ثلاث دقائق فقط بعد انتهاء الصائمين من إفطارهم. يحاول كل حاضر أن يساهم في إعداد السفرة، فهناك من يأتي بأصناف التمور وهناك آخرون يقدمون أنواعا شتى من العصائر الطبيعية إضافة إلى ثلاجات القهوة العربية بينما تجد فئة منهم تعبئ الكاسات البلاستيكية بماء زمزم المبارك الذي يكون أول ما يروي الجوف بمجرد انطلاق الأذان. ويقول علي فايز الذي يشارك في إعداد السفرة «منذ أكثر من 25 عاما وأنا أشارك في إعداد سفرة إفطار الصائمين بالمسجد الحرام، حيث يتسابق المكيون والزوار وبعض المؤسسات الأهلية في إعداد هذه السفرة، وذلك بدافع حب الخير والواجب الاجتماعي في استضافة زوار الحرم المكي الشريف». وأضاف «تحتل هذه الموائد مكانة خاصة لدى أهل مكةالمكرمة، حيث يحرص عدد من المحسنين وفاعلو الخير على جلب القهوة، وآخرون على الإتيان بكراتين التمر السكري والروثانة وغيرها»، مشيرا إلى أن الاستعدادات لتحضير سفر الإفطار تبدأ من الساعة الثالثة عصرا، حيث يلحظ مرتادو الحرم الشريف قدوم أعداد من السعوديين والوافدين وهم يحملون معهم أكياسا من التمر وثلاجات القهوة في طريقهم إلى الحرم الشريف تمهيدا لاختيار الموقع المناسب لوضع السفرة الرمضانية فيه». وقال فايز: إنه تمشيا مع ظروف الطواف فقد لجأ بعض المحسنين والقائمين على هذه السفر إلى تعبئة صحون كبيرة بكميات من التمور والوقوف بها في صحن الطواف مع قرب أذان المغرب، لتقديمها للطائفين، فيما يحمل بعضهم ثلاجات القهوة وفناجين بلاستيكية ويدورون بها داخل صحن المطاف لتقديم القهوة لمن يريد من الصائمين. ويقول سلطان خلف «إننا في موسم منافسة على الأجر، فتجد من يوزع حبات التمر على الصائمين، وغيرهم يعبئ كؤوس زمزم ويوزعها على الصائمين لحظة الإفطار»، مشيرا إلى أنه يتم إدخال التمر والقهوة فقط داخل الحرم، بينما تتم إضافة العصائر الطبيعية والكرسونات على مائدة إفطار الصائم. وقال سلطان: إنه يتم يوميا توزيع قرابة 15 ألف وجبة إفطار صائم في ساحات المسجد الحرام. من جانب آخر، تقدم جمعية هدية الحاج والمعتمر الخيرية في مكةالمكرمة في شهر رمضان أكثر من 1.1 مليون وجبة إفطار للصائمين، إذ تم تخصيص 400 ألف وجبة للإفطار في ساحة الحرم المكي، و 700 ألف وجبة للموجودين في الساحات المحيطة بالحرم، والمداخل المؤدية إلى العاصمة المقدسة، وتحتوي الوجبات وفق معايير لجنة السقاية والرفادة على خمسة أصناف ذات جودة.