اتهم مواطن سعودي أمانة منطقة المدينةالمنورة باعتدائها على أرضه وبناء سوق تجارية عليها (كما يزعم)، وقام المدعي بتقديم شكوى إلى ديوان المظالم، إلا أن الأخير امتنع عن الفصل، باعتبار أن قضية الدعوى تخرج عن الاختصاص الولائي لديوان المظالم، إذ ينعقد الاختصاص بنظرها للمحاكم العامة. وتتلخص وقائع هذه الدعوى في أنه بتاريخ 28-1-1424ه تقدم المدعي إلى ديوان المظالم بعريضة دعوى ضد أمانة منطقة المدينةالمنورة، موضحاً أنه يمتلك الأرض المخصصة سوقاً تجارية في المخطط رقم (26/211/4) بموجب الصك رقم (290/4/4/) في 17-12-1423ه، وأن المدعى عليها اعتدت على تلك الأرض بتأجيرها للغير متجاهلة بذلك ملكيته لها، إذ تقدم لها بطلب رفع يدها عما يملكه ولكن من دون نتيجة، وطلب إلزام المدعى عليها برفع يدها عن الأرض وتعويضه عما لحقه من أضرار. قُيدت الدعوى وأحيلت إلى الدائرة المختصة في ديوان المظالم، فباشرت نظرها على النحو الموضح تفصيلاً بمحاضر ضبطها، إذ أوضح المدعي دعواه على نحو ما ورد في عريضته، فيما أجاب ممثل المدعى عليها بأن الأرض محل الدعوى مخصصة لأن تكون أسواقاً تجارية ضمن مخطط الحرة الشرقية القبلية المعتمد عام 1386ه والتابع للمدعى عليها ومشار إليها في المخطط الذي اشترى منه المدعي الأرض، وأن المبايعات التي تمت على المخطط دونت على ظهر صك الاستحكام الأساسي رقم (450/2) في 23-3-1389ه الذي تم تعديله بإضافة مساحات إليه وإلغاء مساحات منه، ولم تدون أي مبايعات أو شروح على صك التعديل رقم (138/2/) في 8-3-1391ه الذي بموجبه اعتمد المخطط، وهذا الإجراء تسبب في قيام كتابة العدل بإفراغ الجزء الشرقي بصك منفصل يحمل رقم (29/1/4) في 4-11-1423ه، على رغم أنه جزء لا يتجزأ من المخطط المعتمد. رد المدعي بأن تخصيص الأرض سوقاً تجارية لا يلغي ملكه ولا ينافيه، وإنما هو تحديد لاستخدام الأرض كما هي الحال في ما تخصصه المدعى عليها للمرافق العامة في المخططات الخاصة، وأن عدم تدوين بعض المبايعات على الصك الأساسي لا يؤثر في ملكه، لأن ما اشتراه هو الجزء الشرقي من الأرض المملوكة بالصك الأساسي، وذلك الجزء لم يتم تخطيطه وتقسيمه إلى قطع سكنية وإنما بقي سوقاً تجارية وعليه فلمالكه التصرف فيه. وأشار إلى عدم أحقية المدعى عليها في اعتراضها على شرائه الأرض، لأن المخطط أعد واعتمد بموجب الصك المعدل ولم تعترض المدعى عليها (الأمانة) في حينه، فضلاً عن أن تعديل الصك تم بمعرفة المدعى عليها، إذ إن المساح الذي أعد الإقرار هو أحد منسوبيها، وشمل التعديل الجزء الغربي من الأرض إلى جزأين هو إحداث المدعى عليها شارعاً وسط الأرض، وانتهى المدعي إلى التأكيد على طلباته، وبعرض ذلك على ممثل المدعى عليها قدم مذكرة تضمنت أن الصك المعدل صدر قبل 33 عاماً، وأن مخططات الأمانة والمالك السابق قد أثبتت أن الموقع سوق تجارية، فقامت الأمانة بتأجيره وذلك منذ عشرات السنين، ولا يزال تحت يدها من دون أن يعترض على ذلك أحد. وأشارت المذكرة إلى أن إفراغ المدعي غير نظامي، لكونه لم يتقيد بالمخطط المعتمد، ولوجود زيادة في الصك المعدل عن أصله من دون تطبيق المادتين (85، 86). فرد المدعي بأن القول بعدم نظامية الإفراغ له يعتبر طعناً في مبايعات شرعية موثقة بصكوك شرعية لا يقبل الطعن فيها، وهي صادرة عن جهة شرعية معتبرة. ولفت المدعي إلى أن هناك خطاباً من كتابة العدل أجابت فيه عن استفسار المدعى عليها، ذكرت فيه أن الإفراغ تم بحسب الصكوك والمخطط المعتمد، وأضاف المدعي أن مخطط الحرة الشرقية المعتمد عام 1386ه العائد للمدعى عليها هو مخطط تنظيمي قابل للتطبيق الكلي أو الجزئي عندما تظهر ملكيات خاصة يحتويها المخطط، وأن تصرفها في الأرض بالتأجير هو اعتداء على حق مالك الأرض وليس بمسوغ شرعي أو نظامي، وأن ما كان مأذوناً فيه سابقاً للبلديات والأمانات من الاستفادة موقتاً من الأرض مجهولة الملكية أوقف بالأمر السامي رقم (4/ن/27160) في 8-7-1423ه المتضمن التوقف حالاً عن الاستفادة من الأراضي مجهولة الملكية وما في حكمها نهائياً درءاً للشبهات، وأرفق صوراً منه كما أرفق صورة من تعميم وزير العدل رقم (165/3/ت) في 6م10/1403ه في شأن تطبيق المادتين (85، 86) عند طلب تعديل المساحة بزيادة. وأوضح المدعي أن تعديل الصك في الأرض محل الدعوى سابق على صدور هذا التعميم ولا يطبق عليه بأثر رجعي. وفي جلسة 14-8-1425ه قدم ممثل المدعى عليها مذكرة تضمنت أن موضوع المدعي مدار مكاتبة بين المدعى عليها ووزارة الشؤون البلدية والقروية، بخصوص طلب إيقاف التصرف في صك المدعي، وتشكيل لجنة من كتابة العدل الأولى في المدينةالمنورة ووزارة الشؤون البلدية والقروية ووزارة العدل لدرس ملابسات الموضوع. وفي جلسة 21-4-1426ه قدم المدعي رفعاً مساحياً أعده مكتب هندسي تضمن تطبيق ذرعة الصك قبل التعديل وبعده، وبعرضه على ممثل المدعى عليها قدم في جلسة تالية مذكرة تضمنت أن هناك أجزاءً من حدود الصك قبل التعديل متوافقة مع أجزاء من حدود الصك بعد التعديل وأجزاءً أخرى خارجة عنه، ثم أورد مساحات الصك قبل التعديل وبعده، ومساحات السوق التجارية قبل التعديل وبعده، وانتهى إلى لزوم التأكد من نظامية الإجراء المتخذ في تعديل الصك، وأن الموضوع مدار مكاتبة مع الوزارة، ثم قدم في جلسة 8-9-1426ه خطاب وزير الشؤون البلدية والقروية الموجه لرئيس ديوان رئاسة مجلس الوزراء رقم (47859) في 24-7-1426ه المشار فيه إلى المخاطبات الدائرة بين المدعى عليها والوزارة في شأن الموضوع ورأي الوزارة فيه. بعد ذلك، عرض الأمر على المدعي، فذكر أن المدعى عليها أثارت الموضوع منذ ثلاث سنوات ولم يتم فيه شيء، وطلب الحكم في القضية، وقرر في جلسة تالية أنه يحصر طلباته بطلب إلزام المدعى عليها برفع يدها عن الأرض وتمكينه من التصرف فيها، كما قرر ممثل المدعى عليها الاكتفاء بما قدمه وقرره، فأصدرت الدائرة حكمها رقم 61/د/ إ/ 21 لعام 1426ه المتضمن إلزام المدعى عليها (أمانة منطقة المدينةالمنورة) برفع يدها عن أرض المدعي (......) المملوكة له بموجب الصك رقم (290/4/4) في 17-12-1423ه وتمكينه من التصرف فيها. وبإحالة القضية إلى هيئة التدقيق بعد اعتراض المدعى عليها صدر حكم هيئة التدقيق رقم 341/ت/6 لعام 1427ه ينقض حكم الدائرة وإعادة القضية للدائرة، وبمعاودة نظر الدعوى من الدائرة حيث حضر المدعي وممثل المدعى عليها، قرر المدعي أنه يطلب إلزام المدعى عليها برفع يدها عن الأرض محل الدعوى، وأنه يكتفي بما سبق أن قدم، كما طلب ممثل المدعى عليها الحكم برفض الدعوى وقرر الاكتفاء بما سبق أن قدم، فقررت الدائرة قفل باب المرافعة والحكم.