مدد المجلس النيابي اللبناني ولايته الممددة أصلاً، بأكثرية 95 نائباً من أصل 128، بذريعة حؤول الوضع الأمني في البلاد دون إجراء الانتخابات النيابية بالنسبة الى بعض مؤيدي هذه الخطوة، وبحجة إعطاء الأولوية لإنهاء الفراغ الرئاسي قبل الانتخابات النيابية بالنسبة الى البعض الآخر. وطرح التمديد للبرلمان التحدي على القوى التي أيدته حول ما بعده، إن لجهة إنهاء الشغور الرئاسي، أو لجهة الاتفاق على قانون جديد للانتخاب، أو لجهة تفعيل العمل الحكومي، بعدما انتفت ذريعة الخوف من حصول فراغ في المؤسسة التشريعية التي كان ينتظر أن تنتهي ولايتها في 20 الجاري، وطالما أن التمديد يضمن استمرارها حتى 19 حزيران عام 2017، ما يعني بقاء النواب على مقاعدهم ولاية ثانية كاملة (4 سنوات) إذا ما أ ضيف التمديد الأخير للتمديد السابق. (راجع ص 7) ويعوّل بعض الأوساط على إمكان إطلاق الحوار بين «حزب الله» وتيار «المستقبل» بعدما أبدت قيادة كل منهما استعداداً له، لعله يحقق نتائج في ملف الرئاسة. إلى ذلك، وفيما أعلن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس امس انه تحدث مع نظيره الاميركي جون كيري في شأن لبنان، اكدت مصادر ديبلوماسية غربية ل «الحياة» ان مشكلة انتخاب رئيس جديد للبنان ستجد حلاً قريباً على رغم التعطيل القائم. وفي باريس ايضاً اعلن مسؤول في وزارة الدفاع الفرنسية ان الدفعة الاولى من الاسلحة الفرنسية المقدمة الى لبنان بموجب الهبة السعودية ستسلم في الفصل الاول من العام 2015 وان وزير الدفاع الفرنسي جان ايف لو دريان سيزور السعودية في 30 من الشهر الجاري. لكن المسؤول أوضح ان التسليم سيتم بعد تعديلات ستجرى مع الجانب اللبناني، على ان يستمر 36 شهراً وتكون الخاتمة بمروحيات قتال ونقل وآليات مصفحة خفيفة ومدفعية ثقيلة وصواريخ مضادة للدروع. ولفت الى انه تم اقرار ذلك في حضور قائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي ونظيره الفرنسي ومسؤولين سعوديين في الرياض بالتنسيق مع شركة «اوداس» الفرنسية لتسويق الصناعة العسكرية الفرنسية ورئيسها الاميرال ادوار غيو. وقال المسؤول إن أحداث عرسال ادت الى الاسراع في تقديم الدعم للجيش اللبناني لا سيما اصلاح مروحياته المعطلة. ويتضمن عقد الهبة ايضاً زوارق للمراقبة مزودة اسلحة خفيفة دفاعية وتجهيزات استخبارية للحدود وشقاً تدريبياً على المعدات. وأكد ان فرنسا سلمت لبنان خلال الصيف صواريخ كانت اقرت في عهد الرئيس نيكولا ساركوزي للجيش اللبناني وضغطت اسرائيل على الحكومة الفرنسية لعدم تسليمها. واشار المسؤول الى انه «تم اطلاع الدول الشريكة الاوروبية والاصدقاء على العقد لكن من دون تدخل اي من هذه الدول فيه». وقال ان ليس هناك تخوف من ان تنقل هذه المعدات الى «حزب الله» لان الجانب الفرنسي غالباً ما سيكون موجوداً على الارض للتدريب على هذه المعدات. الى ذلك اعتبر مصدر فرنسي مسؤول آخر ان توقيع العقد يجعل فرنسا في موقع افضل للعودة الى اللبنانيين والتحدث معهم حول الامن والاستقرار في البلد ولتستمر في التحاور مع السعودية وايران والفاتيكان من اجل دفع الملف الرئاسي اللبناني الى الامام، ولو ان القناعة الفرنسية هي ان سياسة ايران في المنطقة هي سياسة معسكرة، لان منفذي السياسة الايرانية في المنطقة هم الحرس الثوري. لكن المسؤول رأى انه كان مهماً سماع الأمين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصرالله ينفي جر البلد الى الفراغ، معتبراً ان هذا ما يمكن توقعه من نصرالله وايران، «فباريس لا تقول لايران انتخبوا هذا او ذاك، لكنها توصي الجانب الايراني بأنه ينبغي التوصل الى اتفاق سياسي واسع بما يكفي لتعمل المؤسسات في لبنان كما تبلغها ان ليس من مصلحة احد في المنطقة وايران ايضا ان تتم زعزعة استقرار لبنان، فإما ان تساعد العماد ميشال عون على ان يعطي ضمانات ل14 آذار وإلا ينبغي التفاوض على مرشح تسوية للرئاسة يمثل وحدة البلد. وليست هناك اجوبة واضحة عن هذه الاسئلة حتى الآن من ايران. وسيرى مدير الشرق الاوسط في الخارجية الفرنسية جان فرانسوا جيرو خلال زيارته طهران في 12 تشرين الثاني (نوفمبر) اذا كانت لديها اجوبة على ذلك». من جهة اخرى قال كيري انه لا توجد نية لتمديد الموعد المقرر في 24 الشهر الجاري لانهاء المفاوضات مع ايران حول برنامجها النووي وان الوقت حان للتوصل الى اتفاق وان يظهر الجانب الايراني فعلا انه يريد برنامجاً نووياً مدنياً. واضاف انه ناقش مع نظيره الفرنسي لوران فابيوس الافكار التي ستقدمها الدول الست الى ايران خلال المفاوضات، وانه سيتوجه الى مسقط للقاء وزير خارجية ايران محمد جواد ظريف مع ممثلة الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون. وبالعودة إلى التمديد للبرلمان، فقد عارضه «تكتل التغيير والإصلاح» بزعامة العماد ميشال عون ونواب حزب «الكتائب» الذين تغيبوا عن جلسة البرلمان أمس، إضافة الى قيادات ورموز من خارج البرلمان. وأطلق التمديد حملة تبادل اتهامات بين «التيار الوطني الحر» بزعامة عون وحزب «القوات اللبنانية» الذي انضم الى خيار التمديد بحجة تفادي الفراغ في البرلمان مع تعذر إجراء الانتخابات، بناء لإلحاح الرئيس نبيه بري، على ضمان ميثاقية الخطوة، ما رفع عدد النواب المسيحيين الذين وقفوا معها الى 39 نائباً من أصل 64، أي الى أكثر من نصف عددهم. وقالت مصادر نيابية إن مرحلة ما بعد التمديد للبرلمان غير ما قبله، ما يستدعي إعادة الروح إليه، مع زيادة إنتاجية حكومة الرئيس تمام سلام، وأكدت أنه لا بد من تبديد ما هو سائد في ذهن الرأي العام الرافض لتمديد المجلس لنفسه، بحيث لا يكون تمديداً لما هو مشكو منه لجهة عدم قيامه بالمطلوب منه بالتعاون مع الحكومة، لا سيما معالجة مشكلات اللبنانيين وهمومهم. وأوفد بري أمس عدداً من النواب للقاء الرئيس سلام لحض الحكومة على تطبيق القوانين العالقة من دون تنفيذ، بعد أن أقرتها الحكومات المتعاقبة. ومن هذه القوانين قانون الطيران العام، الذي تأخر بعدم تشكيل هيئة إدارة الطيران، خصوصاً أن وزير الأشغال السابق غازي العريضي كان أخضع المرشحين لعضويتها الى امتحانات بقيت نتائجها عالقة في مجلس الوزراء. وكانت المنظمة الدولية للطيران والاتحاد الأوروبي للطيران أصرّا على تشكيل الهيئة لتشرف على ما يتعلق بهذا القطاع في مطار رفيق الحريري الدولي، بعدما كانتا أشعرتا لبنان بأن المزيد من التأخير في ذلك قد يؤدي الى منع الطائرات الآتية من بيروت من الهبوط في مطارات أوروبا. كما طالب الوفد سلام بالإسراع في إصدار المراسيم التنظيمية لهيئة إدارة قطاع النفط، إضافة الى تأليف الهيئة الناظمة لقطاع الاتصالات. وأسف السفير الاميركي لدى لبنان ديفيد هيل الى ان «أحد نتائج الفراغ الرئاسي، قرار تمديد فترة ولاية البرلمان مرة أخرى». ودعا البرلمان الى اتخاذ قرار بانتخاب الرئيس، منبهاً «الذين يعرقلون ذلك من انهم يقوضون استقرار لبنان والممارسات الديموقراطية فيه».