هل بقاء الجنود الأتراك الثمانية الذين اختطفهم "حزب العمال الكردستاني" أحياء ذنب يجب أن يعاقبوا عليه؟ وماذا قصد وزير العدل، محمد علي شاهين عندما قال انه لم يفرح بالإفراج عنهم وبعودتهم سالمين؟ فهل كان الأحرى بهم ان يموتوا حفاظاً على هيبة الدولة وشرفها العسكري؟ ومن يملك ضميراً يسأل عن مصير هؤلاء الجنود الذين رموا في السجن فور عودتهم، وبدأ التحقيق معهم وكأنهم المسؤولون عما حدث. والاتراك جميعهم يريدون ان يعرفوا تفاصيل ما حدث في ضاغليجه الموقع الذي قتل فيه"حزب العمال الكردستاني"12 جندياً تركياً واختطف 8 آخرين. وتنبهنا اجراءات المحكمة العسكرية في حق الجنود الثمانية الى حاجة تركيا الماسة الى دستور مدني مطبوع بروح مدنية حقيقية. فالمحكمة العسكرية لم تكتف بسجن الجنود بعد عودتهم، بل أمرت بمنع نشر اي خبر يتناول التحقيق، او المحاكمة، او الحادثة. والصمت لا يحل المشكلات التي تواجهها تركيا. وعلينا المبادرة الى الحوار من أجل إضعاف"حزب العمال الكردستاني"، والحؤول دون تطوع الشباب في صفوفه. ومسؤولية الحوار تقع على حزبين رئيسين انتدبهما الناخبون الاكراد في تركيا، هما"حزب المجتمع الديموقراطي"وپ"حزب العدالة والتنمية الحاكم"، وحصدا غالبية أصوات الشارع الكردي في الانتخابات الأخيرة. ويبدو أن الحزب الاول نادم على مشاركة عشرين نائباً منه في البرلمان التركي، وكأن مصير الحزب رهن استمرار الصراع المسلح والقتل. ولكن حل الخلاف مع"حزب العمال الكردستاني"لن يقصيه عن الساحة السياسية. ويبدو ان حزب العدالة والتنمية ربط استراتيجيته السياسية بالتدخل العسكري بشمال العراق. وإذا تلكأ في الحوار مع الأكراد، وتأخر في بدء المناقشات السياسية لحل القضية الكردية، فالأرجح أن تتبدد روح الانتخابات الاخيرة في 22 تموز يوليو. فالشعب أجمع، يومها، على المطالبة بالديموقراطية والحرية. ونال رئيس الوزراء، رجب طيب اردوغان، مراده من زيارته واشنطن، أي تبادل المعلومات الاستخباراتية الفورية، وتعهد الادارة الكردية في شمال العراق التضييق على"حزب العمال الكردستاني"ليخلي مواقعه. وهذه الاجراءات تحول دون شن الحزب هجوماً جديداً على تركيا. ولكن شتان بين اتخاذ تدابير لوقف هجمات"الكردستاني"وبين السعي الى تصفيته. فالقضاء على الحزب هذا لا يتأتى من وسائل عسكرية وحسب، بل يفترض، اليها، المفاوضات السياسية. ويغفل بعضهم عن ان الادارة الاميركية حثت الحكومة التركية على انتهاج حل سياسي. وتنسق أنقرة مع بغداد وسائل التصدي لپ"حزب العمال الكردستاني". وعليها توسيع دائرة التنسيق، وفتح قنوات حوار مباشرة مع شمال العراق. وبدأت تركيا تخطو خطوات صغيرة نحو الحوار مع شمال العراق. وزار وفد من الاحزاب الكردية اسطنبول، والتقى بعض مسؤولي الخارجية وپ"حزب العدالة والتنمية". وأعلن المسؤولون الأكراد ان قضية"الكردستاني"مشكلة مشتركة بين تركيا وأكراد العراق، وأن الحوار ضروري لحل المشكلة. وربطت أنقرة بدء الحوار بتسليم الجيش التركي بعض قيادات الحزب الكردستاني التي تعالج سراً في مستشفيات أربيل والسليمانية. ولا شك في ان تصريحات الرئيس العراقي، جلال الطالباني، تؤذن بالخير. فهو قال ان على"حزب العمال الكردستاني"ترك السلاح، وأن اكراد العراق عازمون على التصدي له، إذا هو لم يوقف هجماته في العمق التركي. عن ياسمين شونغار ، "طرف" التركية، 15/11/2007