دخل رب الأسرة المطعم متقدما أسرته الصغيرة المكونة من زوجة وطفلين صغيرين أحدهما في السابعة والثاني في الخامسة من العمر وطفل رضيع تحمله خادمة تلحق بهم لم أتمكن من معرفة جنسيتها لأنها كانت مكتسية بالسواد من رأسها حتى أخمص قدميها،إضافة إلى نقاب غطى وجهها عدا عينيها. ولكن يمكن التكهن من طريقة مشيتها، وحداثة العهد بالتعامل مع العباءة وتواضع ملابسها والنبرة الحادة التي يخاطبها بها رب الأسرة وزوجته بأنها خادمة الأسرة. كان يبدو على الأسرة الكثير من التدين فالرجل قد أطلق لحيته وقصر ثوبه والزوجة ترتدي قفازا ونقابا وعباءة على الرأس. دخلوا المطعم وقت الظهيرة بهدوء واختاروا طاولة تقابل الطاولة التي أجلس عليها أنا وإخوتي. وما أن جلست الأسرة حتى قام الزوج بسحب كرسي ليضعه خلف كرسي زوجته ولكن قلب وجه الكرسي ليواجه طاولتنا وأمر الخادمة بالجلوس. فأصبحت ترانا ونحن نأكل ولكن لا ترى ما يحدث على طاولة خلفها حيث تجلس الأسرة. ظلت الخادمة في مكانها حاملة الطفل الرضيع بين يديها تهدهده طوال الوقت فيما كانت الأسرة منشغلة في طلب الطعام والاستمتاع بالأكل والحديث. وعندما انتهى الجميع من الأكل أمر الزوج الخادمة أن تقترب من طاولة الطعام وتأكل مما تبقى من الأكل، ثم سأل زوجته عن رأيها في أن يطلب للخادمة شيئا لتشربه فردت الأخيرة بصوت لا يخلو من الحدة: لا، دعها تشرب مما تبقى من مشروبات الطفلين. انتهى! أحيانا يصعب على المرء التعليق على مثل هذه المناظر التي تعبر عن قصور واضح في فهم الدين وقيمه.