أعلنت مصادر إخبارية هروب الرئيس التونسي زين العابدين بن علي، الجمعة 14 يناير 2011، وتسلم السلطة مؤقتا رئيس البرلمان. وكان تم فرض حال الطوارئ في كل أنحاء البلاد اليوم، بسبب استمرار الاحتجاجات في عديد المدن، ولاسيما في العاصمة، على الرغم من خطابات الرئيس زين العابدين بن علي، المتكررة وسلسلة الوعود التي قدمها، فيما انتشر الجيش قرب القصر الرئاسي، وقدم مندوب تونس لدى (اليونيسكو) استقالته. ونقلت وكالة (رويترز) للأنباء عن مراسلها فى تونس إن ما لا يقل عن 5000 شخص احتشدوا أمام وزارة الداخلية التونسية، مطالبين بالتنحي الفوري للرئيس زين العابدين بن علي. وأخذت الحشود تردد هتافات مطالبة برحيل بن علي وتقول إن قراره بعدم خوض انتخابات الرئاسة القادمة عام 2014 ليس كافيا. فيما قرر الرئيس التونسي زين العابدين بن علي، حل الحكومة والدعوة لانتخابات تشريعية مبكرة خلال ستة أشهر، على ما أفاد به مصدر رسمي. وقال رئيس الوزراء التونسي محمد الغنوشي، إن الرئيس قرر حل الحكومة وتكليف الغنوشي بتشكيل حكومة جديدة، بحسبما نقلت عنه وكالة تونس إفريقيا للأنباء الحكومية. وأضاف الغنوشي أن بن علي "قرر إجراء انتخابات تشريعية سابقة لأوانها وذلك خلال ستة أشهر". ويطالب آلاف التونسيين الجمعة برحيل زين العابدين بن علي في العاصمة والولايات التونسية (محافظات) غداة كلمة تهدئة لرئيس الدولة هدفت إلى إنهاء حركة احتجاجية لا سابق لها، حسبما ذكر مراسلو وكالة فرانس برس ومصادر نقابية. وفي العاصمة التونسية تتواصل منذ الصباح التظاهرات والتجمعات في شارع الحبيب بورقيبة الرئيس دون تدخل الشرطة. وبعد أن بدأت بعشرات المتظاهرين ما لبثت التظاهرات أن جمعت المئات، ثم آلاف المتظاهرين المحتجين وهي لا تزال متواصلة. ويهتف المتظاهرون "انتفاضة مستمرة وبن علي برة" و"بالروح بالدم نفديك يا شهيد" و"الشعب يريد استقالة بن علي" و"لا لا للطرابلسية (عائلة زوجة الرئيس ليلى الطرابلسي) الذين نهبوا الميزانية". ويرددون النشيد الوطني التونسي رافعين لافتات كتب على بعضها "بن علي ارحل". وجرت تظاهرات مماثلة في عديد من المدن التونسية الأخرى بحسب مراسلي وكالة فرانس برس ونقابيين. وسقط 13 قتيلا مدنيا برصاص قوات الأمن مساء الخميس بعد إلقاء الرئيس زين العابدين خطاب تهدئة، بحسبما أفادت به مصادر طبية الجمعة وكالة فرانس برس. وأوضحت المصادر ذاتها "لقد تم نقل جثامين ثلاثة أشخاص أصيبوا بالرصاص إلى مستشفى الكرم القريب من العاصمة، في حين نقل عشرة آخرون إلى مستشفى شارل نيكول في تونس". وأكد الحصيلة مصدر طبي آخر شارك صباح الجمعة في التظاهرة الحاشدة وسط العاصمة والتي فرقتها الشرطة مستخدمة القنابل المسيلة للدموع والهراوات. وحاولت الشرطة تفريق المتظاهرين في تونس العاصمة مستخدمة قنابل مسيلة للدموع وهراوات، بحسب مراسلي وكالة فرانس برس. وفرق عشرات من عناصر الأمن نحو الساعة 15:00 (14:00 تغ) نزلوا من حافلات بالهراوات والقنابل المسيلة للدموع آلاف المحتجين في شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة عند محاولة عدد كبير من المتظاهرين القيام بتجمع آخر أمام وزارة الداخلية. وحاول بعض المتظاهرين الذين بدا مئات منهم في التجمع في الشارع الرئيس بالعاصمة قبيل الساعة 11,00 (10,00 تغ) قبل أن يتحول عددهم إلى عدة الآف بوصول مسيرات متتالية، التصدي لقوات الأمن بكراسي وحجارة ومظلات المقاهي. وقدم سفير تونس في (اليونيسكو) المازري حداد استقالته من منصبه الجمعة بحسب رسالة وجهها الى الرئيس وحصلت وكالة فرانس برس على نسخة منها. وكتب حداد في رسالته "أتوجه اليكم بهذه الرسالة وأضع استقالتي بين يديكم". واوضح السفير أنه لا يستطيع تحمل القمع الدموي لأعمال الشغب التي تشهدها بلاده منذ شهر وقال لوكالة فرانس برس "بوحي من ضميري قررت الانسحاب (...) لم أعد أستطيع تحمل سقوط قتلى، لا يمكنني أن أرى بلادي في الفوضى". وذكر في رسالته الرئيس بأنه "رجاه (منذ الإثنين) وقف حمام الدم عبر نزع سلاح الشرطة". وأضافت "أبلغتكم أن المتظاهرين ليسوا ضدكم، بل ضد المستغلين الذين صرتم رهينة لهم والذين لم يكفوا عن تخريب ثروات البلاد (...) وإهانة المستثمرين الأجانب الذين يعول عليهم اقتصادنا الوطني". وأعرب زعيم حزب النهضة الإسلامي المعارض التونسي راشد الغنوشي في حديث نشرته صحيفة (لو سوار) البلجيكية الجمعة عن قناعته بأن حركة الاحتجاج الحالية في تونس ستطيح بنظام الرئيس زين العابدين بن علي. وأكد القيادي الإسلامي في اتصال هاتفي من لندن أن "نظام الحزب الواحد انتهى. نظام المافيا هذا انتهى، الشعب يريد التخلص منه وستنتصر انتفاضته". وأضاف "لا أظن أن هذا النظام قابل للإصلاح نظرا لطبيعته التي تشبه المافيا"، معتبرا أن "الشعب" التونسي "لا يريد الفساد ويطالب بديمقراطية حقيقية وليس بمجرد واجهة". وأكد الغنوشي (69 سنة) الذي كان مدرسا أن حزبه "ليس وراء حركة الاحتجاج الحالية" وأنه "بعيد جدا عن ذلك". إلا أنه أشار إلى أن بعض المسؤولين المقربين من حزب النهضة المحظور في تونس، تفاوضوا حول اتفاقات مع أحزاب علمانية مثل الحزب الديمقراطي التقدمي وحزب العمال الشيوعي.