استطاع أن يحقق المليون الأول وهو في منتصف العقد الثالث من عمره، وقد ساعده على ذلك عصاميته وقبوله للتحدي بإصرار وعزيمته لتحقيق أهدافه وطموحاته. وكنت أتجادل معه كثيرًا بأهمية إكماله لتعليمه الثانوي والجامعي، فقد توقف عن الدراسة في منتصف المرحلة الثانوية واتجه إلى سوق العمل مبكرًا ليعوض فشله الدراسي، وقد كان اتجاهه المبكر لسوق العمل عاملا مهما في تطوره الوظيفي في القطاع التجاري بحكم تراكم الخبرة العملية لديه. كان يردد دائما على مسمعي عندما أناقش معه موضع الدراسة أن المال كل شيء، وأنه يغني عن الدراسة والشهادات، والدليل أن الموظفين الذين يعملون تحت أمرته هم من حملة الشهادة الجامعية! لم يمض على آخر نقاش بيننا سوى سنة واحدة ليرشح صاحبنا لقيادة منصب حساس في إحدى الشركات المساهمة ليجد نفسه أنه بحاجة إلى تدعيم خبراته السابقة بمنهج علمي، فلا تكفي الخبرة بغير أسس علمية متينة، ليشمر بعدها عن ساعديه ويستأنف الدراسة من جديد .إن من الأمور التي لا تخفى على عاقل أهمية طلب العلم والسعي لتحصيله والأحاديث الواردة عن الرسول صلى الله عليه وسلم أكثر من أن تحصى، وكما قال أحدهم: العلم يرفع بيتا لا عماد له، والجهل يهدم بيت العز والشرف. فالتوازن بين تحصيلنا العلمي والمالي هو من العوامل المهمة والمساعدة على تطوير جوانب الحياة المختلفة لدينا، دينا ودنيا، فمهما بلغنا من الخبرات المتراكمة والتي قد تكون في حقيقتها عبارة عن خبرة واحدة متكررة، نحن بحاجة إلى أن ندعم تلك الخبرات ونطورها بالتعلم المستمر، لا سيما ما نلاحظه في وقتنا الحاضر من سرعة التغير في مجتمعاتنا ومحاولة مواكبة كل ما هو جديد في شتى مجالات الحياة، فجيل اليوم يختلف كليا عن الجيل الماضي.ومهما جمعنا من الأموال والثروات فهي زائلة لا محالة شئنا أم أبينا، بعكس العلم فهو باقٍ ومرافق لنا إلى العالم الآخر بفضل الله ورحمته. ومن عجائب العلم أن صاحبنا أصبح منافسًا لي في مجال تقديم البرامج التدريبية، وهو الآن يستعد للحصول على الماجستير في أحد التخصصات الإدارية فسبحان مقلب الأحوال !ودمتم في علم وثراء. [email protected]