بدا إعلان الحكومة الأردنية الجديدة أمراً عسيراً، مع فشل الكتل النيابية والنواب المستقلين للأسبوع الثاني في تسمية الرئيس المكلف لمؤسسة الديوان الملكي. ومع أن التعديلات الدستورية التي صادق عليها الملك في آب (أغسطس) 2011، ونقلت بعض سلطاته إلى البرلمان، لا تلزمه استشارة النواب في ترشيح رئيس الحكومة أو فريقه الوزاري، فإن نواباً ومسؤولين أكدوا ل «الحياة» جدية المشاورات الجارية بين الديوان الملكي وأعضاء البرلمان بتوجيه من العاهل الاردني عبدالله الثاني، للتوافق على شكل الحكومة الجديدة وأولويات المرحلة المقبلة. وكان لافتاً خلال مشاورات الجولة الأولى إصرار الديوان على ضرورة ترشيح أسماء محددة لتولي المنصب الرفيع، على رغم أن الكتل النيابية باستثناء واحدة، رفضت تقديم أي أسماء، مؤكدة ثقتها باختيارات القصر، ومكتفية بتقديم قائمة عريضة تتضمن مواصفات متغيرة بين لحظة وأخرى لرئيس الوزراء المطلوب. وفي تطور لافت، رشحت كتلة الوفاق (18 نائباً) رئيس الوزراء الحالي عبدالله النسور لرئاسة الحكومة المقبلة. وقال الناطق باسم الكتلة النائب هايل الدعجة إن «أعضاء الوفاق أبلغوا الديوان الملكي قرارهم تسمية النسور رئيساً للحكومة الجديدة». وأضاف أن «الكتلة قررت منح النسور مهلة إلى بداية الدورة العادية المقبلة للبرلمان، ليصار خلالها إلى إعادة تقويم أداء حكومته». في هذه الأثناء، يستعد الرجل الأول في مؤسسة الديوان فايز الطراونة لبدء جولة ثانية من المشاورات النيابية ظهر اليوم، للإعلان رسمياً عن الفريق الوزاري، وسط تخبط غير مسبوق في مواقف الكتل والنواب المستقلين في شأن الكيان الجديد للحكومة. يأتي ذلك، فيما أكد الطراونة أمس «حرص العاهل الأردني على إشراك النواب في عملية اختيار رئيس الحكومة وتشكيل الفريق الوزاري». وأعاد التأكيد، في بيان أصدره الديوان، أنه «سيرفع إلى الملك وجهات نظر النواب بكل شفافية وحياد». في موازاة ذلك، بحث عدد من أركان الكتل البرلمانية وبعض النواب المستقلين مساء أمس خلال لقاءات متواصلة، إمكان تشكيل ائتلاف نيابي يعبّر عن الغالبية ويتوافق على تفاهمات محددة في خصوص برنامج رئيس الحكومة وشخصه. وقال الأمين العام لحزب «الوسط الإسلامي» النائب محمد الحاج، أحد القريبين من السلطة والمفصولين من جماعة «الإخوان المسلمين»، إن «ممثلي كتل الوسط الإسلامي والتجمع الديموقراطي ووطن والمستقبل والنهج الجديد والوعد الحر ناقشوا أمس عدداً من الاقتراحات في خصوص آلية التشكيل الوزاري». واشتملت اللقاءات على جملة اقتراحات أهمها أن يحصر اختيار رئيس الحكومة في شخص العاهل الأردني، على أن تعهد الحقائب الوزارية إلى أعضاء محددين داخل البرلمان، أو يتم تكليفها إلى أسماء من داخل البرلمان وخارجه. لكن قريبين الى مطبخ القرار أكدوا أن مسألة «توزير النواب» أمر مرفوض داخل مؤسسات الحكم النافذة، لا سيما عند الملك شخصياً. وثمة من يرى أن مواجهة «الولادة العسيرة» لإعلان الحكومة الجديدة مرتبطة بسيناريوات ثلاثة: تفوض الكتل البرلمانية القصر لتحديد رئيس الوزراء المقبل بناء على مواصفات معينة، أو يعاد تكليف النسور باعتباره الخيار الأفضل عند صاحب القرار حتى هذه اللحظة، أو تتوافق كتل الغالبية على شخصية وتطلب من الملك تكليفها، وهو سيناريو يبدو بعيداً في ظل «هشاشة» الكتل وتصدعها. يذكر أن البرلمان الأردني الحالي يضم ثماني كتل، هي وطن (27 نائباً)، والتجمع الديموقراطي (24 نائباً)، والمستقبل (18 نائباً)، والوعد الحر (17 نائباً)، والوفاق (15 نائباً)، والوسط الإسلامي (15 نائباً)، والاتحاد الوطني (10 نواب)، والنهج الجديد (8 نواب)، إضافة إلى نواب مستقلين وعددهم 15 نائباً، بينهم رئيس البرلمان الحالي سعد هايل السرور.