يقول الله تعالى {كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ } (185) سورة آل عمران ويقول جل وعلا {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ، وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} (26- 27) سورة الرحمن. الموت حق ولاشك، والآجال محدودة والأنفاس معدودة (ولن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها) كما صح بذلك الخبر عن المصطفى صلى الله عليه وسلم. وخير الناس الذي يذكره الناس بالخير في حياته وبعد مماته، مرت جنازة من عند النبي صلى الله عليه وسلم فأثنوا عليها خيرا فقال عليه السلام وجبت فلما سئل قال اثنيتم عليه خيراً فقلت وجبت له الجنة.. ثم قال عليه الصلاة والسلام (أنتم شهداء الله في أرضه) أو كما ورد. إن هذه المقدمة التي لو تركت للقلم الزمام لما توقف عن إيراد أمثال هذه الأدلة من الكتاب والسنة فيها اليقين والبرهان على ان الموت لابد آت على كل واحد ملك أو مملوك أمير أو مأمور غني اوفقير صغير اوكبير ذكر أو أنثى جن أو إنس ،بل كل من خلق الله تعالى سيموت ولا يبقى إلا الله الحي الذي لا يموت عز جل . إن الخواطر حينما تسرح في تذكر من تحبه النفس وتأنس به في حياته وتنفطر القلوب عليه بعد وفاته تعجز عن أن تؤدي ما تكتمه النفوس من المحبة التي أنزلها الله تعالى بين العباد.. نعم كل يوم يمر بنا نفقد فيه عزيزا وغاليا سواء أكان هذا الفقد سبقه مرض أو وفاة مفاجئة يصيب القلب منها لوعة وألماً بالفراق.. ولعل آخر من فقدناهم وفقده كل من عرفه بل لا أبالغ إذا قلت حتى من لم يعرفه قد فقده نعم سمعوا به ولم يقابلوه فأحبوه لله تعالى.. أثنى عليه الجميع ولله الحمد خيراً قبل وفاته وبعد وفاته - نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحدا - يعرفه اليتيم، يعرفه المسكين، يعرفه أصحاب الديون، تعرفه الأرملة، من ضرب بابه لن يعود صفر اليدين. كان كريماً في أخلاقه، كريماً في تعاملاته، كريما في كرمه، فتح الله عليه من أبواب فضله ووسع له في رزقه فآتاه خيراً فأعطى خيراً، يتلمس أحوال الضعفاء ويبذل لهم ما يفتح الله عليه، كم كان يتحسس أحوالهم بالسؤال مرة وبالزيارة مرات، نعم هذا جانب من جوانب عديدة وخصال حميدة عرفناها وعرفها غيرنا من قبل ومن عن الشيخ صالح بن عبدالمحسن العواد - رحمه الله رحمة واسعة - وجمعنا به في جنات النعيم ورفع درجته في المهديين وجعل ما أصابه من مرض في آخر حياته رفعة للدرجات وتكفيرا للسيئات، وأسأل الله تعالى ان يصلح ذريته من بعده ويجعلهم خلفاً مباركاً ويجمع شملهم على طاعته ويعينهم على البر به بعد وفاته استمرارا في أعماله مصداقاً للحديث (إذا مات أبن آدم أنقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له)، فرحمك الله ابا حمد وغفر لك وتجاوز عنا وعنك وإن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقك يا أبا حمد لمحزونون ولا نقول إلا ما يرضي ربنا {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ } (156) سورة البقرة. ووصية أخيرة لأبناء الشيخ صالح - رحمه الله: إن والدكم - رحمه الله - بما أعطاه الله تعالى من خير يتمثل فيه قول المصطفى صلى الله عليه وسلم (نعم المال الصالح للرجل الصالح) نحسبه كذلك والله حسيبه ولا نزكي على الله احدا, وإن من خير ما تقدمونه له بعد وفاته الاستمرار في أعمال الخير التي يقوم بها وإقامة المشاريع الخيرية ودعم المؤسسات الدعوية في بلده - مدينة جلاجل - وغيرها من مدن مملكتنا الطيبة بأهلها لتحفظ اسمه ويستمر ذكره ودعاء الناس له في كل وقت وحين، ولا أظن ان هذا الأمر غائب عن أذهانكم لكنها مشاركة بالرأي وتذكير لما نحمله في قلوبنا من حب لوالدكم - رحمه الله تعالى - الذي لم يتوان يوما ما في الوقوف بجانب كل عمل خيري. بارك الله فيكم وأعانكم على ما تحملتم وأسأل الله تعالى أن لايشمت بنا ولا بكم عدواً ولا حاسداً وان يجمع شملكم على الطاعة وأن يجمع الجميع في جنات النعيم وفي مستقر رحمته إنه ولي ذلك والقادر عليه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.