* مِن خصائص «السَّعُوديين عموماً» حُبّ الخير، والعمل على خِدمة المجتمع، ومساعدة أصحاب الحاجات، ودعَم المؤسسات الحكومية في مَهامها الخدمية والميدانية؛ وخلال السنوات القليلة الماضية ظهر ذلك جلياً؛ يشهد على ذلك كثرة إنشاء الجمعيات الخيرية والفِرِق التطوعية في كافة المناطق والمحافظات، وفي شتى الجوانب والمجالات؛ ولَعَل من العوامل التي ساهمت في ذلك التسهيلات التي قَدمتها (وزارة العمل والتنمية الاجتماعية) في شروط وإجراءات وخطوات تأسيس جمعيات وفرق العمل الخيري. * والقائمون على تلك الجمعيات والفرق مجتهدون جداً في البحث عن تحقيق أهدافها بأمْرٍ من صفاء قلوبهم وإخلاصهم؛ ولكن ما تشهد به معطيات الواقع أن قِلّة منها يتميز في مخرجاته وخدماته التي يقدمها للمستفيدين؛ بينما الكثير منها يقودها عند إطلاقها حَماس البدَايَات؛ ثم شيئاً فشيئاً يَخْفت وهجهُا ونشاطها؛ لتبقى تدور في فلك نَمَطِيّة الإدارة، وتحديات ضعف الميزانيات؛ بحيث لا تخرج منتجاتها عن دائرة المساعدات المالية المباشِرة القليلة، وكُسْوَتِي الصيف والشتاء؛ ذات الأثَر المحدود والوَقْتي!. * وهنا (القطاع غير الربحي) شريك مهم في التنمية المستدامة وتحقيق جودة الحياة؛ ولذا فهو يحظى بعناوين رئيسة في رؤية المملكة 2030م؛ وبالتالي فما أرجوه أن لا تكتفي (وزارة العمل والشؤون الاجتماعية) باعتماد الجمعيات؛ فدورها الأهم يأتي بعد ذلك بدعمها لوجستياً؛ من خلال مركز استشاري متخصص يساهم في رسْم خططها الاستراتيجية، وفي تصميم برامج ومشروعات خيرية مبتكرة وفَاعلة قابلة للتنفيذ، وهناك الأخذ بيدها لزيادة مواردها بوسائل تضمن ديمومة عطائها. * أيضاً من المهم جداً العمل على رفع كفاءة موظفي الجمعيات الخيرية، وهذا يتأتى بالدورات التدريبية المكثفة، وكذا الدبلومات والمسارات الجامعية؛ التي تُسلِّحهم بالمعارف والخبرات في الجوانب الإدارية والتسويقية والإعلامية، والدراسات الأصيلة في علمي الاجتماع والنفس، التي تمنحهم الإمكانات والأدوات التي تجعلهم قادرين على التعامل الإنساني المثالي مع الفئات المستهدفة، لاسيما فيما يتعلق بالأيتام والأشخاص ذوي الإعاقة. * أخيراً الوصول لمحطة نجَاح الجمعيات الخيرية في خدمة المجتمع؛ لن يتأتى إلا بدعم «مَأْسَسَتها» وتطبيقها لمعايير الجودة والحَوكمة في كافة خطواتها؛ وتحفيزها لذلك بجوائز مالية كبيرة وجَاذبة، وهذا ما أتطلع إلى أن نراه قريباً.