لنحافظ على سلامة قلوبنا، ولنجعل من التقبّل والاحترام والوضوح رموزاً لنا في هذا العالم الذي نعيش فيه.. دعونا نعيش بقلوب سليمة تنبض بالمحبة والتسامح، ونبث في كل ساحة نوجد فيها روحاً جميلة وإيجابية تنعكس على الآخرين وتصنع الأمل والتغيير الإيجابي لعالم أكثر إشراقاً وسمواً.. يعج العالم اليوم بالتوتر والصراعات، مما يجعل سلامة قلوبنا من الكره والحقد والغِل والغِيرة أمراً ضرورياً للحفاظ على أرواحنا وتوازننا العاطفي. إن الحقائق البسيطة والرغبات النبيلة تدفعنا للسعي وراء بث المودة والاحترام والقناعة في حياتنا وفي تعاملنا مع الآخرين. لأن القلب السليم هو ذلك الخير الوفير الذي ينبض بالمحبة والسلام ويُضفي ضياءً على العالم المحيط بنا. قد تكون سلامة الصدر هبة من الله جل جلاله وهذا فضل الله يؤتيه من يشاء، تجد قلوب أصحابها كأفئدة الطير بيضاء نقية، لا يحملون ضغينة ولا عداوةً، ولا حسداً، ولا شحناء على أحد، وأن الغل والغيرة لا يجدان طريقهما إلى قلوبهم، ومع ذلك، فإن الإنسان يولد بفطرة سليمة، وهو القادر على أن يُحافظ عليها أو يُلوثها، سلامة القلب من الخُبث والمُكر والتربص والشك والبغضاء والرياء والنفاق من أهم أسباب أن يكون القلب سليماً، مُعافى، مُنشرحاً (ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلُح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب) محمد صلى الله عليه وسلم. ولو تأملنا بعين الاعتبار واقع مجتمعنا لوجَدنا تفشّي أمراض القلوب، كأنّه روتينٌ معتادٌ سهلُ الإتقان والاقتناء عند البعض، فلا تكاد تخلو القلوب الفاسدة من الكبر والاستعلاء والسيطرة والخصومة، وتوابعها مما لا يمكن حصرُه، فيصعب على الشخص أن يُحافظ على سلامة قلبه من ملذات وشهوات وفتن ومتاعب الدنيا وتغيرات الزمان، لذا، من الضروري على كل شخص أن يُراقب نفسه جيداً ويُذكرها دائماً بأن القلب السليم جنةُ الإنسان وراحة باله ورَغد عيشه. قيلَ: يا رسولَ الله، أيُّ الناس أفضل؟ قال صلى الله عليه وسلم: (كلُّ مَخْموم القلب، صدوق اللِّسان. قالوا: صدوق اللِّسان نعرفه، فما مَخْموم القلب؟ قال: هو النَّقيُّ التَّقيُّ، لا إثم عليه، ولا بَغْي ولا غلٌّ ولا حسد). يا تُرى ما علامات القلب السليم؟ من وجهة نظري، أرى أن علامات القلب السليم تشمل العفو، التغافل، الاحترام والمحبة ومكارم الأخلاق. إذا كنا قادرين على تجاوز الكراهية والحقد، وحريصين على التعامل بإيجابية ومصداقية مع الآخرين، فهذا يعكس صحة وقوة قلوبنا، كما أن هناك فرقاً شاسعاً بين صاحب القلب السليم والإنسان المُغفل أو الساذج. فالأول واعٍ، مُدرك للطرق والوسائل وفَطِن لما يدور حوله من محاولات، أما الثاني فسهل الانقياد ومداخله واضحة للانحراف والانحلال بسبب غفلته وسذاجته. أهديكم بعض الخطوات العملية التي يمكن أن تُساعدنا على الحفاظ على سلامة قلوبنا في المجتمع: النظر إلى الجانب المشرق في الأشخاص والمواقف، يوسع مداركنا في التواصل، قد يكون هناك أسباب خفية للسلوك السلبي والتحديات التي يواجهها الآخرون، فنُصبح أكثر تسامحاً وتفهماً تجاههم ويسهل علينا اتخاذ أعذار لهم، ممارستنا للعفو قد تُسهّل علينا نسيان الجروح والإساءات التي تعرضنا لها، فالعفو يساعدنا على التخلص من الحسد والضغينة، وتعلم السماح والتغاضي وترك الماضي خلفنا. وتعزيز التواصل الإيجابي بنشر المودة بين الناس والكلام الطيب يُعزز سلامة قلوبنا ونموه، أيضاً ترك كثرة السؤال وتتبع أحوال الناس، امتثالاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من حُسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه"، والابتعاد عن الاستماع للغيبة والنميمة يُحافظ على اطمئنان القلب ورُقي الفكر. أما ممارسة العمل التطوعي ومساعدة الآخرين والمساهمة في خدمة المجتمع فتعيننا على خلق توازن إيجابي في قلوبنا والاستمتاع بالعطاء. الحفاظ على سلامة قلبك بتجاوز التفاهات والتركيز على ممارسة مستمرة للأشياء الإيجابية والبناءة في حياتنا. وتكمن قوة القلب الحقيقية بالعفو عند المقدرة. دعونا نعمل معاً على بث الخير والمودة، ولنتذكر دائماً أن سلامة قلوبنا هي المفتاح الذي سيرسم البسمة على وجوهنا ويملأ حياتنا بالسعادة الحقيقية. فلنحافظ على سلامة قلوبنا ولنجعل من التقبّل والاحترام والوضوح رموزاً لنا في هذا العالم الذي نعيش فيه. ودعونا نعيش بقلوب سليمة تنبض بالمحبة والتسامح، ونبث في كل ساحة نوجد فيها، روحاً جميلة وإيجابية تنعكس على الآخرين وتصنع الأمل والتغيير الإيجابي لعالم أكثر إشراقاً وسمواً.