لست متفائلاً بجمعية حماية المستهلك، حتى وإن أعلن أعضاؤها أن العمل يسير على ما يرام، وأن الجمعية تتبنى الكثير من القضايا ذات التمدد السريع على الساحة، الذي يقابله تمدد بطيء على مستوى التفاعل والإسهام في الحل، نبرة عدم التفاؤل هي رأي شخصي لكني متأكد من أنه مدعوم بآراء متقاربة، وإن اختلفت في حدة اللوم والانتقاد. سأقف اليوم في المنتصف لا قاسياً على الجمعية ولكن مطالباً بأن يقف عضو من أعضائها ليجيب عن جملة أسئلة تقف في حنجرة المواطن المتحمس لأي عمل جريء، أو نشاط اجتماعي يهدف إلى حراك جاد ومفيد، ولعل موقع الجمعية الالكتروني المنظم والمبهج على مستوى الضوء والإخراج يبشر بأن هناك بارقة أمل في أن تحضر الجمعية بشيء من الأهداف التي أعلنت عن أنها بصدد المضي من أجلها، ولو أن العناوين اللافتة التي التقطتها على عجالة من واجهة الموقع تناوبت بين «الشكر وتقديم اقتراح وتبني قضية». يقف تلقي شكاوى المستهلكين المتعلقة بثلاثي «الغش والتدليس والتلاعب» في السلع من صميم اختصاص الجمعية وهدفاً رئيساً ولافتاً لها لكن هذا الاختصاص يذهب بي في لمحة بريئة إلى زاويتين: إما أن المستهلكين لدينا لا يشتكون من شيء، ولا ملامح تبدو للثلاثي القاهر على السطح الاجتماعي، ولن نحسدهم عليه، أو أن الجمعية لم تستوعب عدد الشكاوى وسيل التذمر المنهمر يومياً، ففضلت الاكتفاء بجمع الأرقام وإعداد البيانات واعتبارها منجزاً. لا نريد من الجمعية تمثيلنا في أي لجنة، أو هيئة محلية ودولية، ولا حتى مؤتمرات عامة، فمؤشرات هذا التمثيل لن تتجاوز حاجز الشكر والمقترحات الورقية، لكن الاحتياج الفعلي هو الوقوف على رأس الأوجاع المحلية وحماية المستهلك من الاستغلال المتلاحق لمرتباته، والقفز بحاجاته الأساسية إلى أرقام خرافية! ما نريد من الجمعية أن تعلن وبقوة عن ماذا قدمت منذ أن رأت النور؟ وما الذي يقف في طريقها نحو تحقيق الأهداف وحصد النتائج؟ وهل هناك عوائق لا يعرفها المواطن ونقسو على الجمعية في ظل جهلنا بها؟ ومتى بالتقريب نحتفل معها بمنجزات ونجاحات حقيقية ومباشرة. فكرة الجمعية لا غبار عليها وملحة في توقيت اختلطت فيه كثير من المفاهيم، والتنظيم الذي تستند عليه محفز على تقديم شيء وكما قيل لحظة التأسيس «مناسب المحتوى»، لكن أن يكون لدى الجمعية لَبْس أو ازدواجية في ترتيب الأولويات وتقديم اختصاص مهم وغير عاجل على اختصاص مهم وعاجل، هو ما يضع الجمعية ومجهوداتها في ركن ضيق وربما هامشي، ولو كنت أحلم أن تتحقق نصف رؤية الجمعية وثلث رسالتها على الأقل في السنوات الخمس المقبلة، فمن الرسالة نحتاج أن تكون رائدة في حماية المستهلك ومصدراً لارشاده، ومن الرؤية لا نريد أكثر من أن تحافظ على حقوقنا وتدافع عنها، وإن كان ذلك متعذراً فلتكن علامة «الفتحة» بديلة عن أختها الكسرة بمعية اللام الثانية لمفردة «المستهلَك»، ولن نطالب بعدها بشيء أبداً. [email protected] twitter | @alialqassmi