تعد الجنادرية تظاهرة تراثية ثقافية إثرائية؛ بالنظر لما تقوم به من طرح ثقافي متجدد ومواكب.. عبر دوراتها المتكررة.. ومن يتأمل البرنامج الثقافي لهذا العام سيخرج بعدد من النتائج: أولها انفتاحنا على العالم ومواكبتنا للمتغيرات وإحاطتنا بما يجري حولنا. بل وحبنا للسلام ومد الجسور للعلاقة بين الإنسان والإنسان سواء من خلال ضيف الشرف أو بحث مجالات التكامل مع الدول العربية والمجاورة وسبل التفاهم والتقارب. وثانيها: ثقة الدولة في نفسها وفي نظامنا السياسي إلى الحد الذي يجعلنا نتعاطى مع كل القضايا الآنية في العالم العربي دون ريبة أو خوف؛ بل وإخضاعها للدرس والاستقراء للإفادة منها وقبل ذلك القراءة الصحيحة لها. ثالثها: التوجه الصادق من قبل الدولة في الإصلاح المالي والإداري ومحاربة الفساد وإعلان ذلك بصورة جلية؛ بل واستنهاض الهمم للمشاركة في ذلك من خلال استقراء رؤية خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله ورعاه – لمكافحة الفساد وهو ما يعني إشباعها بحثا وطرحا وأفكارا. رابعها: إعطاء الشباب المساحة المستحقة من الاهتمام بصفتهم الشريحة الأبرز والأكبر والأهم في مواصلة السير بهذا الوطن نحو آماله.. والعمل على دراسة واقعه مع الإعلام والإنترنت.. وكذلك الحال بالنسبة للمرأة كعنصر أساس في بناء الحياة المجتمعية القويمة. أما فيما يخص الأمسيات الأدبية المنفذة في الأندية فإني لا أراها متناغمة مع الجنادرية في شيء؛ فهي لا تختلف عن أي أمسية للنادي في أي وقت وقيمة الجنادرية كحدث في الجنادرية نفسها؛ إلا إذا كانت الأمسيات ستنفذ من قبل الأندية، ولكن على أرض الجنادرية وذلك على غرار ما يحدث في سوق عكاظ. وأخيرًا وهو الأهم أن الجنادرية عندما تطرح مثل هذه القضايا؛ فإنما هي تستنهض النخب الفكرية والثقافية لمناقشة قضايا وإشكالات مجتمعاتهم؛ بل والمساهمة في توعية الجماهير بجوهر قضاياه عبر طرح رؤيوي يعكس تفردهم وقدرتهم على الاستقراء الاستباقي والتحليلي.. وفي هذا أيضا تجسير للعلاقة الإيجابية التي ينبغي أن تكون بين المثقف والسلطة بصفتهما عنصري قيادة وريادة للمجتمع.. كما أنها تدفع المثقفين لمساءلة المواقف الثقافية النخبوية تجاه المتغيرات ومدى اتساقها مع بعدهم الثقافي والفكري أو افتراقها وفي ذلك مراجعة لواقعهم وحقيقة دورهم وتأثيرهم في محيطهم.