طالب آلاف التونسيين أمس الجمعة في العاصمة والولايات التونسية (المحافظات) برحيل زين العابدين بن علي، وذلك غداة كلمة تهدئة لرئيس الدولة هدفت إلى إنهاء حركة احتجاجية لا سابق لها. وفي العاصمة التونسية تتواصل منذ الصباح التظاهرات والتجمعات في شارع الحبيب بورقيبة الرئيسي دون تدخل الشرطة. وبعد أن بدأت بعشرات المتظاهرين ما لبثت التظاهرات أن جمعت المئات، ثم آلاف المتظاهرين المحتجين، وهي لا تزال متواصلة. ويهتف المتظاهرون «انتفاضة مستمرة وابن علي برة» و»بالروح بالدم نفديك يا شهيد» و»الشعب يريد استقالة ابن علي». ويرددون النشيد الوطني التونسي رافعين يافطات كُتب على بعضها «ابن علي ارحل». وجرت تظاهرات مماثلة في العديد من المدن التونسية الأخرى. وكان ابن علي قد طالب مساء الخميس في كلمة متلفزة إلى الشعب التونسي بالتوقف عن إطلاق النار على المتظاهرين، وأعلن عدم ترشحه مجدداً للرئاسة في 2014 والحرية «الكاملة» للإعلام بأمل إنهاء نحو شهر من الصدامات الدامية غير المسبوقة في تونس. وخلفت المواجهات الدامية 66 قتيلاً بحسب الفيدرالية الدولية لروابط حقوق الإنسان. ولم تصدر أي حصيلة رسمية جديدة لعدد قتلى الصدامات. وقد فُرض حظر التجول الأربعاء لفترة غير محددة في أول إجراء من هذا القبيل منذ تولي الرئيس زين العابدين بن علي السلطة سنة 1987. وأعلنت وزارة الشباب والرياضة الخميس إرجاء المباريات الرياضية كافة «المبرمجة هذا الأسبوع» بسبب الاضطرابات. وفرّقت الشرطة صباح الخميس بالغازات المسيلة للدموع المتظاهرين في العاصمة والعديد من المدن التونسية التي شهدت، خصوصاً مساء الأربعاء ويوم الخميس، صدامات واحتجاجات وأعمال حرق ونهب واسعة لمتاجر وبنوك ومؤسسات أمنية وإدارية. وانتشرت الحرائق، واختلطت الاحتجاجات الاجتماعية والسياسية بمشاهد الحرق والنهب في الكثير من الشوارع في العاصمة، خصوصاً في الأحياء الشعبية وفي باقي المدن التونسية، وبينها مدن سياحية مثل الحمامات ونابل (شمال شرق). من جهة أخرى قال وزير الخارجية التونسي كمال مرجان أمس الجمعة إن الرئيس زين العابدين بن علي مستعد لإجراء انتخابات تشريعية قبل الانتخابات الرئاسية المقررة عام 2014 بحلول نهاية فترته الرئاسية. وأشاد مرجان برد فعل زعيم المعارضة نجيب الشابي الليلة قبل الماضية على وعود ابن علي، التي أعلنها الخميس، وكان من بين الخيارات التي طرحها تشكيل حكومة وحدة وطنية تضمه. وخلال مقابلة مع إذاعة أوروبا 1 الفرنسية قال مرجان لدى سؤاله إن كان تشكيل ائتلاف حاكم من الخيارات المطروحة «في وجود رجل مثل الشابي وما أبداه من سلوك بالأمس أعتقد أن هذا ممكن، بل وطبيعي تماماً».