قبل أيام من الانتخابات الرئاسية الإيرانية في 2009، حين اصطف جميع الأحزاب والمجموعات المعادية للثورة في داخل إيران وخارجها وراء من يزعم الإصلاح لدعم مير حسين موسوي، نشرت مقالاً طعن بالأهداف المعلنة لهذا الائتلاف المتنافر الذي يجمع مجموعة المنافقين،"مجاهدي خلق"وأنصار الشاهنشاهية والماركسيين وحركة الحرية والقوميين ومدّعي الإصلاح الذين رفعوا راية دعمهم لمير حسين موسوي، فأهداف بعض عناصر الائتلاف هذا لم تكن منسجمة، بل متعارضة. وجلي أن بعض هذه العناصر لا يتمسك بالمبادئ الإسلامية، ما يؤثر عل? صدقية صدوعها بالدستور الإيراني. ولم يخفَ يومها أن الائتلاف هذا يمسك بمقاليده المحور الأميركي-الإسرائيلي الذي يرمي إلى إسقاط النظام الإيراني. وفي وقت لاحق، ثبت أن وراء الائتلاف المؤيد لموسوي محور أميركي-إسرائيلي?بريطاني. ووصف مسؤول مجلس العلاقات الخارجية الأميركية موسوي ومن يصطف وراءه ب"الائتلاف الأبيض". لكن الائتلاف هذا لم يفلح في بلوغ أهدافه جراء دفاع الأمة عن القيادة والنظام. واليوم، نستخدم المعادلة ذاتها لكن من زاوية أخر?، حيث نتابع النشاطات الانتخابية المبكرة، والتي تؤشر إل? نوايا الائتلاف السابق الذي أبصر النور في 2009، والذي يريد أن يتوسل حيلة جديدة: يحمل جماعات وتيارات سياسية على اتخاذ مواقف متعارضة ومتباينة. لكن وجهة هذه التيارات واحدة، وترمي الى تنفيذ مخطط رسمه قادة اللعبة الرامية إلى إسقاط النظام الإيراني. وليست هذه المخططات من بنات اليوم. وثمة قواعد لمواجهة مثل هذه النزاعات المصطنعة والشكلية التي تشير بوصلتها المعلنة إل? اتجاه مختلف في وقت هي تجمع عل? مبادئ واحدة. وتبرز الحاجة إلى الطعن في نزاع أبرز مجموعتين متعارضتين، وفضح أهدافهما المشتركة. وعليه، الحذر واجب إزاء مجموعتين مختلفتين في الظاهر لكنهما تسيران نحو هدف مشترك وهما"المجموعة المنحرفة"و"أصحاب الفتنة"، فخلافهما المعلن شكلي، وخصامهما لا يعتد به، في وقت تجمعهما قضية واحدة. وتشن المجموعتان الهجمات على الخطاب الأصولي من غير هوادة، وهو الخطاب الذي يستند إل? المبادئ الإسلامية والثورية الذي يعود إليه الفضل في الإنجازات العلمية والمدنية والتكنولوجية في الجمهورية الإسلامية والذي ارتقى نموذجاً تقتدي به الثورات الإسلامية في المنطقة ، ورفع راية مواجهة الاستكبار في العالم . يُبرز تيارا الانحراف والفتنة نقاط تباينهما، ويتستران على التزامهما العلمانية التي تدعو ال?"فصل الدين عن السياسة". وأعلن أصحاب الفتنة فشل المشروع الديني وضرورة إسدال الستارة عليه، في وقت يقترح تيار الانحراف فكرة"المدرسة الإيرانية"لتتربع محل"المدرسة الإسلامية"وطي ولاية الفقيه. مواقف المجموعتين متخاذلة أمام القو? الاستكبارية و"انهزامية". وهما أعلنتا استعدادهما للتضحية بالمصالح الوطنية من طريق إساءة التوسل بمناصب أتباعهما في الحكومة الإصلاحية أو في الحكومة الحالية، للمساومة عل? الأمانة لتحقيق مآربهم السياسية المعارضة لأهداف الشعب. وعارض الاتجاهان مكافحة الفساد المالي والاستيلاء عل? بيت المال، ورأت فرقة الانحراف أن مكافحة الفساد هي"عمل غوغائي"، ووصفها أصحاب الفتنة ب"اعمال ابداعية تستحق التكريم". وفي المجال الثقافي، يلتقي التياران وإن اختلفا في ظاهر الأمر. ولكن، لماذا يزعم هذان التياران الخصام؟ لا شك في أنهما يريدان إشغال الأصوليين بقضايا هامشية وجرهم إلى ساحة الأعداء. ويعتقد تيار الفتنة وتيار الانحراف أن الحاضنة الشعبية تدعم الخطاب الأصولي في الانتخابات الرئاسية القادمة، وان هذه الانتخابات ستشهد حماسة جديدة لا تقل حماسة عن المناسبات الوطنية الأخر? لرفع لواء الثوابت الوطنية والإسلامية والثورية. ومحور الثوابت هذه هو القائد-المرشد، لكن تيار الفتنة الذي تلقى صفعة قوية من الخطاب الأصولي يسعى الى تقويض هذا الخطاب، متوسلاً مواقف التيار المنحرف، فيما يعبّد تيار الانحراف الطريق أمام عودة تيار الفتنة إلى الساحة السياسية . * رئيس تحرير الصحيفة، عن"كيهان"الايرانية، 4/3/2013، إعداد محمد صالح صدقيان