هذه المناسبات كان لها من الأهمية ما يميزها عن بقية الشهور والمناسبات الأخرى من حيث الاجتهاد في العبادات، والإنفاق في أوجه الخير (كما هو واقع الحال الآن ولله الحمد).. ولها ما يميزها من حيث المتع والفرح والبهجة وصلة الرحم والتواصل، وقد كان الشباب والكهول والشيوخ يتطلعون بشوق لمقدم شهر رمضان المبارك، وتؤخذ الاستعدادات على بساطتها، وكان هذا الشهر فيه كسر للروتين اليومي المعتاد، وحضور الصغير والكبير لوجبتي السحور والإفطار اللتين يتخللهما التمر، ومريس الأقط الذي هو مشروب ذلك الزمن، والتفاعل مع الأجواء الروحانية، والاجتهاد في العبادة، والالتزام بحضور صلوات التراويح والتهجد، وبذل الصدقات العينية والنقدية، وفي أواخر العشر الأخيرة التحضير لإخراج زكاة الفطر، وفرح الأطفال بيوم يسمى (الخبز) وهو اليوم الأخير من شهر رمضان ليرتدوا الملابس الجديدة، ويذهبوا لطرق أبواب المنازل جماعات لطلب العيدية (شيء من الهدايا والمكسرات).. مرددين أهازيج العيد. خبّزوني.. لبّزوني صاح القطو في مجراكم (عطوني وإلا سقت الحميّر) فإذا منحوا أنشدوا: عشاكم شط الفاطر وإيدامه سمنٍ ساكر وإن لم يعطوا أنشدوا: عشاكم شط الفارة وإيدامه شحم حمارة وفي صباح يوم العيد يقوم الجميع بارتداء الجديد من الحُلل والذهاب إلى الصلاة.. ثم التجمع في أمكنة مخصصة في الشوارع (المعيَّد) لتناول الطعام مع الجيران وتبادل التهاني والتبريكات وهنا يأتي التنافس على تميز طعام العوائل نوعاً وطبخاً، ومحسنات إضافية مثل: البيض، القفر، الجريش، المرقوق، والبهارات، وتذوق الحضور للأطعمة بالتنقل من إناء إلى آخر.. ثم القيام بزيارات الأقارب والأرحام (ويتردد أن سلام القاطع يوم العيد)، وخلال شهر شوال تتبلور تداولاتهم حول الحج ومعرفة من يعتزم القيام بتأدية هذه الشعيرة ورسم خطة السير وتاريخها وإعداد العدة اللازمة. وفي مطلع شهر ذي القعدة يكون الجميع قد تأهب لموسم الحج وسفر الحجاج، وشراء الرواحل من الإبل والتجهيز للسفر إلى مكةالمكرمة في جماعات، ومن لم يستطع امتلاك راحلة يذهب راجلاً مشياً على الأقدام، وقد تستغرق مدة الذهاب والإياب ومهمة أداء مناسك الحج ما يقارب الشهرين. هذا ومع ما في السفر من إجهاد ومتاهات ومخاطر أمنية وأمراض.. كان الحجاج يعانون من قلة في مصادر المياه، وشيء من نقص في المؤونة، وكانت عودتهم سالمين من رحلة الحج تمثل في نفوس الأهالي فرحاً وبهجة عظيمة.. جالبين معهم هدايا للأهل والأطفال، ومُسْتَقْبَلين بالترحاب والولائم.. وفي عيد الأضحى ينشغل الغالبية في ذبح أضاحيهم من (وصايا، وبر) وتشكل لهم هذه المناسبة أهمية من حيث وفرة اللحوم التي يندر توافرها طوال العام، وما يحتفظون منها (لحوم مجففة) لقادم الأيام. (*) صاحب منتدى عبدالله الماضي الثقافي