بعد ثلاثة أشهر من التحقيقات المكثفة لم تتمكن اجهزة الأمن الاسبانية من فك لغز زيارتي الطيار محمد عطا المتهم بقيادة هجمات 11 ايلول سبتمبر، الى اسبانيا في شكل كامل، علماً انه زار مدريد وانتقل منها الى مناطق جنوبية وشرقية خلال كانون الثاني يناير وتموز يوليو الماضيين. ويؤكد المحققون الاسبان انه جاء للقاء زعماء في تنظيم "القاعدة" بزعامة اسامة بن لادن، مقيمين في المانيا وفرنسا وايطاليا واسبانيا، لكن المحققين لا يعتقدون ان الاعتداءات في الولاياتالمتحدة كانت محور تلك الاجتماعات، ويرجحون ان خطة عملية بهذا الحجم كانت أصبحت جاهزة في ذلك التاريخ. ويشكون في الوقت ذاته في ان الزيارتين شهدتا تحضيراً لاعتداءات أخرى كانت ستنفذها خلايا أوروبية أو ستشنها لاحقاً. اما سبب اختيار اسبانيا فيعود أولاً، في رأي الخبراء، الى سهولة الدخول الىها، خصوصاً انها معبر آمن لمن يرغب في دخول باقي دول أوروبا بعد إلغاء الحدود بينها، فيما دخول بريطانيا صعب جداً. وثانياً لأن تنظيم "القاعدة" كان تلقى في المانيا، حيث أقام محمد عطا، ضربة قوية عقب اعتقال أحد أفراده محمد بن صخرية في اسبانيا أواخر حزيران يونيو الماضي، وعدم تمكن رمزي بن الشيبه، اليمني الجنسية الذي كان يسكن مع عطا في هامبورغ، من التدرب على الطيران في الولاياتالمتحدة، أو المشاركة في عمليات 11 ايلول بسبب رفض السلطات الاميركية منحه تأشيرة دخول. وغادر بن الشيبه في الخامس من ايلول المانيا متوجهاً الى مدريد، حيث بقي يومين في منزل خاص. واكد القاضي الاسباني غارثون ان بن الشيبه اتصل بالذين يشتبه في انتمائهم الى منظمة أوقف ثمانية من أفرادها، ثم غادر الى وجهة مجهولة يعتقد الاسبان والالمان انها اندونيسيا. اما اللغز الأهم فيكمن في سبب مجيء بن الشيبه الى اسبانيا ومغادرته بعدما اشترى بطاقة عودة الى المانيا، لم يستعملها، في التاسع عشر من ايلول، كما يكمن في مضمون رسالة بعث بها محمد عطا من مطار مدريد عبر الانترنت الى الولاياتالمتحدة، قبل ركوبه طائرة العودة الى فلوريدا خلال تموز يوليو الماضي. ولم يتمكن الخبراء من تفكيك شيفرة الرسالة لأن كل رسائل ذلك الشهر ألغيت، كذلك لم يتعرف الى هوية المدعو "شكور" الذي تكلم معه الموقوف السوري عماد الدين بركات أبو دحدح في السابع والعشرين من آب اغسطس، وقال له: "انني في صدد اعطاء الدروس ودخلت حقل الطيران وذبحنا العصفور". ويعتقد الخبراء ان "شكور" ليس أحد الطيارين بل "انتحاري آخر" ما زال في أوروبا.