نحاول في هذا المقال تكملة الجزء الثاني من وضع تقييم واقعي للقوة العسكرية الإيرانية. ولقد سعدت كثيراً بردود القراء الكرام العديدة سواء في الجريدة أو في تويتر على مقال الجزء الأول وهذا يثبت ما قلناه سابقاً أننا نحتاج إلى محررين عسكريين في إعلامنا لتحليل الأخبار العسكرية بشكل موضوعي دون مبالغات! في هذا الجزء سنتكلم عن القوة البحرية الإيرانية مع انه من الصعب اختصار 100 صفحة في مقال! ولكن قبل أن نتكلم عن البحرية الإيرانية يجب أن نقسمها لفترتين فترة عهد الشاه والتي تشكل 90% من قوة إيران الحالية وفترة بعد الخميني عندما توقف التطوير البحري الإيراني وبدأت فترة محاولة الاستنساخ والترقيع التقني! البحرية الإيرانية تتكون من حوالي 18000رجل منهم 2600 مشاة بحرية وتملك 4 فرقاطات و2 كورفت و26 زورقاً صاروخاً و5 كاسحات للألغام و60 زورقاً ساحلياً و13 برمائية وتملك 3 غواصات من نوع كيلو الروسية وأيضا حوالي 12 غواصة صغيرة من نوع غدير و3 طائرات دورية بحرية و13 مروحية بينما الحرس الثوري الإيراني يملك 35 زورقاً صاروخياً ومئات من الزوارق الساحلية والدورية الصغيرة. عندما نتكلم عن العقيدة البحرية الإيرانية يجب أن نتكلم عن معركة عام 88 بين البحرية الإيرانية والأمريكية لأن هذه المعركة شكلت صدمة للبحرية الإيرانية وغيرت طريقة تفكيرها حيث خسرت البحرية الإيرانية في ساعات فرقاطة غرقاً وقتل 45 من كانوا عليها ودمر زورق صاروخي وقتل 11من طاقمه وأغرقت 3 زوارق سريعة ودمرت فرقاطة أخرى نجت من الغرق بأعجوبة! بينما أمريكا لم تخسر أي قطعة بحرية!هناك عرفت البحرية الإيرانية أن سفنها القديمة من عهد الستينات والسبعينات لا تجاري السفن الحديثة لذلك بدأوا بالتركيز على الزوارق الصغيرة السريعة والهجوم على شكل أسراب بالعشرات على السفن الكبيرة أو ما يسمى عسكرياً بطريقة أسماك البيرانا وذلك لتعويض النقص التكنولوجي الحاد بينها وبين بقية دول الخليج والعالم! إذا ناقشنا القطع البحرية الإيرانية الكبيرة بالتفصيل سنجد أن أغلبها من فترة الستينات فهي تملك 3فرقطات من نوع سام البريطانية ثم استنسخت إيران منها فرقاطة جديدة أطلقت عليها جمران وفليات والمضحك أنها تطلق على جمران لقب مدمرة! ولا يوجد في كل تصنيفات العالم البحرية سفينة يطلق عليها مدمرة وإزاحتها صغيرة 1500طن فقط!فهي حسب التصنيف البحري فرقاطة خفيفة أو كورفيت صغير.وربما الميزة الوحيدة في الفرقاطات الإيرانية أنها مزودة بصواريخ سي-802 الصينية! طبعاً وكما هي العادة غيرت إيران لون طلاء الصاروخ وأسمته أحد أسمائها والملاحظ أن الغالبية العظمى من تسليح القطع البحرية الإيرانية هي صواريخ صينية في الأصل ولكن (فارسية) أسماءها! إذا تكلمنا عن الغواصات الإيرانية من نوع( كيلو) فهي لا تصلح أبداً لمياه الخليج الضحلة جداً فهي أشبه بحوت كبير في مسبح مما يؤدي إلى تدميرها بسب سهولة اكتشافها لو حدثت معركة! لذلك حاولت إيران تعويض أخطائها باستنساخ غواصات صغيرة جداً3-6 ركاب(يونو)من كوريا الشمالية وأسمتها غدير وتحاول الآن تطويرها لنوع آخر. أما القوة البحرية الإيرانية فتكمن في الزوارق السريعة وهنا نتكلم عن حوالي 160 زورقاً 70 منها يملك صواريخ صينية هذا غير 15 زورقاً صاروخياً أكبر حجماً قليلاً وتستخدم 2-4 صواريخ صينية سي 802 أيضاً! لكن البحرية الإيرانية ينقصها أهم ما يميز أي بحرية حديثة وهو مركز قيادة متطور للتحكم والسيطرة! فلا يوجد اتصال آمن بين فروعها وقطعها البحرية وهي تعمل كأنها فريق كل لاعب يلعب لوحده! بالإضافة إلى أنها لا تملك غطاء جوياً أو دفاعاً جوياً حديثاً للدفاع عن القطع البحرية مما يجعلها فريسة سهلة للمقاتلات والمروحيات! بينما في الجهة الأخرى يلاحظ أن الخليجيين ركزوا على تفكيك مراكز القوة للبحرية الإيرانية وحتى لا تستخدم إيران الموجات البشرية كما فعلت بحرب العراق(ولكن عن طريق الزوارق هذه المرة)قاموا بالتركيز على القنابل العنقودية التي تغطي مساحات هائلة فعلى سبيل المثال هناك الآن راجمات كل صاروخ يحمل مئات القنابل الصغيرة بل آخر ما عرضه الخليجيون من راجمات( راجمة واحدة تغطي 4 كيلو مترات مربعة مثل الدينصور الإماراتي) وأيضا ركزوا على الأجيال الجديدة من القنابل العنقودية الذكية التي تحمل فيها القنبلة الواحدة 40 قنيبلة صغيرة ذات باحث ليزري تبقى تحوم في الجو تبحث عن أهدافها وعندما تجد الهدف تهجم عليه ولك أن تتصور أن قنبلة واحده قادرة على إغراق 40 زورقاً على مساحة 460 متراً طولا و150 متراً عرضاً! بالإضافة إلى أن القوة الجوية الخليجية أقوى بمراحل فنقطة الضعف الكبرى في الجيش الإيراني هي القوة الجوية وسنتطرق لها بالتفصيل في مقال قادم! نحن هنا في هذه المقالات لا نهون من قوة إيران وهذا غير مقبول لا علمياً ولا عسكرياً ولكن نبين الواقع من التفخيم! لكن هل القوات الخليجية كاملة؟ الجواب لا هناك بعض النقص والقصور وهم يعرفونه وآمل أن يقوموا بسده وتحسينه. ومؤخراً كثر الحديث عن النشاط البحري الإيراني في القرن الإفريقي! والحقيقة ان فيه شيئاً من الصحة ولكن مبالغ فيه جداً فالقطع البحرية الإيرانية الكبيرة ضعيفة التجهيز لكن لا يمنع من الحذر من حروب البروكسي وتهريب السلاح!أما السؤال الدائم: هل إيران قادرة على إغلاق مضيق هرمز؟ الجواب ليس بقوتها البحرية ولكن ربما بزراعة الألغام بسفن تجارية أو تهديد الملاحة بالصواريخ الساحلية لكن النتيجة عليها ستكون أسوأ كثيراً من معركة 1988.