ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أمس ان مسؤولين سعوديين وعدوا باتخاذ سلسلة من الاجراءات الجديدة لمكافحة الارهاب في اجتماع مع مسؤولين اميركيين في آب أغسطس الماضي. وأضافت ان مسؤولين من مجلس الامن القومي الاميركي ومكتب التحقيقات الفيديرالي اف بي اي ومسؤولين من وزارة الخارجية والخزينة التقوا اخيراً مسؤولين سعوديين في الرياض لمناقشة جهود مكافحة الارهاب. واعتبرت الاتفاق الذي توصل اليه الجانبان مؤشراً الى "تقدم غير عادي في العلاقات المتوترة بين الولاياتالمتحدة والسعودية" منذ هجمات 11 ايلول سبتمبر. في غضون ذلك تستعد اسبانيا للبدء قريباً، ربما خلال هذا الاسبوع، لمحاكمة نحو عشرين شخصاً اعتقلوا خلال العامين الماضيين بتهمة الانتماء الى تنظيم "القاعدة". واوضحت مصادر مطلعة في مدريد ان اعتقال مراسل قناة "الجزيرة" تيسير علوني "ساهم في اكمال الملف واتاح إمكان البدء بالمحاكمة"، لكنها اشارت الى ان شخص أو شخصين كالمدعو "شكور" عجزت اجهزة الامن عن اعتقالهما. وبين هذه الاجراءات "تنظيم التبرعات المالية بشكل اكثر دقة ومنع التبرعات في المساجد وفي الصناديق الموضوعة في المراكز التجارية"، ونشر فريق سعودي - اميركي مشترك لمكافحة الارهاب يضم عشرة من مكتب الشرطة الفيديرالية الأميركية اف بي اي وخدمات العائدات الداخلية. ويعتقد الاميركيون ان تلك التبرعات تستخدم لتمويل الارهاب كما بالنسبة الى انشطة تبييض الاموال، وقد درس الجانبان امكان قيام مجموعة دولية بمراجعة الاجراءات السعودية لمكافحة تبييض الاموال إلا ان مسؤولاً اميركياً اوضح ان هذه المراجعة مؤجلة. وكان من المقرر ان يغادر وزير الخزانة الاميركي جون سنو واشنطن أمس في جولة تستغرق عشرة ايام في الشرق الاوسط ووسط آسيا لمناقشة مسائل تمويل الارهاب وتنمية الاقتصاد وجهود إعادة إعمار العراق وافغانستان. وذكر بيان لوزارة الخزانة نشر الأسبوع الماضي انه "في اطار الحرب على الارهاب فقد اتخذت السعودية خطوات مهمة للحيلولة دون استغلال الجمعيات الخيرية لتمويل الارهاب". وتسعى الولاياتالمتحدة أيضا إلى مزيد من التعاون مع السلطات السعودية لوقف التبرعات من المؤسسات الخاصة والأفراد للمقاومة الإسلامية في فلسطين حماس وباقي تنظيمات المقاومة في الضفة الغربية وقطاع غزة. وقال مسؤولون اميركيون ان السعودية ابدت مزيدا من التعاون في مكافحة الارهاب في اعقاب سلسلة التفجيرات في العاصمة السعودية في ايار مايو الماضي. ونقلت "نيويورك تايمز" عن عادل الجبير، مستشار ولي العهد السعودي للشؤون الخارجية، أن "العمل مع الولاياتالمتحدة ليس لمجرد المتعة، بل هو ضرورة ملحة"، مؤكداً أن التعاون بين البلدين وصل إلى مستوى لا سابق له. وكشف مسؤولون أميركيون أن السلطات السعودية حصلت على عينات وراثية من أقارب منفذي الهجمات وسلمتها إلى السلطات الأميركية لمقارنتها مع البقايا الآدامية لديها بهدف التحقق من هوية منفذي التفجيرات في الولاياتالمتحدة. اسبانيا: المحاكمة قريبة من جهة اخرى، انكب القاضي بالتاسار غارثون خلال نهاية الاسبوع على درس ملف التحقيق الخاص بتنظيم "القاعدة" في اسبانيا والذي يضم اكثر من ستة آلاف صفحة ومستند. وقالت مصادر قضائية ان غارثون على وشك اعلان محاكمة معظم الذين كانوا اعتقلوا خلال العامين الماضيين، وقد بلغ عددهم عشرين شخصاً لكن تسعة منهم فقط آخرهم تيسير علوني موجودون في السجن كان الآخرون اطلقوا بكفالات. ويضم الملف تحقيقات جرت، بطلب من غارثون، مع اشخاص في اندونيسياوالمانيا و بلجيكا واليمن وسورية. وكان المدعي العام بيدرو روبيرا طلب منذ حزيران يونيو الماضي محاكمة المعتقل عماد الدين بركات ابو دحدح بصفته "متعاون ضروري" في اعتداءات 11 ايلول سبتمبر. وتؤكد المصادر نفسها ان غارثون سيستجيب هذا الطلب خلال الايام المقبلة، وبعد الانتهاء من التدقيق في كامل الملف، كما تشير الى ان "هذين الاتهام والتورط الخطيرين ينحصران ببركات وحده". ومن المحتمل ايضاًً ان تعلن براءة ستة من المعتقلين. واذا ما حصل ذلك فإن "ابو دحدح" سيكون الشخص الثالث الذي يحاكم في اوروبا على خلفية اعتداءات 11 ايلول، بعد منير المتصدق وعبد الغني مزودي اللذين يحاكمان في المانيا. وهما مغربيان مشتبه بأنهما من "أعوان" محمد عطا، القائد المفترض لمنفذي تلك الاعتداءات. ومعروف ان ملف القضية لم يتمكن من اثبات علاقة "ابو دحدح" بمحمد عطا الذي أمضى "اجازتين" في اسبانيا قطع خلالها اكثر من ألفي كيلومتر من دون ان تتمكن اجهزة الامن حتى الآن من تحديد هوية من أتصل بهم أو التقاهم. ويكمن اللغز الاهم في تحديد هوية المدعو "شكور" الذي سجلت له اجهزة الامن مخابرتين هاتفيتين في 6 و26 آب اغسطس 2001, اي قبل وقت قليل من هجمات 11 ايلول. ويقول "شكور" فيها لبركات: "اعمل الآن في مجال التدريس. وصلنا الى حقل الطيران وقد ذبحنا العصفور". وطلب منه ألا يفاتح أحداً بذلك، مضيفاً "ان هدفي هو هدفي ولن ادخل في التفاصيل"... ثم عاد واتصل به في 6 و20 و29 ايلول 2001. واستنتج القاضي ان"شكور" لم يساهم في الاعتداءات او أنه كان بصدد الاعداد لعمليات مشابهة اخرى. وينفي "ابو دحدح" معرفته بهوية هذا الشخص ويقول انه صديق احد اصدقائه وكان معتقلاً في الامارات وهرب، وانه اتصل به طلباً للمساعدة لأنه كان يعرف ان شقيقه يعمل في الامارات. واوضح ان هذا الشخص كان يسافر كثيراً وكان يهذي في بعض الاحيان فلم يكن يفهم ما يقوله ما دفعه الى الابتعاد عنه. لكن القاضي والمدعي العام والشرطة لم يصدقوا ما قاله "ابو دحدح". ويستند غارثون الى تحقيقات في المانيا اطلع خلالها على المفكرة الشخصية لسعيد بهاجي الذي كان يسكن مع عطا وشاهد رقم هاتف "ابو دحدح" فيها. من جهة اخرى ادلى الصحافي تيسير علوني بحديث تنشره اليوم احدى الصحف الالكترونية على الانترنت اكد فيه، بعد الاتهامات التي وجهت اليه، وجود "سوء تفاهم يعود الى عدم معرفة القاضي غارثون، وهو صاحب شهرة ومكانة، بالخاصة الثقافية التي تتحلى بها الجالية السورية التي انتمي اليها".