لا يتأتى النجاح إلا بتجاوز التحديات بصدق واقتدار وتوخي الحذر من مطبات الطريق.. فليكن كل قائد مستقبلي بمثابة مُعلّم يستلهم دروس الأمس، وربان سفينة يقود بذكاءٍ بين أمواج الحياة العاتية.. وبالتسلح بالصبر والمعرفة والابتكار سيكون لكل فرد دوره الفاعل في ازدهار الوطن والمساهمة في رفد مسيرة التنمية.. في ظلال عصرٍ تتسارع فيه الخُطى نحو مستقبل واعد، يقف الإنسان الحكيم أمام المرآة، يتأمل عُمق تحديات ذاته، مُتسلحاً بعزيمة لا تلين، وإرادة تتحدى الصعاب، مع انبثاق كل فجرٍ جديد، تتجلى رؤية المملكة 2030 كنبراس يُضيء درب الاتقان والرقي، وتبرز التحديات كجبال تحتاج إلى من يشقها بصبرٍ وحكمة. إن سعينا نحو الكمال في الأداء والتميز في العمل ليس رحلةً سهلة، بل مسيرة حافلة بالجهد والتفاني، تحتاج إلى قلبٍ جريء، وعقل يقظ، كي نرتقي بأنفسنا ونُسهم في بناء وطننا الغالي. شاركتُ مجموعة كبيرة من الأصدقاء والمعارف يعملون في قطاعات الدولة المتعددة سؤالاً، إلا أن البعض وجدها فرصة للتعبير بإسهاب ثري، للثقة بيننا، والبعض كان مُترددا فذكر رؤوس أقلام وبعد النقاش أصبحت له الرغبة في ذكر المزيد، والبعض القليل اعتذر عن الإجابة وهذا حقه لأن مجال عمله لا يسمح بذلك، والبعض الآخر استئذن أن يُرسل السؤال لمجموعاته، فزادت المسؤولية على عاتقي، بعد أن انهالت علي الإجابات وتفرعت، وأشرقت لي بزوايا من منظور مختلف. كان السؤال كالتالي: في عالم مُتسارع ومتغير، نواجه العديد من التحديات على الجانب الشخصي أو في بيئة العمل أثناء السعي للإتقان والرقي بالأداء مع مواكبة رؤية المملكة 2030، لنكون أكثر قدرة على المساهمة في التنمية بشكل فاعل.. ما هذه التحديات من وجهة نظرك؟ حاولت بفضل الله فرز ما استعطت من بعض هذه التحديات المتنوعة التي يمكن أن يُواجها الإنسان، الى 5 تحديات وهي الشخصي والمهني والمالي وهناك تحدي عام وأيضا مرحلة ما بعد التحدي. أما الحلول العملية لها، فقد تختلف من شخص لآخر، وقد تحتاج إلى تجربة وتكيّف لتُناسب ظروفنا الفردية. قد يكون من المفيد استشارة (شخص خاض نفس التجربة قبلنا ونجح بها، وذلك للاستفادة وليس التعميم، أو مستشار مهني أو مدرب للحصول على دعم وإرشادات إضافية)، بل عقد ورشة عمل متخصصة لمناقشة ذلك بدقة، ستكون ضمن مقالاتي القادمة بإذن الله. وقد اشتركت بعض تلك الإجابات في التحديات الشخصية، تحدي التوازن بين العمل والحياة الشخصية ومقاومة الكثيرين للتغيير، ممن يجدون صعوبة في الانتقال من منطقة الراحة إلى قبول الأفكار الجديدة والتقنيات الحديثة، وصعوبة التحديث المستمر للمهارات في عالم يتغير بسرعة، فيفقدهم التوازن بين العمل والحياة الشخصية، ليؤثر سلباً على الأداء والرفاهية، ومن ثم ينعكس على صحتنا النفسية والعاطفية، فنُقصر في التواصل مع العائلة والمقربين بالمهام المطلوبة منا تجاههم. ثم ننتقل إلى التحديات المهنية، بِدأً من تحديات التواصل والعلاقات في مكان العمل، إلى تحديات تطور المهارات وتعلّم الجديد مما يجعلنا أبطء في مواكبة تكنولوجيا التقنيات الحديثة التي تتطلب فهماً واستيعاباً مستمراً. فيُقلل لدينا الفرص المُتاحة، ليقودنا إلى التحديات المالية التي تحتاج منا وضع خطة مالية وإدارة ميزانيتنا بشكل جيد، وتوفير الطوارئ المالية، والاستثمار بشكل ذكي لتحقيق الأهداف المالية الطويلة الأجل، ويقودنا ذلك إلى التحديات العامة، كتحسين إدارة الوقت من خلال تحديد الأهداف والأولويات، واستخدام تقنيات التخطيط والتنظيم وقوائم المهام. وأخيراً مرحلة ما بعد التحديات، الوصول لهذه المرحلة بحد ذاته، نجاح، ولكن من يُحركه الشغف والطموح لا يكتفي بها، فإنه يبحث عن التميز والاستثنائية، يقوده إلهامه ليكون إحدى النجوم الساطعة في تحقيق الرؤية، من يصل إلى هذه المرحلة يتلمس أين مكان مساهمته في التنمية؟ وكيف يؤثر فيمن حوله ويرتقي بهم ومعهم؟ وها نحن نقف على مشارف رحلتنا بين صفحات التحديات، ما علينا إلا أن ننظر للمرآة ونتأمل أين نحن الآن، فنشحذ الهمة ونُحدد البوصلة نحو آفاق أرحب. لا يتأتى النجاح إلا بتجاوز التحديات بصدق واقتدار وتوخي الحذر من مطبات الطريق. فليكن كل قائد مستقبلي بمثابة مُعلّم يستلهم دروس الأمس، وربان سفينة يقود بذكاءٍ بين أمواج الحياة العاتية. وبالتسلح بالصبر والمعرفة والابتكار، سيكون لكل فرد دوره الفاعل في ازدهار الوطن والمساهمة في رفد مسيرة التنمية الشاملة والمستدامة.