قالت لي محدثتي إن لها زميلة تعيش في جحيم مع زوجها اأنه يضربها ويسيء لها جسدياً وانفعالياً ولفظياً أمام أطفالها الأربعة.. حيث لا يتجاوز عمر أكبرهم الحادية عشرة.. المهم انها لا تريد الانفصال عن زوجها من أجل أطفالها ومن أجل الحفاظ على جمع شمل الأسرة.. وبما أنني متخصصة في علم النفس سألتني عن رأيي.. والحقيقة انني أواجه الكثير من النساء يحملن نفس التساؤل سواء في المجتمع أو في العيادة أو في الجامعة من طالباتي المتزوجات.. وكما هو معروف فإن المرأة بطبعها تسعى جاهدة للحفاظ على حياتها الزوجية.. ولكن إلى أي مدى ممكن أن تمكث الزوجة والأولاد داخل قفص حياة زوجية غير سعيدة.. والسؤال الأهم.. هل وجود الأطفال في زواج غير سعيد أفضل من وجودهم مع أحد الوالدين بتوفر جو من الهدوء والسعادة؟ أفهم وأقدر صبر النساء وتحملهن العظيم لما يصدر من بعض الأزواج من سلوكيات سيئة بعيدة عن السلوك السوي المستقيم.. ولكن يظل هناك قدر من هذه السلوكيات التي قد تتحملها الزوجة بحيث لا تسيء لذاتها نفسياً أو جسدياً وأن لا يتأثر الأطفال بما يرون ويسمعون.. وإلا فالانفصال أفضل نفسياً لهم.. على الأقل يصبح جو الأسرة أكثر أمناً وأقل تهديداً.. إن أكثر ما يؤلم الطفل هو وجوده في جو مشحون بالغضب والعدوان ورؤيته لأمه وهي تتعذب خاصة أن كل ذلك مرتبط بشعوره بالأمن، فالطفل الصغير الذي يستيقظ يومياً على صوت شجار والديه، أو حتى يشهد العنف موجهاً لوالدته هو بالضبط كالراشد الذي يعيش وسط أجواء حرب مريرة مدمرة.. يعتقد البعض أن مجرد وجود الوالدين يحقق للطفل السعادة والصحة النفسية المنشودة بغض النظر عن ديناميات التفاعل بينهما.. صحيح ان أحسن الأجواء الأسرية تكمل بوجود الوالدين ولكن في جو من السعادة والانسجام والتفاهم بين الوالدين وتلك أجواء مثالية من الجميل جداً أن نوفرها للطفل إن استطعنا، ولكن عدم توفرها لا يعني إبقاءها شكلياً فقط.. في النهاية لابد أن ندرك أن عدم تحقيق قدر كامل من السعادة لا يعني أن نعيش حياة تعيسة مؤلمة..