للقلب أوصاف محمودة كالقلب السليم والقلب التقي والقلب الصالح ونحو ذلك، وأوصاف مذمومة كالقلب المريض أي مرض النفاق والقلب المظلم والقلب القاسي والأعمى ونحو ذلك، والإنسان يسعى جاهداً إلى إصلاح قلبه؛ لأن في صلاحه صلاحاً للجسد كله والقلب المخموم جاء في حديث أخرجه ابن ماجه (4216) عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما- قال قيل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (أي الناس أفضل قال: كل مخموم القلب، صدوق اللسان، قالوا: صدوق اللسان، نعرفه، فما مخموم القلب؟ قال هو التقي النقي، لا إثم فيه ولا بغي ولا غل ولا حسد). والمخموم كما يقول ابن الأثير في النهاية (3-1278): (هو من خممت البيت إذا كنسته)، وفسره النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنه الذي اتصف بالتقوى والنقاوة، وانتفى عنه الإثم، والبغي، والغل، والحسد، فالقلب التقي هو: القلب الجامع لصفات الخير، وهذا يتطلب من الإنسان مجاهدة قوية في معاهدة قلبه وتطهيره من الصفات الذميمة التي نفاها النبي - صلى الله عليه وسلم - عن القلب التقي. إن القلب التقي النقي هو: الذي يبعث على الوُدّ، والمحبة، والتواصل، ويمنع من التقاطع، والتدابر، فإذا صلح القلب وسلم من الآفات عاش المسلم مطمئناً راضياً بما قسم الله له، مستريح النفس من نزغات الحقد الأعمى، والحسد المهلك؛ لأن فساد القلب يورث الضغائن، ويهدم الصِّلات، ويقطع العلاقات، وليس شيء أسرع في خراب الأرض ولا أفسد لطباع الخلق من القلب الذي يحمل الإثم، والبغي، والغل، والحسد، فهذا يُسلب الفضائل، ويكتسب الرذائل، ويَقضي على الأعمال الصالحة، ويطمس نورها وبهجتها ويعكر صفوها، أما القلب التقي النقي الآمن المطمئن فإن الله تعالى يبارك في قليل عمله وهو إليه بكل خير أسرع. وكثير من الناس - إلا من عصم الله، وقليل ما هم - يتعجلون الشقاء لأنفسهم في الدنيا حين تراهم سخروا أوقاتهم، وتفرغوا من مصالح أمورهم في الوقيعة بين الناس، قد احتبس الغل والإثم في قلوبهم، وانحسر البغي والحسد في نفوسهم، فلا يستريحون إلا إذا أرغوا، وأزبدوا، وآذوا، وأفسدوا، وتلمسوا عيوب الناس، وسعوا في إشاعتها، وهذه أفعال دنيئة تخالف تقوى القلوب. بل تجد بعض الناس من يتورع عن أكل الحرام أو النظر إلى الحرام ويترك قلبه يرتع في النهش والنبش عن القدح في الآخرين وتتبع عوراتهم، والقلب التقي يترفع عن هذه الخطايا، ويخلص لله في عمله، ويترك سوء الظن بإخوانه. والله ولي التوفيق.