منعت أمس السلطات الأردنية تظاهرة دعت إليها قوى عشائرية وإسلامية داخل أحياء فقيرة شمال البلاد واعتقلت العشرات، فيما دعت جماعة «الإخوان المسلمين» كبرى الجماعات المعارضة إلى تفعيل التظاهر ومزيد من الاحتجاجات. وخرج آلاف المحتجين، عقب صلاة الجمعة، إلى شوارع إربد (89 كلم شمال عمان) معقل النفوذ العشائري، مرددين شعارات صاخبة هدمت الأسوار المحرمة ووجهت نقداً مباشراً إلى مؤسستي القصر وجهاز الاستخبارات العامة. وقال شهود عيان إن المتظاهرين قطعوا الطرق، ووقعت احتكاكات بينهم وبين الشرطة، وعشرات الموالين الذين استخدموا العصي والأسلحة البيضاء ضد المعارضين. وأكد الشهود أن أفراداً من الشرطة والدرك المزودين أسلحة خاصة لفض الشغب أصابوا عشرات المتظاهرين وقيادات فاعلة داخل جماعة «الإخوان المسلمين». وقالت الشرطة إنها استخدمت الغاز المسيل للدموع، للفصل بين تظاهرتين مناوئتين. وقال الرائد عامر السرطاوي الناطق باسم مديرية الأمن الأردنية إن قوات الشرطة اضطرت إلى «استخدام الغاز المسيل للدموع وقوة مناسبة للفصل بين متظاهرين في اربد، لدى اشتباكهم مع تظاهرة مناوئة، وذلك لتفريق الطرفين». وأضاف: «وقعت بعض الإصابات بين المتظاهرين ورجال الأمن». وأصدرت المديرية لاحقاً بياناً أوضحت فيه ملابسات ما جرى، وفق الرواية الرسمية. وبحسب البيان، «انطلقت إحدى التظاهرات باتجاه دوار وصفي التل مطالبة بإصلاحات سياسية، وقد رافقتها تظاهرة أخرى مناوئة، ووقفت قوة أمنية حاجزاً يحول دون اشتباك التظاهرتين، إلا أن إصرار المشاركين بالاقتراب من بعضهم وتخطي الحاجز الأمني والاعتداء على رجال الأمن العام، دفعنا لاستخدام القوة المناسبة». وتحدث المراقب العام السابق ل «لإخوان المسلمين» الشيخ سالم الفلاحات عن تعرض قياديين في «الإخوان» لإصابات متفرقة نقلوا على إثرها للمستشفى، وبينهم أحمد الكوفحي وعلي العتوم ومحمد البزور. وقال: «نقلنا إصابات عدة للمستشفيات 3 منها كانت في حال الخطر». واعتبر أن «ما جرى سيفاقم الاحتقان الشعبي، وهو دليل على عدم وجود إرادة حقيقية للإصلاح... لذا ندعو إلى التظاهر ومزيد من الاحتجاجات». وأضاف أن «العنف الرسمي هو دليل آخر على العقلية البائسة التي يتم التعامل بها». وشهد الأردن طيلة العامين الماضيين احتجاجات عدة ضد الفقر والفساد، لكنها لم تكن حاشدة على غرار انتفاضات الربيع العربي. وحافظت هذه الاحتجاجات على سلميتها غالباً، ولم تستخدم قوات الأمن السلاح الحي حتى الآن. ويبدو أن الأيام المقبلة ستكون حاسمة في اختبار إمكان استمرار الهدوء النسبي، الذي اتسم به الشارع، منذ إجراء الانتخابات النيابية في كانون الثاني (يناير) الماضي، والتي أظهرت فوز غالبية موالية للنظام بمقاعد البرلمان ال 150. وكان رئيس الوزراء الأردني عبد الله النسور قال أول من أمس إن الحكومة «لن تسمح لأي فاسد مهما كان حجمه أن يستولي على أرزاق وحقوق الناس»، وأنه «لا يوجد رأس فاسد عصي على الكسر». وتطالب المعارضة الأردنية وخصوصاً الإسلامية، ب «قانون انتخاب عصري وتوافقي» و «إجراء تعديلات دستورية» من شأنها المس الصريح بصلاحيات القصر وحق الملك باختيار الحكومة وإقالتها.