يواجه رئيس الوزراء الأردني عبدالله النسور اليوم امتحان ثقة البرلمان بحكومته، حيث يشرع النواب مساء بمناقشة البيان الوزاري، وسط تصعيد ميداني حاد في مدينة إربد الشمالية، ثاني أكبر المدن الأردنية، التي شهدت خلال الساعات ال48 الماضية اشتباكات متقطعة بين قوات الشرطة وموالي النظام من جهة ومعارضين من جهة أخرى. ومن المتوقع أن تكون الجلسات النقاشية التي تستمر لمدة 6 أيام عاصفة، بسبب مواقف كتل نيابية ظلت تطالب الرئيس بمنح أعضاء البرلمان حقائب حكومية، وهو الأمر الذي ترى مرجعيات عليا ضرورة إرجائه بضعة أشهر، إلى حين تشكل كيانات متماسكة تحت القبة. وكانت الانتخابات النيابية التي أجريت في كانون الثاني (يناير) الماضي، وسط مقاطعة المعارضة، أفرزت كتلاً هشّة لم تتشكل على أسس حزبية أو برامجية. ومن المتوقع أن يستعرض النسور خلال بيانه الوزاري، الذي على أساسه ستنال الحكومة ثقة غالبية البرلمان، قضايا اقتصادية تخص موازنة الدولة، إلى جانب ملف الطاقة الذي بات يضغط بقوة على العصب المالي الأردني، بسبب القطع المستمر بإمدادات الغاز المصري وتأخر المساعدات الخارجية. كما يتوقع أن يتطرق البيان إلى خريطة الإصلاح السياسي التي تعهدت الدولة تنفيذها خلال الفترة المقبلة. وينتظر أن تقف الحكومة مطولاً عند تطورات الملف السوري وتداعياته المتسارعة على المملكة. ويؤكد الأردن أنه يعاني أزمة اقتصادية وأمنية بفيض اللاجئين الهاربين من حرب أهلية عمرها عامان في سورية، حيث يستضيف مليون سوري. وقد يواجه النسور أثناء مناقشات الثقة تحدياً من كتل قامت بترشيحه لمنصب رئيس الحكومة، أثناء مشاوراتها السابقة مع مؤسسة الديوان الملكي، لكنها سرعان ما انقلبت على هذه الترشيحات لعدم استشارتها في أشخاص الفريق الوزاري، إلى جانب إصرار الرئيس على تمرير قرارات اقتصادية «غير شعبية» تتمثل برفع أسعار الكهرباء. كما قد يواجه تحدياً مماثلاً من كتل رفضت ترشيحه أصلاً للمنصب المذكور. وكان النسور دشن خلال الأيام القليلة الماضية سلسلة اتصالات علنية وأخرى غير معلنة مع عشرات النواب، تضمنت منحهم امتيازات ومطالب خدمية، لضمان اجتياز الثقة. ويسعى الرئيس، وفق قريبين منه، إلى الحصول على ثقة متدنية لا تتجاوز 80 صوتاً، تجنباً للنقد الشعبي الذي قد يوجه لاحقاً إلى المؤسسة التشريعية. ويتعين على الحكومة نيل 76 صوتاً كحد أدنى من أصل 150 عدد نواب البرلمان. يأتي ذلك، في وقت تواصلت الاشتباكات بين مؤيدين ومعارضين للحكومة في إربد، بعد يوم واحد على فض قوات الشرطة وعشرات الموالين تظاهرة معارضة داخل المدينة، التي تبعد 89 كلم عن عمان، وتعد أحد أبرز معاقل النفوذ العشائري. وانطلقت أمس تظاهرة منددة بضرب واعتقال ناشطين باتجاه مقر السلطات المحلية في المدينة ذاتها، قبل أن تعترضها تظاهرة موالية وتشتبك معها، موقعة بعض الإصابات. ونشرت مواقع إلكترونية محلية صوراً تظهر أفراد شرطة وهم يعتدون على أحد الأطفال عند تجمع التظاهرة المعارضة. وشهد مقر الحكومة وسط العاصمة احتجاجات مسائية صاخبة، شاركت فيها كيانات عشائرية وإسلامية، ورفعت هتافات هاجمت السلطات ونددت بالفساد. وأصدرت جماعة «الإخوان المسلمين» بياناً استنكرت فيه «استخدام العنف ضد تظاهرات سلمية». ودعت إلى تظاهرات كبيرة يوم الجمعة المقبل في عمان ومدن الأطراف. وأصدرت تنسيقيات شبابية تمثل 30 حراكاً إصلاحياً، بياناً شديد اللهجة، اتهم السلطات ب «توفير الغطاء لاعتداءات البلطجية ضد المتظاهرين السلميين». وفي تطور لاحق، قرر مدير الأمن الأردني الفريق الركن توفيق الطوالبة فتح تحقيق خاص بأحداث العنف التي رافقت التظاهرات الأخيرة. وقال بيان حكومي «ملتزمون حماية أشكال التعبير عن الرأي كافة، لمكونات المجتمع الأردني كافة».