ملتقى الميزانية.. الدروس المستفادة للمواطن والمسؤول !    رياض العالم وعالم الرياض    الرياض الجميلة الصديقة    سيتي سكيب.. ميلاد هوية عمرانية    المملكة وتعزيز أمنها البحري    مبدعون.. مبتكرون    "إثراء" يختتم أعمال مؤتمر الفن الإسلامي.. استعادة وهج الحِرف اليدوية بمشاركات محلية وعالمية    حوادث الطائرات    حروب عالمية وأخرى أشد فتكاً    التصعيد الروسي - الغربي.. لعبة خطرة ونتائج غير محسوبة    بايدن: إسرائيل ولبنان وافقتا على اتفاق وقف النار    قمة مجلس التعاون ال45 بالكويت.. تأكيد لوحدة الصَّف والكلمة    7 آلاف مجزرة إسرائيلية بحق العائلات في غزة    شركة ترفض تعيين موظفين بسبب أبراجهم الفلكية    «هاتف» للتخلص من إدمان مواقع التواصل    القوة الناعمة.. نجوم وأحداث !    صافرة الكوري «تخفي» الهلال    طائرة الأهلي تتغلب على الهلال    الاتفاق يختتم تحضيراته    كيف تتعاملين مع مخاوف طفلك من المدرسة؟    حدث تاريخي للمرة الأولى في المملكة…. جدة تستضيف مزاد الدوري الهندي للكريكيت    الفيصلي يحتاج وقفة من أبناء حرمة    الدفاع المدني: استمرار هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة حتى الأحد المقبل    كثفوا توعية المواطن بمميزاته وفرصه    الجموم بمكة المكرمة تسجّل أعلى كمية لهطول الأمطار ب (22.8) ملم    لا فاز الأهلي أنتشي..!    معاطف من حُب    الدكتور عصام خوقير.. العبارة الساخرة والنقد الممتع    جذوة من نار    «إثراء» يُعيد وهج الحِرف اليدوية بمشاركات دولية    هؤلاء هم المرجفون    اكتشاف علاج جديد للسمنة    خادم الحرمين الشريفين يدعو إلى إقامة صلاة الاستسقاء الخميس المقبل    «التعليم»: 7 % من الطلاب حققوا أداء عالياً في الاختبارات الوطنية    وزير المالية : التضخم في المملكة تحت السيطرة رغم ارتفاعه عالميًا    مناقشة معوقات مشروع الصرف الصحي وخطر الأودية في صبيا    اكتمل العقد    «السلمان» يستقبل قائد العمليات المشتركة بدولة الإمارات    حملة على الباعة المخالفين بالدمام    أهمية الدور المناط بالمحافظين في نقل الصورة التي يشعر بها المواطن    وزير الشؤون الإسلامية: ميزانية المملكة تعكس حجم نجاحات الإصلاحات الإقتصادية التي نفذتها القيادة الرشيدة    استقبل مدير عام هيئة الهلال الأحمر نائب الرئيس التنفيذي لتجمع نجران الصحي    المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة يناقش تحديات إعادة ترميم الأعضاء وتغطية الجروح    مركز صحي سهل تنومة يُقيم فعالية "الأسبوع الخليجي للسكري"    "سلمان للإغاثة" يوقع مذكرة تفاهم مع مؤسسة الأمير محمد بن فهد للتنمية الإنسانية    نوف بنت عبدالرحمن: "طموحنا كجبل طويق".. وسنأخذ المعاقين للقمة    هيئة الموسيقى تنظّم أسبوع الرياض الموسيقي لأول مرة في السعودية    الجدعان ل"الرياض":40% من "التوائم الملتصقة" يشتركون في الجهاز الهضمي    حقوق المرأة في المملكة تؤكدها الشريعة الإسلامية ويحفظها النظام    استمرار انخفاض درجات الحرارة في 4 مناطق    الكرامة الوطنية.. استراتيجيات الرد على الإساءات    حكايات تُروى لإرث يبقى    محمد بن راشد الخثلان ورسالته الأخيرة    نوافذ للحياة    زاروا المسجد النبوي ووصلوا إلى مكة المكرمة.. ضيوف برنامج خادم الحرمين يشكرون القيادة    الأمير محمد بن سلمان يعزّي ولي عهد الكويت في وفاة الشيخ محمد عبدالعزيز الصباح    5 حقائق من الضروري أن يعرفها الجميع عن التدخين    أمير منطقة تبوك يستقبل القنصل الكوري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خريطة القوى المتغيرة في الشرق الأوسط
نشر في الجزيرة يوم 24 - 05 - 2013

كان اندلاع ثورات الربيع العربي في أواخر عام 2010 وأوائل عام 2011 سبباً في وضع علاقات القوة بين دول الشرق الأوسط في حالة من التقلب والتغير المستمرين، وظهر على الساحة فائزون وخاسرون. ولكن لأن مواطن القوة ونقاط الضعف لدى أغلب الكيانات الفاعلة مشروطة أو متوقفة على عوامل أخرى إلى حد كبير فإن موازين القوى الإقليمية لا تزال مائعة للغاية.
وبالنظر إلى الوضع الذي أصبح عليه هذا التوازن الآن فإن مصر تظل تضطلع بدورها بوصفها واحدة من الكيانات الفاعلة الأعظم تأثيراً في المنطقة؛ إذ يؤثر نجاحها أو فشلها في إدارة عملية الانتقال السياسي والاقتصادي بشكل مباشر على الكيفية التي تتطور بها الأمور في دول عربية أخرى. ولكن مصر مثقلة بهموم داخلية، بما في ذلك الاقتصاد المتراجع والوضع الأمني الذي استدعى استخدام المؤسسة العسكرية في أداء مهام الشرطة.
وسوف يتوقف توسع قوة مصر الناعمة على قدرة أول حكومة منتخبة ديمقراطياً هناك، بقيادة الرئيس محمد مرسي، على اتخاذ قرارات صعبة وصياغة وتشكيل الإجماع الداخلي. والنجاح في إقامة حكم فعَّال كفيل بتأسيس نموذج قد تسعى العديد من الدول المجاورة لمصر إلى محاكاته، ولو جزئياً على الأقل.
وفي هذا السياق، تشكل تركيا مثالاً جيداً؛ ذلك أن قوة تركيا تستند في الأساس إلى اقتصادها النشط النابض بالحياة. فاستخدام قوتها العسكرية المثيرة للإعجاب كأداة من أدوات القوة محدود للغاية، كما تبيّن الآن أن نفوذها السياسي كان مبالغاً في تقديره، خاصة في سوريا. ومن المؤكد أن تقاربها مع إسرائيل، والأهم من ذلك إقرار السلام الدائم مع سكانها الأكراد، من شأنه أن يعزز من نفوذ تركيا الإقليمي.
وتظل إسرائيل أيضاً فائزة في الإجمال، على الرغم من البيئة الاستراتيجية المتغيرة وافتقارها فعلياً للقوة الناعمة في المنطقة. والواقع أن السقوط الوشيك لعدو إسرائيل الأكثر جدارة بثقتها، الرئيس السوري بشّار الأسد، يثير مخاوف إسرائيل بقدر ما أثارت مخاوفها خسارة حليفها الرئيس المصري السابق حسني مبارك. ولكن الآن حيث أصبحت إمكانات إسرائيل الاقتصادية وقدرتها على الردع أقوى من أي وقت مضى فإن أياً من اللاعبين الإقليميين لا يستطيع أن يشكل تهديداً أمنياً حقيقياً لها في الأمد القريب.
ومن ناحية أخرى، أثمرت الآن الجهود الحثيثة التي بذلتها دولة قطر لتوسيع نفوذها على مدى العقدين الماضيين، في ظل قوة الجذب الكبيرة المتنامية التي اكتسبتها البلاد. فمنذ عام 2011 كانت قطر حريصة على تصعيد تورطها في شؤون جيرانها، فدعمت الثورة الليبية، والحكومة المصرية، والمعارضة السورية.
ولكن ربما يبالغ القطريون في تقدير إمكاناتهم. صحيح أن قطر لديها المال، لكنها لا تملك أياً من عناصر القوة الصارمة الأخرى، كما كانت محل انتقاد بسبب تدخلها في سوريا ودعمها للإخوان المسلمين. وإذا فشلت قطر في استخدام مواردها بحكمة فربما تفقد الشرعية التي تحتاج إليها لتعزيز دورها كدولة راعية.
ومن ناحية أخرى، تسلط الحرب الأهلية في سوريا الضوء على ضياع ما كان لها من نفوذ كبير في المنطقة ذات يوم. بل إن سوريا أصبحت اليوم هدفاً لصراع جيوسياسي بين جهات فاعلة إقليمية أخرى. بيد أن الجهود التي تبذلها دول الخليج لتسليح المعارضة السورية لا تكفي لوضع الصراع على مسار نهائي، خاصة في ظل الأسلحة الثقيلة تحت تصرف نظام الأسد. كما عجزت المعارضة عن الاستيلاء لنفسها على ما خسره الأسد من سمعة ونفوذ.
الواقع أن سوريا، بصرف النظر عن توازن القوى بين النظام ومعارضيه، ربما تعجز عن إعادة تأسيس حكومة مركزية قوية قبل عقود من الزمان، إذا كان ذلك وارداً على الإطلاق. وفي أفضل الأحوال، فإن سوريا سوف تخرج من الصراع الحالي مع دولة غير مركزية أو فيدرالية؛ أو ربما ما هو أسوأ من ذلك، أن تسلك الدولة الطريق الذي سلكته الصومال. وفي كل الأحوال فإن سوريا حالياً تظل في المعسكر الخاسر بقوة.
وكان بوسع العراق أن يصبح فائزاً لو تمكن من ترجمة تعافي صناعة النفط لديه وانسحاب القوات الأمريكية إلى استقرار سياسي ونفوذ إقليمي. ولكن في ظل حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي التي تعتبر على نطاق واسع مجرد نظام طائفي استبدادي آخر فإن العراق لن يتمكن من اكتساب أي قدر من القوة الناعمة.
وعلاوة على ذلك فإن احتمالات تمكن كردستان العراق من إقامة دولة مستقلة بحكم الأمر الواقع أو بحكم القانون أصبحت الآن أعظم من أي وقت مضى. بل قد يتمكن أكراد العراق من تمديد نفوذهم إلى المناطق المأهولة بسكان أكراد في شمال سوريا، وهو ما من شأنه أن يحولهم إلى قوة إقليمية أكثر تأثيراً حتى من الحكومة العراقية في بغداد.
أما إيران المجاورة فتبدو وكأنها الناجي الأساسي الأكثر أهمية. فقد نجحت في التكيف مع العقوبات الخانقة المتزايدة الشدة التي يفرضها عليها المجتمع الدولي، في حين حافظت على برنامجها النووي، ولا تزال تشارك في العملية الدبلوماسية مع مجموعة الخمس + واحدة (الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إضافة إلى ألمانيا). كما نجحت إيران في تعزيز نفوذها في العراق، وساعدت في الإبقاء على نظام الأسد، حليفها الأساسي، في السلطة لفترة أطول كثيراً مما كان متوقعاً.
لكن ارتفاع حدة الاستقطاب السياسي في المنطقة من شأنه أن يقوض موقف إيران. فمع تعريف الصراعات الإقليمية على نحو متزايد على طول خطوط سُنّية شيعية أصبح من الصعب للغاية بالنسبة لإيران ذات الأغلبية الشيعية المهيمنة أن تكتسب النفوذ في الدول ذات الأغلبية السُنّية. كما يعمل دعم إيران لنظام الأسد الوحشي في سوريا على إلحاق المزيد من الضرر بقوتها الناعمة التي كانت كبيرة ذات يوم في دول عربية أخرى.
وبوسعنا أن نحتسب المملكة العربية السعودية أيضاً بين الناجين، في ظل المحاولات التي تبذلها للتغلب على انعدام الأمن الاستراتيجي العميق النابع من الجهود الإيرانية الرامية إلى تقويض موقفها.
ولكن برغم تضاؤل القوة الناعمة التي تمتلكها المملكة العربية السعودية فإن ثروتها الهائلة من النفط من المرجح أن تضمن لها البقاء كقوة إقليمية من الوزن الثقيل.
وأيضاً، تلعب كيانات فاعلة غير تابعة لدولة بعينها دوراً حاسماً في ميزان القوى في الشرق الأوسط. فقد أصبحت الأقليات الدينية أقل شعوراً بالأمان. ويكتسب الأكراد الذين كانوا مقهورين ذات يوم المزيد من الأرض الآن.
ومن بين الجماعات السياسية الانتقالية الرئيسية كانت جماعة الإخوان المسلمين الفائز الأشد وضوحاً حتى الآن.
ولكن النجاح يجلب معه التحديات. ويتعين على الحكومات التي يقودها إسلاميون أن تفي بوعودها وتعهداتها على الجبهة الاجتماعية الاقتصادية، مع العمل على بناء المؤسسات الديمقراطية. ومن عجيب المفارقات هنا أن الإسلاميين لن يتسنى لهم أن ينسبوا لأنفسهم النجاح في بناء دولة أفضل إلا عندما يتقبلون أول هزيمة انتخابية لهم.
والواقع أن التحدي الذي يواجه جميع الفائزين في المنطقة حالياً يتلخص في ترجمة مكاسب اليوم إلى قوة جديرة بالمصداقية في الأمد الأبعد.
- فولكر بيرتيس رئيس مجلس إدارة ومدير المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية في برلين.
***
حقوق النشر: بروجيكت سنديكيت، 2013.
www.project-syndicate.org
Volker_Perthes


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.