عاماً بعد عام تتغير أسماء خريجي الثانوية العامة وتبقى مشكلة الطلاب وحيرتهم تجاه التخصص الذي يلتحقون به هي العلامة البارزة والثابتة في كل عام لافتقارهم للخبرة والدراية الكاملة بنوعية التخصصات الجامعية وهم في الثانوية العامة، وأحياناً بتدخل الأسر في فرض بعض التخصصات على أبنائها دون النظر في رغاباتهم حتى ولو كان الرأي خطأ ولا يتوافق مع قدرات الطالب وامكانياتة العلمية والنفسية وبين العوامل السابقة والمعدل التراكمي تتملك الطالب الحيرة حتى يلتحق بأي تخصص هروباً من الوضع الذي يعيشه. «الرياض» قامت بالاستطلاع التالي لتسليط الضوء على هذه المشكلة والتقت جميع الأطراف ابتداء من الطلاب المتخرجين في الأعوام السابقة وبعض المقبلين على التخرج وأولياء أمورهم إلى رجال التربية والتعليم. مما لاشك فيه أن أهم واجبات الأسرة الاهتمام بأبنائها من خلال توجيههم وإرشادهم وتنمية مداركهم العلمية حتى يتمكنوا من الاعتماد على أنفسهم مع مرور الوقت في معترك الحياة فهل يدرك الآباء أهمية اختيار الطالب تخصصه الجامعي بنفسه دون التأثير عليه فالمواطن سعد مسفر الكليب يدرك مسؤوليته الجسيمة تجاه أبنائه وبناته عندما قال: لقد تخرج ابني الأكبر محمد من الثانوية العامة قبل عامين وحاولت بشتى الطرق إقناعه في الالتحاق بكلية الهندسة إلا انه أصر على رغبته في الالتحاق بالكلية الصحية وبعد شد وجذب بيني وبينه رضخت وعلى مضض التحاقه بالتخصص الذي يجد نفسه قادراً على السير فيه وقررت بعد ذلك ترك ابني عبد الله يختار تخصصه الجامعي دون التأثير عليه. بينما قال الأب ناصر بن حمدان السبيعي: أن تحديد مسار الابن في الالتحاق بالتخصص الذي يرغبه بالجامعة أو الكليات العسكرية يجب أن يراعي فيه الابن رغبات واله وأسرته مهما كانت امكانياته العلمية وميوله تجاه تخصص معين وعند سؤاله عن سبب ذلك قال السبيعي يجب أن يكون ابني أحسن أبناء مجتمعي من خلال التحاقه بكلية الطب أو الهندسة أو دخوله أية كلية عسكرية حتى ولو وصل إلى مرحلة من العمر تضمن له حسن الاختيار. ويتفق معه ولي الأمر حسني محمد اليأس من مكةالمكرمة حيث قال: من وجهة نظري كأب أن الابن بعد تخرجه من الثانوية العامة يجب عليه استشارة والده في التخصص الذي سوف يلتحق به في المرحلة الجامعية لأن الأب يعرف مصلحته جيدا ويعرف التخصصات المهمة التي ستوفر له فرصاً أكبر وأسهل للعمل لذلك يجب توجيه الأبناء وألا نترك لهم حرية الاختيار لأنهم لايدركون مزايا جميع التخصصات ويفتقرون للخبرة والدراية الكاملة بنوعية التخصص الذي سوف يلتحقون به بسبب التأثر بالأصدقاء في المرحلة الثانوية. رأي الطالب يقول الطالب فيصل مذحل الدحيم طالب بالصف الثالث ثانوي وهو محبط رغم حصوله في الفصل الدراسي الأول على معدل100٪ ان نتائج الثانوية العامة ليست كافية لتحديد مصيرنا لافتقارها للدقة التي يمكن من خلالها تحديد التخصص الجامعي إضافة لتدخل والدي وأشقائي في اختيار التخصص وبسؤاله عن التخصص الذي يتمنى الالتحاق به بعد التخرج قال كلية الهندسة ولكن رغبة والدي في التحاقي بكلية الطب تقف حائلاً بيني وبين ذلك كما ان أشقائي لهم رائي آخر من خلال إصرارهم علي في دخول كلية علوم الحاسب الآلي تمشياً مع متطلبات العصر وهذا جعلني أعيش قلقا بسب حبي للهندسة وبين رغبات أبي وأشقائي. ويؤكد الطالب عبدالله مشعل البقمي: بعد سؤاله عن رغبته وطموحه بعد التخرج أنني لم أفكر حتى الآن في ذلك لأن فكري منصب حالياً على الظفر بتقدير ممتاز ومن ثم احدد اتجاهي بعد آخذ رأي والدي في ذلك. وعن سؤاله عن دور المعلمين في توجيههم وإرشادهم للتخصصات الجامعية أثناء العام الدراسي قال: ابداً لم يحدث ان قام أعضاء هيئة التدريس بالتطرق لذلك لا من بعيد ولا من قريب ولا نعلم جميعنا عن التخصصات الجامعية شيئا أثناء الدراسة ولكن نسمع ان هناك جامعات فقط من أقاربنا الذين التحقوا بها بعد التخرج. عبدالخالق مفرح الحمداني خريج ثانوية عامة يقول: لقد تخرجت من المرحلة الثانوية العام المنصرم بتقدير جيد جدا ولم أضع لنفسي تصوراً للتخصصات الموجودة في الجامعات السعودية لأنني لا أعرفها وعن سؤاله عن السبب قال لم ابحث عن ذلك أثناء الدراسة ولم أجد الذي يوجهني التوجيه الصحيح من المعلمين في المدرسة كما أن ظروف الحياة جعلتني استثني التخصص من حياتي مع العلم بأن ذلك ضروري ومهم بعد أن تعذر حصولي على عمل. بينما قال الطالب مشاري نايف النجيمي طالب بجامعة أم القرى بالطائف: أنني كانت لدي الرغبة في دخول قسم الحاسب الآلي بالجامعة لكن والدي فضل دخولي قسم اللغة الانجليزية بدلا من ذلك مما جعلني أعيش في حيرة بين رغبتي ورغبة والدي واصراره على دراسة اللغة الانجليزية فهو يرى بأن اللغة الانجليزية ضرورية خاصة وأنها سوف توفر لي العمل في الشركات الخاصة بعد تخرجي وبعد فترة طويلة قضيتها وأنا عاجز عن التفكير واتخاذ القرار حققت رغبة والدي والتحقت بكلية اللغة الانجليزية التي أواجه فيها الآن صعوبات بالغة بعد مضي عام من التحاقي بها. الرأي التربوي اجمع التربويون على ان تفوق الطالب في شهادة المرحلة الثانوية ليس مقياساً حقيقياً لمستوى الطالب ولا يحدد توجهه بسب المناهج الدراسية التي تعتمد على التلقين فقط دون الاهتمام بالجوانب العلمية العملية أثناء الدراسة كما ن عدم وجود مرشد متخصص كان له الدور الأكبر في حيرة الطلاب في اختيار التخصص الذي يتوافق مع ميولهم. ويشير المعلم حمدان السبيعي إلى ان حيرة الطلاب في اختيار التخصص ليست بسبب تدخل أولياء الأمور فقط بل هناك العديد من العوامل التي من أهمها مدخلات التعليم التي تعتمد على التلقين والحفظ فقط دون الاهتمام بالجانب العملي والتطبيقي مما يجعل المتخرج يحتار في اختيار التخصص الجامعي إضافة لغياب التثقيف المهني في المدارس الذي يهيئ الطالب من المرحلة الثانوية لسوق العمل. وأكد الأستاذ راشد مانع القحطاني مدير مدرسة بأن حيرة الطلاب أمام اختيار تخصصاتهم الجامعية تزداد عاما بعد عام ويعود ذلك لعدم قدرتهم على تحديد مسار حياتهم من الثانوية العامة وهذا يعود لأمرين هامين الأول يخص الطالب واسرته التي تشارك الطالب في تحديد التخصص الذي يلتحق به حتى لو تطلب الأمر فرض ذلك عليه دون رغبة منه والأمر الآخر يتعلق بالمناهج التي لاتعطي مقياساً حقيقياً لمستوى الطلاب بعد التخرج إضافة إلى أنها لاتسهم في كشف قدراتهم الذهنية ولا تنمي مواهبهم. كما أن المعدل التراكمي يدخل في آخر الأسباب التي تجعل الطالب يحتار في ذلك لان الطالب لو حدد التخصص الذي يرغبه منذ دخوله الثانوية العامة سعى جاهداً للحصول على المعدل الذي يسهل له دخول التخصص الذي رسمه لمستقبله. أما المشرف التربوي عبد الله ناجي الرجا فيقول إن الحيرة التي تتملك الطالب قبل اختيار التخصص الجامعي أمر طبيعي لأن انتقاله من الثانوية العامة يعد نقلة نوعية في حياته ولكن غير الطبيعي عدم الاهتمام بالطلاب من قبل أولياء أمورهم الذين يفرضون عليهم بعض التخصصات التي لايرغبونها فيضطر الطالب لتحقيق رغبة والده مرغما كما أن افتقار المدارس لمرشد متخصص يساعد الطالب ويرشدهم إلى نوع الدراسة التي تلائمه بعد الثانوية العامة حتى تساعده في اختيار المهنة التي يرغب العمل بها لأن الهاجس الكبير للطالب في هذه المرحلة هي وظيفة المستقبل وهي الهدف الحقيقي للطالب بينما الدراسة الجامعية وسيلة للحصول على الوظيفة فهنا يبرز دور المرشد الذي يزود الطالب بالمهارات المناسبة لاتخاذ القرار فيما يتعلق باختيار التخصص والوظيفة المناسبة له ولمؤهلاته العلمية والنفسية من المرحلة الثانوية. لذلك يجب على الأسرة ترك الصلاحيات في اختيار التخصص للطالب وإبداء رأيه حول ذلك وأن يبتعد الآباء عن إجبار أبنائهم باختيار تخصص لايرغبون فيه لأن نتائجه الطبيعية ستكون الفشل.