بعد سبعة أشهر من العثور عليها، حكمت المحكمة العامة بالرياض على خاطفي الطفلة شهد، التي اختطفت من المستشفى العسكري في الرياض فيما كانت تبلغ من العمر يوما واحدا، بالسجن والجلد بواقع 15 سنة و13 ألف جلدة للزوج الخاطف، وثلاث سنوات وألف و500 جلدة للزوجة؛ لمشاركتها زوجها في جريمة الخطف. وأوضحت محاضر التحقيق وأقوال المتهمين تفاصيل هذه القضية، التي أسدل الستار عليها بعد تسعة أشهر ساخنة، استغرقتها عملية البحث عن الطفلة، ونحو سبعة أشهر من المحاكمات. الخيط المؤدي إلى المتهمين وكشف صك الحكم الذي احتوى حيثيات القضية، أن الخيط الذي دل على الخاطفين قدمه مواطن أبلغ الشرطة بأنه رأى امرأة ليلة الخطف، قرب المستشفى العسكري وكانت تحمل رضيعا وتجري به بطريقة مريبة، وقال المبلّغ: “إن المرأة كانت ترتدي عباءة على الرأس وحذاء رياضيا أبيض اللون”. ولم تكن هذه المعلومات ذات قيمة في سبيل حصر المشتبه بهم، لكن قيمتها تظهر عند ضبط مشتبه بهم، يمكن أن يُستدل على الفاعل من بينهم باتباع المعلومات التي قدمها المبلّغ. وظلت أقواله قيد الحفظ، حتى توصلت عمليات البحث والتحري إلى زوجين مواطنين يقيمان في شقة سكنية جنوبالرياض. العثور على الطفلة عثر على الطفلة لدى الزوجين، وقال الزوج إنه عثر عليها برفقة زوجته قبل ستة أشهر قرب مجمع تجاري شمال الرياض، وإنه أبلغ الشرطة عن ذلك بعد عثوره عليها بستة أشهر، وأوضح أن الشرطة طلبت إجراء فحص الحمض النووي للطفلة، وثبت أنها الطفلة المختطفة. لكن المدعي العام بعد اطلاعه على أقوال المتهم، فنَّد الأقاويل بتأكيده أن المتهم لم يذهب إلى الشرطة للإبلاغ عن الفتاة بنفسه، بل قبض عليه قسم الشرطة لوجود مطالبات حقوقية ضده، كما أكد المدعي أقوال الزوجة التي طابقت أقوال زوجها، وقال: “إن ثمة شاهدا رآها وهي تهرب من المستشفى برفقة الرضيعة ليلة الجريمة، وإنها كانت ترتدي حذاء أبيض، هو ذاته الذي عثر عليه في منزلهما”، كما أكد المبلّغ عند عرضه عليه. أقوال المتهمين وبإظهار نتائج التحقيقات السابقة للمتهمين (الزوج وزوجته) بدأ بينهما الخلاف، على الرغم من اتفاقهما على تقديم أقوال متطابقة، لكن الزوج بدأ بشتم زوجته وسبها، فأخذت الشرطة الزوجة إلى مكان منفصل واستجوبتها بعيدا عن زوجها؛ علها تنطق بالحقيقة، لكنها كررت على أسماع المحققين ما قالته من قبل. ثم استجوبت مرة ثانية، فظهرت أولى بوادر الاعتراف، عندما حاولت الزوجة تحميل زوجها المسؤولية منفردا، حيث قالت: إن زوجها دخل عليها ذات يوم وبرفقته الطفلة، وإنه قال لها إن هذه طفلة صديق له يمر بمشكلات مع زوجته. واعترفت الزوجة في التحقيق بزيف أقوالها السابقة، متهمة زوجها بأنه طلب منها ذلك. روايات الشهود ثم قال المحققون للزوجة إن هناك من رآها وهي خارجة من المستشفى تلك الليلة برفقة الطفلة، وإن هذا الشاهد مستعد لتقديم شهادته في المحكمة، لكن الزوجة لم تتراجع؛ ما دفع المحققين إلى مواجهتها بقصة الحذاء، ومن ثم جلب المحققون الشاهد وألبسوا المرأة عباءة، إضافة إلى الحذاء الذي كانت ترتديه، فتعرف الشاهد عليها على الفور، وقال: “إنها هي”، وإنه تعرف عليها من (مشيتها). لكن الزوجة واجهت حقائق المدعي العام بالصمت والإصرار على صحة روايتها الأخيرة، وأنها هي الرواية الحقيقية الكاملة. المدعي يطالب ب(الحرابة) في جلسات المحكمة، طالب المدعي العام بعقوبة الحرابة ضد الزوجين، مستندا إلى جملة حيثيات، من بينها اعترافهما ببقاء الطفلة عندهما طوال تسعة أشهر، وأقوال الشهود التي كانت ضد الزوجين، التقارير التي تثبت أن الطفلة المعثور عليها عند الزوجين هي ذاتها التي اختطفت من المستشفى العسكري، ولم تفقد أو تتوه من أهلها. ووصف المدعي جريمة الزوجين بأنها إفساد في الأرض وانتهاك للمحرمات وألحقت الضرر بالطفلة وأهلها على المستويات كافة، وعلى ذلك طالب بتطبيق عقوبة حد الحرابة، وهي عقوبة ذات مستويات متفاوتة. المتهم يرد برواية أخرى رد المتهم على مذكرة المدعي العام بتكذيبها، وقال إنه في أحد الأيام خرج وزوجته ليتسوقا من مجمع الجزيرة التجاري، وعند خروجهما بصحبة ابنتهما ذات السنتين شاهدوا رضيعة في كرسي أطفال قرب أحد المحال وكانت تبكي، فأخذتها الأسرة واتجهوا إلى منزلهم، وأضاف الزوج في روايته: “كنت أريد تسليمها للشرطة، لكنني كنت مطلوبا لديهم بقضايا حقوقية وقد قبضوا عليّ بالفعل في تلك الليلة وسجنت ستة أشهر من أجل تلك المطالبات المالية”. وتابع: “عقب خروجي من السجن ذهبت إلى مركز الشرطة وأبلغت أحد ضباط القسم بأن هذه الرضيعة وجدتها قبل ستة أشهر وكان قصدي من الإبلاغ حصولي على ورقة لتبني هذه الطفلة فطلب إجراء تحليل لي ولزوجتي والطفلة الرضيعة، وبعد ذلك أدخلت السجن ثانية”. الزوجة تحمّل زوجها المسؤولية أما الزوجة فكانت روايتها للقصة أمام القضاء كالتالي: “أحضر زوجي الرضيعة وطلب مني الاهتمام بها، بعد ذلك سُجن وسافرت أنا وابنتي والطفلة وطلب شقيق زوجي أن نقدم بلاغا عن الطفلة، لكنني كلما سألت زوجي كان يقول لي (اسكتي أنا مرتّب لكل شيء). وعندما طلب منه شقيقه أن يسلّم نفسه بعد خروجه من السجن رفض هذه الفكرة، إلا إن وافقت أنا على تقديم أقوال معينة عن القضية، ووافقت لخوفي منه”. رأي القضاة وحكم المحكمة في آخر المحاكمات رأى القضاة الثلاثة الذين نظروا القضية بكل تفاصيلها، أنه لم يظهر لهم ما يوجب إقامة حد الحرابة على الزوجين، وثبت لديهم أن الخاطف أخذ الطفلة الرضيعة من مكان عام، وأنه أخفاها واستمر على ذلك من دون إبلاغ الجهات المختصة، من غير ندم على فعله، كما ثبت لديهم قيام الزوجة الخاطفة بالاشتراك مع زوجها في إخفاء هذه الطفلة وكتم أخبارها والاستمرار على ذلك من دون إبلاغ أهلها أو أهل زوجها أو الجهات المختصة. وصدر الحكم آنف الذكر، وهو حكم قابل للتمييز.