تقول الحكمة القديمة: «الأبناء مثل المصرف، كلما استثمرت فيهم وقتا أكبر عاد عليك بأرباح أكثر». إن أبناءنا هم مستقبلنا الحقيقي إن أحسنا إليهم، ففي الحديث «أو ولد صالح يدعو له» فهم الادخار الحقيقي والذي سنجني ثماره حتى بعد مماتنا. صحيح أن المال شيء مهم، لكننا نتفق جميعا أن أبناءنا - وجميع الأطفال في العالم - أكثر أهمية منه بمراحل. ففي النهاية لن تجد من يتمنى وهو على فراش الموت أنه قضى وقتا أقل مع عائلته ووقتا أكثر في العمل، بل العكس هو ما يحدث دائما، لذلك أدعوكم من اليوم أن تولوا أبناءكم وزوجاتكم الأولوية القصوى وتقدموهم على أعمالكم. وما أجمل قول أحدهم عندما قال: إنه بعد تلك السنين لن يكون مهما ما كان عليه حسابي البنكي أو المنزل الذي كنت أعيش فيه أو نوع السيارة التي كنت أقودها، لكن العالم قد يكون أفضل لأنني كنت مهما في حياة طفل. وتكمن كذلك المشكلة في أن الكثير من الناس في أيامنا هذه يعملون بجد لدرجة أنهم يعجزون عن قضاء وقت كاف مع أبنائهم. إذا لا بد من إعطاء كل ذي حق حقه، فكما قال سلمان الفارسي وهو ينصح أبي الدرداء: «إن لنفسك عليك حقا وإن لأهلك عليك حقا وإن لربك عليك حقا». فعندما تكون عجلة الحياة غيرة متزنة وترجح كفة على كفة حينها تكون الحياة بلون واحد، لا نشعر بقيمتها الحقيقية إلا عند اللحظات الأخيرة، والتي نتمنى أن تعود إلى الوراء وأنى لنا ذلك. لكن قد تتبدل الصورة إن وازنا بين الأمور وأحسنا النية، فكما في الحديث أن حسن النفقة على الأبناء باب من أبواب الصدقة، بل إن السعي من أجل توفير لقمة العيش لهم بمثابة الجهاد كما أخبرنا المصطفى عليه صلوات ربي وسلامه. فكم هي جميلة الحياة عندما نعطي لكل ذي حق حقه، فلتحصيل المال وقته، وللأبناء أوقاتهم، ولتطوير ذواتنا كذلك وقت خاص، وللعبادة وقتها الذي حدد لها. فلا تجعل أخي القارئ همّ تحصيل المال يطغى عليك ويأخذ منك كل وقتك وجهدك فلا يبقى منه شيء لأهلك ونفسك، حينها لن يكون للمال أي معنى. ودمتم في ثراء [email protected]