لم تكتف الحكومة الإسرائيلية بقرارها قبل أكثر من شهر إقامة 3000 وحدة سكنية جديدة في مستوطنات الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، «عقاباً» للفلسطينيين على اعتراف الأممالمتحدة بفلسطين دولة بصفة مراقب، بل تضرب بعرض الحائط الاحتجاجات الدولية على ذلك القرار وتقر أذرعها في هيئة التنظيم والبناء في القدسالمحتلة، منذ مطلع هذا الأسبوع سلسلة مشاريع استيطانية جديدة تحمل في طياتها بناء أكثر من 6500 وحدة سكنية جديدة. ومن المقرر أن تقر لجنة التنظيم اللوائية في القدس التابعة لوزارة الداخلية الإسرائيلية اليوم، مشروعاً استيطانياً جديداً في حي «غفعات همطوس» هو الثالث على التوالي منذ الإثنين. وأكدت صحيفة «هآرتس» أن المشاريع الاستيطانية الجديدة، خصوصاً جنوبالقدسالشرقيةالمحتلة «تغير في شكل دراماتيكي خريطة القدسالشرقية». وبعد المصادقة، الإثنين، على مشروع بناء 1500 وحدة سكنية جديدة في مستوطنة «رمات شلومو»، شمال القدسالشرقيةالمحتلة المقامة بغالبيتها على أراضي حي شعفاط كان الاحتلال صادرها قبل نحو أربعة عقود، أقرت لجنة التخطيط والبناء في لواء القدس أمس مشروعين لبناء 1362 وحدة سكنية جديدة في حي «غفعات همطوس». ومن المفترض أن تقر اليوم أيضاً طرح عطاءات في الأشهر المقبلة لبناء 2610 وحدات سكنية جديدة. وطبقاً لجمعية «عير عميم» المناهضة للاستيطان فإن اللجنة قد تجتمع أيضاً غداً للبحث في بناء 1100 وحدة سكنية جديدة في «حي جيلو» الاستيطاني، جنوبالمدينة المقدسة باتجاه بيت لحم. وأفادت حركة «سلام الآن» بأن لجنة التنظيم ستجتمع مرة أخرى في الأسبوع الأول من الشهر المقبل لمناقشة بدء بناء نحو ألف غرفة فندقية في «غفعات همطوس»، تضاف إلى الوحدات السكنية الجديدة. ويستغل رئيس الحكومة الحالية بنيامين نتانياهو الأجواء الانتخابية لتسريع إجراءات بناء آلاف الوحدات السكنية آملاً في ذلك اجتذاب مزيد من أصوات اليمين المتشدد والمستوطنين التي تتجه منذ أسابيع إلى حزب «البيت اليهودي – المفدال» بصفته أكثر يمينيةً ومحسوباً تاريخياً أنه راعي الاستيطان ويعتبره نتانياهو أكبر خطر على «ليكود – إسرائيل بيتنا» في صناديق الاقتراع، خصوصاً مع انتخاب رئيس جديد له هو نفتالي بنيت الذي يرى فيه الإعلام الإسرائيلي نجماً صاعداً في سماء السياسة الإسرائيلية. وبرر مسؤول في مكتب نتانياهو قرار البناء في مستوطنة «رمات شلومو» بأنه ليس مشروع بناء جديداً وأنه تم النشر عنه وإقراره قبل سنوات، لكن حصل تأخير في التنفيذ نتيجة اعتراضات قدمت. وأضاف أن الحديث هو عن إجراء تخطيطي وليس عن بدء البناء. وقالت المديرة العامة لجمعية «عير عاميم» يهوديت أوبنهايمر إن المصادقة على مخطط إقامة الوحدات السكنية الجديدة في «رمات شلومو» تندرج ضمن الرد الإسرائيلي على قرار الأممالمتحدة، وتشكل جزءاً لا يتجزأ من السياسة التي يتبعها نتانياهو ووزير خارجيته (المستقيل) أفيغدور ليبرمان «وهي تهدف إلى فرض وقائع على الأرض خلافاً لكل التزامات إسرائيل الدولية، تماماً مثل الهدف وراء قرار البناء في المنطقة «أي 1» للحؤول دون التواصل الجغرافي بين أجزاء الدولة الفلسطينية، ما يراكم صعوبات في طريق أي تسوية سياسية حول القدس، وهي قضية القضايا بكل ما يتعلق باتفاق سلام بين إسرائيل والفلسطينيين». ونددت السلطة الفلسطينية بالمخططات الاستيطانية الإسرائيلية وهددت برفع الأمر أمام مجلس الأمن. وقال صائب عريقات إن «السلطة الفلسطينية تدين بأشد العبارات الممكنة هذه الأفعال الإسرائيلية وتصميم إسرائيل على مواصلة التوسع الاستيطاني وتقويض حل الدولتين في إطار هذه العملية». ووصف عريقات هذه الخطوات بأنها «خطيرة للغاية وتبعث على القلق» معتبراً أن «الحكومة الإسرائيلية تبدي تصميمها على مخالفة إرادة المجتمع الدولي». وفي باريس (أ ف ب) أفاد مصدر ديبلوماسي أمس، بأن الدول الأوروبية الأربع الأعضاء في مجلس الأمن، وبينها فرنسا وبريطانيا الدائمتا العضوية، تعد لإصدار إعلان مشترك لإدانة مشاريع البناء في المستوطنات الإسرائيلية. وأعلن هذا المصدر للصحافيين «نعمل على إعلان مشترك حول هذا الموضوع»، مذكراً بأن وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي أعربوا في العاشر من الشهر الجاري عن «صدمتهم ومعارضتهم الشديدة للخطط الإسرائيلية لتوسيع مستوطنات». وإضافة إلى بريطانيا وفرنسا الدائمتي العضوية في مجلس الأمن، تشغل البرتغال وألمانيا حالياً مقعدين غير دائمين فيه. وغالباً ما تعتبر برلين أنها أحد أكبر الداعمين الأوروبيين لإسرائيل. ويأتي الإعلان عن مشروع التوسع الاستيطاني هذا في حين تعرض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو لموجة انتقادات دولية لقراره مطلع الشهر الجاري إطلاق مشروع بناء في القطاع «أي 1» قرب القدسالمحتلة لمعاقبة الفلسطينيين على حصولهم على صفة دولة مراقب غير عضو في الأممالمتحدة. وغداة الإعلان عن هذا المشروع استدعت باريس ولندن وستوكهولم وكوبنهاغن ومدريد السفراء الإسرائيليين لديها للإعراب عن شجبها لهذا القرار، في مبادرة منسقة نادرة. وكانت العواصم الأوروبية أشارت إلى أن مشاريع التوسع الاستيطاني تعرض للخطر حل الدولتين لتسوية النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني. واحتلت إسرائيل القدسالشرقية عام 1967 وتعتبر القدس بشطريها «عاصمتها الأبدية والموحدة» ولا تعتبر البناء في الجزء الشرقي منها استيطاناً، في حين يعتبر الفلسطينيون القدسالشرقية عاصمة لدولتهم المستقبلية وينددون دائماً بالاستيطان في الشطر الشرقي من المدينة. ويقيم أكثر من 340 ألف مستوطن إسرائيلي في مستوطنات بالضفة الغربيةالمحتلة وهو رقم في تزايد مستمر. كما يقيم نحو مئتي ألف آخرين في أكثر من عشرة أحياء استيطانية في القدسالشرقيةالمحتلة.