طرح انفجار الخلافات بين رئيس الحكومة الليبية الانتقالية عبدالرحيم الكيب وأعضاء في المجلس الوطني الانتقالي، تساؤلات في شأن قدرة الحكّام الجدد لليبيا على الوفاء بتعهدهم تنظيم انتخابات المجلس الوطني (التأسيسي) في حزيران (يونيو) المقبل. ويُلقي خلاف الكيب والمجلس الانتقالي، الذي خرج إلى العلن مساء الأربعاء، ظلالاً من الشك على الأقل حول موعد الانتخابات التي ستكون الأولى منذ سقوط نظام معمر القذافي أواخر العام الماضي. وتُضاف أزمة «أهل الحكم» الجديد إلى سلسلة مشاكل خطيرة تواجه ليبيا في مرحلة بناء الدولة خلفاً لنظام «الجماهيرية» الذي أقامه القذافي خلال فترة حكمه التي دامت 42 سنة والتي لم تشهد تنظيم أية انتخابات ولم تعرف أي ممارسة للحياة الحزبية. ولكن في خطوة بدا أنها تهدف إلى طمأنة المتخوفين من إرجاء الانتخابات، أعلن نوري العبار الرئيس الجديد للمفوضية العليا للانتخابات أنها ستبدأ فتح مراكز تسجيل الناخبين وقبول طلبات الترشيح لعضوية المجلس الوطني التأسيسي بين 1 و14 أيار (مايو) ولمدة ثمانية أيام. وأقال المجلس الوطني الانتقالي الأربعاء الرئيس السابق للمفوضية عثمان القجيجي. ويُفترض أن تتم انتخابات المجلس بعد تقسيم ليبيا إلى 13 دائرة انتخابية يتم فيها التنافس على 200 مقعد. ونقل الموقع الرسمي لرئيس الحكومة الليبية عنه تعبيره عن الأسف الشديد لما وصفه ب «الحملة الإعلامية الشرسة» على الحكومة الانتقالية من قبل بعض أعضاء المجلس الوطني الانتقالي. وقال الكيب في بيان صحافي تلاه مساء الأربعاء: «أصبحت الحكومة بمبرر أو من دون مبرر هدفاً لحملة إعلامية شرسة من قبل المجلس أو بعض أعضائه... همّها التهجم على الحكومة وتسفيه أعمالها والانتقاص مما حققته في هذه الظروف الصعبة من أعمال تخدم الشعب الليبي». وأضاف أن «هذه الحملة أدت إلى تشتيت جهود الحكومة وأعضائها وصرفهم عن أداء واجباتهم في الشكل المطلوب، بل سبب لها ولليبيا كلها حرجاً مع المواطنين وكذلك مع الدول الشقيقة والصديقة التي يهمها أمر نجاحنا». وأكد الكيب أن «الأجواء المشحونة في هذا الوقت الحرج تعرقل جهود الحكومة للقيام بواجبها الوطني وإجراء الانتخابات في موعدها المحدد». ودعا المجلس الوطني الانتقالي إلى أن يكون همّه الأول هو «الانتخابات والحرص على إجرائها في وقتها المحدد... وليس موضوع إقالة الحكومة من عدمه». وأشار إلى أن الحكومة سعت إلى التواصل مع المجلس الوطني الانتقالي للتركيز على تنظيم الانتخابات خلال الشهرين المقبلين، وإلى «الابتعاد عن المهاترات الإعلامية وإثارة الرأي العام». وأوضح «نأت الحكومة بنفسها عن الدخول في مثل هذه الحملات، ليس لأننا نفتقد القدرة على الحديث، لكننا نرى أن الحكومة والمجلس يكملان بعضهما وكلاهما مسؤول وبالتساوي عن تحقيق أهداف الثورة والانتقال إلى الدولة وبناء المؤسسات وإقامة الدستور». ولفت الكيب إلى أن التهديد بسحب الثقة من الحكومة والاستمرار في شن الهجوم عليها «يعرقل جهودها في القيام بواجباتها في خدمة أهداف» الثورة وعلى رأسها تأمين إجراء الانتخابات في موعدها. وقال «إن الحكومة لا تقبل في أي حال من الأحوال بتأخير الانتخابات لمثل هذه الأسباب. لذا، فإن الحكومة لن تتحمل هذه المسؤولية التاريخية وتبعاتها التي قد تنحرف بالثورة عن مسارها». ويهدد أعضاء في المجلس الوطني الانتقالي منذ أيام بسحب الثقة من الحكومة معتبرين أنها أخفقت في إعادة إحياء الجيش وإرساء الأمن مجدداً. وذكرت وكالة «فرانس برس» أن المجلس الوطني الانتقالي قال مساء الأربعاء إنه «فوجئ بالبيان الذي تلاه رئيس الوزراء وحمّل فيه المجلس أسباب تعثّر أداء الحكومة». وأكد المجلس أن الانتخابات ستجرى في موعدها المقرر، مشدداً على «أنه لم يكن في يوم من الأيام خصماً للحكومة» إنما «داعماً وناصحاً وحريصاً على إنجاحها خدمة للوطن». وتابع أنه «حاول أن يُمهل الحكومة الفرصة تلو الأخرى لتغيير مسارها والعمل على معالجة الملفات الساخنة على رغم كثرة الملاحظات على ضعف أداء الحكومة والشكاوى المتكررة من بعض الوزراء عن عدم قدرة رئيس الوزراء على العمل مع وزرائه بروح الفريق». وأسف المجلس أيضاً ل «غياب الجرأة في اتخاذ القرارات الحازمة مما تسبب في الوصول إلى ما وصلنا إليه من تأخر في إنجاز أهم الملفات المنوطة بالحكومة وهو الملف الأمني واستيعاب الثوار ورعاية الجرحى».