طلبت انقرة أمس من الولاياتالمتحدة اتخاذ تدابير "عاجلة" ضد المتمردين الاكراد المتحصنين في شمال العراق، وحذرت من أن مستقبل العلاقات بين البلدين رهن بموقف واشنطن من هذه المسألة، في حين قصف الجيش التركي مواقع المتمردين. وقال رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان أمام البرلمان"سنوضح للاميركيين اننا نتوقع اجراءات عاجلة وملموسة ضد البؤر الارهابية"التابعة لحزب العمال الكردستاني في كردستان العراق. وكان اردوغان يبلغ نواب حزب"العدالة والتنمية"موقفه الذي سيدافع عنه عندما يلتقي الرئيس جورج بوش في البيت الابيض في الخامس من تشرين الثاني نوفمبر المقبل. ويتوقع ان تلتقي وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس المسؤولين الاتراك الخميس في أنقرة. وأضاف اردوغان ان"ارهاب حزب العمال الكردستاني اختبار لصدق الجميع. سنشدد على ان هذا الاختبار يحدد ... مستقبل علاقاتنا"مع أميركا. وأعرب ايضاً عن الامل في وضع"خريطة طريق"لمحاربة المتمردين في العراق لمناقشتها خلال زيارته واشنطن. الى ذلك، واصل الجيش التركي عمليات التمشيط في جنوب شرقي البلاد قرب الحدود العراقية. وألقت مروحيتا"كوبرا"قنابل على جبال جودي في محافظة شرناك جنوب شرق الحدودية. وشوهدت مروحية واحدة لنقل الجنود على الاقل تقل 20 عسكريا تقوم بإنزال فوق المنطقة بعد القصف في حين حلقت ثلاث أخرى فوق المنطقة التي تعرضت للقصف. وشوهدت ايضا قافلة من 18 شاحنة عسكرية أمس تتجه الى الحدود العراقية. وكان الجيش التركي حاصر نحو مئة من مسلحي حزب العمال الكردستاني في محافظة هكاري عند تقاطع الحدود العراقية - الايرانية. وذكرت وسائل الاعلام أن أربعة جنود قتلوا في العمليات لكن الجيش التركي أعلن ان قتيلاً واحداً سقط في صفوفه. وعزز الجيش انتشاره على طول الحدود العراقية حاشداً 100 ألف عنصر في هذه المنطقة بعد ان هدد بالتوغل في شمال العراق ل"تنظيفه"من معسكرات حزب العمال. وازدادت حدة التوتر بعد الهجوم الدامي الذي شنه الحزب في 21 تشرين الاول اكتوبر وقتل خلاله 12 جنديا تركيا وأسر ثمانية في جنوب شرقي الاناضول. من جهته دعا رئيس اقليم كردستان العراق مسعود بارزاني المتمردين الاكراد الى التخلي عن العنف محذراً في الوقت ذاته من انه"لا يأخذ أوامره"من أنقرة التي تتهمه بالتغاضي، بل وبتقديم الدعم للانفصاليين الذين يستخدمون كردستان العراق قاعدة لشن هجماتهم الدامية في تركيا. وقال بارزاني محذرا في حديث الى صحيفة"ملييت""إما ان يتخلى حزب العمال الكردستاني عن العنف أو يجد نفسه، ليس في مواجهة تركيا فحسب، بل الأمة الكردية كلها". ودعا أنقرة الى"التعاون للتوصل الى حل سلمي وديموقراطي للقضية الكردية"، مقترحاً عليها اصدار عفو عن المتمردين الذين يشنون حربا دامية على الجيش منذ 23 عاما. وأضاف أن"التاريخ أظهر ان هذه المشكلة لا يمكن حلها بالوسائل العسكرية"، مبديا استعداده للقيام"بأي شيء لتمهيد الارض هنا"لتسوية سلمية. واعرب عن الأسف لرفض انقرة الحوار مباشرة مع اكراد العراق. وقال متعجباً:"انتم لا تريدون التحدث الي ثم تطلبون مني التحرك ضد حزب العمال الكردستاني. فكيف يمكن ذلك؟". واضاف:"انا صديق لتركيا لكنني لا آخذ أوامري من أنقرة او غيرها". وتابع:"كيف يمكن تفسير عداء تركيا لكردستان العراق. ربما لأننا المشكلة الحقيقية لأنقرة وليس حزب العمال الكردستاني". وحصل لقاء الاسبوع الماضي في أنقرة بين وفد عراقي ومسؤولين اتراك من دون التوصل الى تقدم لحل مشكلة وجود المتمردين في كردستان. وقال المسؤول الاول في الحزب الشيوعي الكردي في العراق كامل شاكر ان"فشل اجتماع انقرة مرده تصلب الجنرالات الاتراك الذين يعتبرون أن مجرد لقائهم مع ممثلين من كردستان يجعلهم يخسرون ماء الوجه". وستستمر هذه المفاوضات في اطار اجتماع اقليمي للدول المجاورة للعراق يعقد في اسطنبول في نهاية الاسبوع، وستثار مجدداً مسألة قواعد حزب العمال الكردستاني في العراق. ورفض العسكريون الاتراك استقبال عضوي الوفد العراقي الكرديين، وهما صافين ديزاي، مدير العلاقات الخارجية في الحزب"الديموقراطي الكردستاني"برئاسة بارزاني، وعماد احمد، وزير العمل واعادة الاعمار وعضو"الاتحاد الوطني الكردستاني"برئاسة جلال طالباني. وقال كامل شاكر إن"العسكريين متصلبون في طريقة تفكيرهم ورؤيتهم. لا يريدون لقاء ممثلين عن كردستان ولا الحوار مع الرئيس مسعود بارزاني ولا يريدون ان يسمعوا بكردستان". وأشار الى ان حجر العثرة الآخر بالنسبة اليه هو مسألة انتشار البيشمركة، الميليشيا التابعة لحكومة كردستان العراق، عند الحدود بين العراقوتركيا. وقال ازاد سلام المعلق السياسي في اسبوعية"اربيل كرديش غلوب"الصادرة بالانكليزية، إن"العراقيين اقترحوا ان تراقب قوات اميركية وعراقية الحدود بين العراقوتركيا، إلا ان الاتراك رفضوا هذا الاقتراح". وتابع ان"الاتراك يطلبون اقفال قواعد حزب العمال الكرستاني في كردستان وتوقيف قادة الحزب وتسليمهم. هذه المطالب أفشلت المحادثات". وتابع الصحافي الكردي:"لا يريد العسكريون اي حوار سياسي"، مضيفاً:"يريدون على العكس مزيدا من التوتر لتأكيد سلطتهم عن طريق استخدام حزب العمال الكردستاني ذريعة".